هل يتعمد إبراهيم عيسى تشويه التاريخ الإسلامي؟ (فيديو)
- الخميس 21 نوفمبر 2024
في جملة
السؤالات التي يسألها ملاحدة كل زمان، يسطر القرآن سؤالًا خالدًا عن إمكان البعث
بعد الموت، ذلكم السؤال الشهير الذي يؤرق كل إنسان: " أإذا ما مت لسوف أخرج
حيا؟
في الحقيقة نجد
إجابة هذا السؤال تكمن في سؤال آخر أيضًا، لكن الذي يسأل هذه المرة هو الإله؛ وهنا
سؤال على سؤال؛ ماذا إن كان السائل هو الإله، والمسئول هو الإنسان!!! ها!! خبِّرني
يا صديقي ماذا حين يسألك الإله؟؟
في الإجابة عن
سؤال البعث، سأل الإلهُ الإنسانَ سؤالًا تقريعيًا يشبه سؤال الأب لابنه العاق الذي
جحد فضل أبيه عليه ولله المثل الأعلى؛ وبالمناسبة فلقد كان سؤالًا تذكيريًا قبل
الدخول في أية تفاصيل، وأما خلاصته فيمكن التعبير عنها بجملة واحدة وهي: "هل
نسيت نفسك يا حبيبي؟"
أَوَلا تذكر أنا
خلقناك من قبل ولم تك شيئًا؟ نعم... لم تك شيئًا؛ كان كل شئٍ في الوجود إلاك، لقد
حضر الجميع ثم جئت متأخرًا عن الركب متسلقًا آخر المقصورة في قطار الحياة!! أيكون
مجيئك للملكوت الواسع إلا كتساقط حبة غبار؟ وعظمتي وكبريائي إنك لم تَصِرْ إلى ما
صِرْتَ فيه، ولم تؤل إلى ما أُلت إليه إلا أني كرمت من عندي شيئًا.
لكن أتدري كم هو
أنت على الحقيقة وما حجمك في عالم الوجود؟
أخي... هيا بنا
في رحلة طويلة لندرك الأمر معًا....
فلنتصور أننا
نمسك بالكاميرا في إحدى الحدائق العامة، ومن على بعد ستة أمتار نرقب (رجلًا) بجوار
زوجته متكئين على حشائشها الخضراء الجميلة، وفي يده وردة حمراء كحب الرمان ينبعث
أريجها عبر الزمان، ثم تنتقل تلك الوردة الناعمة إلى يد أنعم منها؛ لتنعم
باحتضانها وتبتهج بريح عبيرها...
خذ نفسًا عميقًا
وخذ أيضًا لقطة سريعة تقطع مشهد الحبيبن...
هيا بنا لنصعد
إلى الدور السابع في أحد الأبراج الشاهقة المطلة على الحديقة، ومن شرفة إحدى
النوافذ نتأمل مشهد الحبيبين، خذ بكاميرتك الحسناء لقطة، ثم اعرض علينا ما رأيت...
تشاهد في اللقطة
الثانية (رقعة خضراء) رائعة يستلقي عليها جسدان متقاربان يَخفى عليك صنيعهما وتبهت
ورودهما في لقطة بعيدة عابرة...
لنكمل الصعود
معا إلى منتهى البرج الشاهق ولنودع آخر لقطة تحوي هذين الزوجين...
ترى في هذه
الصورة (حديقةً) ذات مروج خضراءَ، وأشجار ورقاءَ، وما يلتصق بأديم الأرض من زهورٍ
حمراءَ وصفراءَ... لكنك في النهاية ترى حديقةً ولا ترى شيئًا سواها، فتفاصيل
صاحبينا قد ضاعت
!!!
ثم هب أن الزمان
قد حنَّ عليك ومنَّ، وجاءك الخبر السعيد وشنَّ، أن لعبت معك الأيام... فصدقها ولا
تُجنَّ، من بين ملايين البشر جاءك اليوم الذي تركب فيه طائرة
"الهليكوبتر" لتحلق فوق الحديقة...
في الحقيقة لن
ترى حديقة، فتلك هي اللقطة الرابعة، والتي تصور ملمحًا من ملامح القرن الحادي
والعشرين؛ ملمحًا يرى الحضارة عمارة، وبُرجًا ومنارةً.
هل أبالغ حين
أزعم أنك ترى (جملة من المباني) تشبه مكعبات أطفالنا المتراصة بطريقة مألوفة
وفاترة؟
دعك من
"الهليكوبتر" الآن واسمح لنا أن نحلقَ كالصقور وننظرَ إلى أرضنا الحبيبة
من بين بياض السحاب وزرقة السماء، فنحن الآن على متن طائرة تقطع غرب آسيا الكبرى
مارة ببحرها الأحمر الأزرق لتصل إلى قفار القارة السمراء.
وإلى هنا تنتهى
تفاصيل ما يدعيه البشر من إبداع وجمال؛ فكل ما على الأرض متساوٍ في المعالم
والمآل، فهذي قصور الملوك تشبه أكواخ المساكين، وذي سيارات الأثرياء تؤاخي عربات
الفقراء، و أما مدن أوروبا الزاهرة؛ فمن بعيد كأدغال أفريقيا المفجعة وصحاريَ آسيا
الغابرة، ولا تحدثني بعد عن أكذوبة كوكب اليابان !!!
