أفلا تبصرون.. هل رأيت نمل الباندا من قبل؟!
- الأحد 24 نوفمبر 2024
شوقي علام
قال فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الاستبشار بقدوم العام الجديد والتأمل في انتهاء عام وبداية عام جديد أمر مطلوب شرعًا، وهو بمثابة مراجعة الذات ومحاسبتها على عملها في العام المنقضي لتلافي السلبيات والتقصير فيما سلف.
جاء ذلك خلال
لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد، خلال
استعراضه حصاد دار الإفتاء المصرية للعام المنتهي 2022، مضيفًا فضيلته أن محاسبة
النفس دأب أهل الهمَّة العالية والعقول الراقية التي تنشد الكمال. وينبغي أن يكونَ
الإنسان ذا همَّةِ عالية، فسيحَ الأمل، واسعَ الرجاء، مستشرفًا للمستقبل، عاملًا
منتجًا للحياة، يعطيها كما يأخذ منها، وعليه التمسك بالأمل والثقة بالله فهما قوةٌ
باعثةٌ على العمل، ومن العوامل المؤثرة في استنهاض النشاط والهمة في الروح والجسد،
واستدعاء مظاهر الاستبسال، والكفاح نحو أداء الواجب، ودفع اليائس إلى الجِد،
وتكرار المحاولة مرة بعد أخرى حتى يتحقق نجاحه.
وشدد فضيلته على
ضرورة العمل الدءوب واستفراغ الوسع في الأخذ بالأسباب المادية، وعلى المسلم أن يثق
ثقة كاملة غير منقوصة بقدرة رب العزة سبحانه وتعالى وأنه لا يُعجزه شيء في الأرض
ولا في السماء، وبغير هذه الثقة لا يكون الأمل أملًا في الله، وإنما هو أمل في
الأسباب المادية التي إن تلاشت يسيطر اليأس على قلب الإنسان.
وتوجَّه فضيلة
مفتي الجمهورية إلى المسلم ناصحًا له بأن يُعدَّ نفسَه إعدادًا جيدًا في كل وقت
وحين، وأن يتأمَّل في انقضاء العام بعد العام فيُطهر نفسه بالتوبة إلى الله تعالى؛
لينال الجائزة الكبرى والمغفرة لذنوبه وألا ينفق وقته وعمله في غير طاعة الله حتى
لا يرغم أنفه ويخسر المغفرة، وعلى مَن أراد التقرُّب إلى الله عليه بالتوبة وعليه
أن يسارع بالتخلص من التبعات بردِّ حقوق العباد واستغفار الله عزَّ وجلَّ، والندم
على ما فات من تقصير في حقِّه عزَّ وجلَّ، وأن يتخلَّص الناس من النزاع وأكل حقوق
بعضهم البعض حتى تقلَّ القضايا والمنازعات التي أرهقت المحاكم، وعليهم كذلك الكفُّ
عن أساليب الخداع والتحايل.
ولفت فضيلته
النظرَ إلى أنَّ المنهجية العلمية للشرع الشريف والمأخوذة من القرآن والسنَّة قد عمل
العلماء على ترسيخها عبر العصور، وهي التي تلقَّفها الأزهر الشريف، وسارت كذلك على
دربها دار الإفتاء المصرية، ومن بين سماتها التواضع واحترام رأي الآخرين وعدم
المصادرة على أقوالهم، وهي تصبُّ في صالح التَّدين الصحيح، وتحقِّق الأمن
المجتمعي، الذي به تستقرُّ المجتمعات، وهو منهج الرسول صلى الله عليه وسلم، المنهج
الذي لا يعرف التعارض بين العقل والنقل، ونحن مع العقل والنقل ولا تعارض بينهما.
وتطرق فضيلة
الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية- إلى مسألة تخوُّف البعض من تزايد
الإقبال على الفتاوى الدينية من أنها تؤدِّي لتكريس الدولة الدينية قائلًا: إن
تزايد الطلب على الفتوى من دار الإفتاء لا يعني تكريس مفهوم الدولة الدينية؛
فالإسلام لا يعترف بالدولة الدينية (التي تعني الحكم بناءً على تفويض إلهي
والتسلُّط على الناس باسم الدين)، بل إنَّ الإسلام عرف الدولة المدنية الحديثة
الحاضنة للجميع.
وقال فضيلة مفتي
الجمهورية موضحًا: إن كثرة الأسئلة الواردة إلينا في دار الإفتاء المصرية ليست
ظاهرة سلبية، بل لها جوانب إيجابية كعودة ثقة الناس بالمؤسسات الدينية الرسمية،
وضبط الفتوى -بفضل جهود دار الإفتاء- بعد ما تَمَّ استردادها من الجماعات المتشددة
التي أثرت على الناس لفترة من الزمن ونفَّرت الناسَ ظلمًا وبهتانًا من المؤسسات
الرسمية الدينية، فالفتوى ليست ملزمة، بل مطمئنة وناصحة؛ فالمستفتي يريد أن يطمئن
ويريد مَن يأخذ بيده.