هل رأيت حشرة سرعوف الورقة الميْتة؟
- الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
شدد الدكتور
هشام عزمي الباحث في ملف الإلحاد، على أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن خلق
آدم كان من قبضة قبضها الله من جميع الأرض فيه منافاة صريحة لكون هذا الخلق
متطورًا عن أنواع سابق أو عن أشباه بشر، وإلا لما كان للفظة القبض أي مدلول أو
معنى.
وتابع في كتابه
"التطور الموجه بين العلم والدين": إن ما يذكره التطوريون من أهل القبلة
من كون آدم قد تم اصطفائه وانتقائه من بين أشباه للبشر أو للإنسان ليست مما يعسر
عن فهم عوام الناس، فلماذا لم يذكره الوحي بوضوح؟ ولماذا يلجأ النبي لاستعمال
عبارات وتعبيرات لا تفيد معناه بل تعارضه بهذه الصورة الجلية؟ أليس هذا من التضليل
الذي يتنزه الشرع عنه؟
وأردف: فإذا
جازت صحة نشوء الإنسان من أصل سابق وأن هذا هو مقصود نصوص الوحي في الحقيقة لا
تكون لهذه النصوص أي حقيقة، بل هي كلها مجازات بعيدة واستعارات واسعة، ومعلوم أن
الله تعالى لا يخاطب عباده وكذلك الرسول لا يخاطب أمته إلا بما يفهمونه ويعرفونه
من كلامهم ولغتهم، لا بما تشق فيه الفهوم وتجهد فيه الأذهان، لأن مهمة الرسل هي
دعوة الناس بمنتهى الوضوح وأفضل البيان، وإلا فمن السهل على رسول الله صلى الله
عليه وسلم أن يبين لقومه إن آدم مخلوق من أب وأم من جنس آخر أو من أسلاف من أشباه
البشر عن طريق التطور، كان من الأكثر سهولةً ووضوحًا وبعدًا عن اللبس أن يبين رسول
الله صلى الله عليه وسلم هذا الكلام لقومه بلا عسر ولا مشقة، فلماذا يُعلّم الرسول
قومه أن الله خلق آدم بيده من تراب الأرض خلقًا مستقلاً ثم نفخ فيه الروح؟! لماذا
يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا رغم أن معاني التطور والسلف السابق والأصل
المشترك للكائنات ليس من الصعب التعبير عنها أو إفهامها أو إيضاحها؟ هل يرغب
الرسول أن يضل الناس؟ هل يشتتهم بهذا الكلام الغيبي رغم أن حقيقته شيئًا بعيدًا
تمامًا عن ظاهره؟
وأردف: فهذه
المعاني من قبيل كون آدم له أب وأم ونشأ من جنس آخر غير بشري ليس فيها ما يبعد عن
فهم العامة من الناس، فلماذا لم يبينها الله ورسوله بأيسر سبيل وأقصر طريق بدلاً
من هذا الطريق الوعر الذي يسلكه التطوريون من أهل القبلة في تأويل نصوص الوحي؟
لماذا لم يعلّمها رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحابته الكرام رضي الله عنهم
جميعًا وهو المعلم الأعظم الذي علمهم الكتاب والحكمة، وقد نقلهم عن كل عادة سيئة
إلى أحسن العادات والسير والشرائع، فإن كان التصريح بهذه الأمور مشروطًا بشروط لا
بد أن تتوافر في المعلم والمتعلم، فلا أفضل من هذا المعلم ولا من هؤلاء المتعلمين،
فهلا علّمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيّنها؟ ثم هب أن العامة لا يمكنهم
فهمها فهلا بيّنها للخاصة؟ ثم كيف يجوز هذا وقد وجدنا أن في الكتاب والسنة تصريحٌ
بالخلق المستقل لآدم وكونه بلا أب ولا أم، فإن كان كل هذا التصريح مخالفًا للحق مع
تكراره مرة بعد مرة أفلا يكون هذا تلبيسًا وإضلالاً؟ حاشا لله! بل نحن نشهد أنه قد
بلغ وأبان ووضح فما ترك غامضًا ليؤوله أحدٌ من دونه صلى الله عليه وسلم، فلا
يُحتاج مع بيانه وبلاغه وتوضيحه إلى التأويل والتكلف والحذلقة.