إذًا فماذا ترى
في تلك اللحظة يا عزيزي؟ حقًا أنت لا ترى
إلا آفاقًا من الأرض كما ولدت، كأنما لوحة فنية بأبهج الألوان قد خُلطت؛ فمهابة
البحر قد اعترك في رسمها لونانِ؛ أزرق وأبيض، ومع براءة الأخير إلا أن ماء الحياة
أبى أن يصطبغ إلا بلون السماء؛ حتى لكأنك ترقب سماءً تحت السماء... فهل كان عليهم
أن يقولوا: الطيور على ألوانها تقع؟
يقطع انسياب
الماء لونٌ هو رمز للسلام، فيابسة الأرض قد امتلأت بالنبتة الخضراء، التي تبعث في
النفس الهدوء والرخاء، لكن مهلًا... ماذا يفعل بنا الأخضر؟ هل هو إلى النفس رسول
السلام؟ أم أنه لون الحياة؛ وبريد أوراق الربيع
بعد رُقاد أيام الخريف؟ كلا بل هو لون العراقة والجمال؛ كما تحكيه لنا قطعة
من أحجار الزمُرُّد الخضراء المُندسة في ثنايا الجبال.
ومرة أخرى من
على متن تلك الطائرة يمكنك أن تحلق فوق ما شئت من روائع تلك الخضراء؛ لكن الأمر لا
يَسْلَمُ لك حين تهبط على أي ثكنة منها؛ فقاطنوا تلك المعمورة قد استحدثوا مجموعة
أختام وأوراق كي يجيزوا لك السفر فيما ملكوه بالقوة والسلطان، جوازات سفر تدور بين
الأحمر والأزرق والأسود والأخضر؛ وفي الوقت الذي اختارت فيه معظم دول الإسلام لون
السلام؛ كان لدول آسيا الشيوعية - كالصين وروسيا وصربيا- نصيب لون الدم، وأما
الأزرق -البارد- فأكثر ما تستحقه ولايات أمريكا العظمى، ولا زال السواد مكتوبًا
على أدغال أفريقيا.. وبعيدًا عن كل هذا يبقى السؤال، ما السِرُّ في أن يرسل الأخضر
دون غيره رسل الصفاء والسلام؟ وهل تلك مسألة يمكن أن يجيبنا عنها العلم التجريبي
الحديث؟ أم أنها حكر على ما تقوله الفطرة والنفس؛ فلا ينبغي للعلم أن يحشر هاهنا
أنفه؟
لنَنْسَ الآن
الرجل وامرأته، والرقعة الخضراء وحديقتها، والمباني ومكعباتها، ومن بعيدٍ البحر
ومهابته واليابسة وخضرتها، بل لننس الأرض وما عليها... ولنحلق الآن إلى أبعد بعيد؛
حيث تسري في الذهن لقطات من وثائقيات القرن الماضي ... لقطة واحدة تظهر استدارة
الأرض، وأخرى أبعد منها ترسم الصورة كاملة؛ كرة مستديرة منبعجة الطرفين تحوي
بداخلها قارات ومحيطات قد اشتركت في رسمها فرشاة وبعض الألوان المائية؛ تُعَتِّمُ
الصورةَ بعضُ السحب البيضاء، ثم تأتي اللمسة الأخيرة بلمعة رقيقة مشيرة إلى روعة
غلافها الجوي.
وفي ذلك الفضاء
نرى شيئًا قريبًا من تلك التحفة المستديرة؛ شيئًا قد كان يلمع يومًا ويضيء، بل كان
نورا للأرض وقت ظلامها، وبدرًا حين ترى البدر يذهب زمانًا ويفيء... وما ذاك في
الحقيقة؟؟؟
يا صاحِ إنه
القمر!!!
لكنَّ الأمر
مختلف تمامًا من بعيد حيث ندرك حينها زيف ضوء القمر؛ وما هو إلا كوكبٌ مُعتَم قُدر
له أن يعكس شعاع الشمس المتوهج على سطحه؛ ليقطع ذلك النورُ رحلة قدرها 384400
كيلومتر كيما يصل إلى سطح تلك المعمورة فينير أرجائها. حين تفهم تلك الظاهرة
الفيزيائية يمكنك وقتها فقط أن تستلمح لماذا قال الإله عن الشمس والقمر: " هو
الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نورًا" ولماذا قال أيضًا: "تبارك الذي جعل
في السماء بروجًا وجعل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا". ساعتها تفهم أن الشمس
سراج ذاتي الاشتعال يبعث الضوء في أنحاء مجرتنا العظيمة حتى يصل إلى أطرافها، أما
ذلك القمر فلم يسمَّى سراجاً ولا حتى ضياءً بل جعله الله نورًا منيرًا؛ ويمكنك أن
تعتبر تلك قصة تاريخية تنبئنا عن القمر؛ ذلك الكوكب الموحش الذي جعله الله خادمًا
للأرض فأكسبه ضوء الشمس حتى ينعكس ثم يصيرَ قُرصًا يتلألأ في سماءها.
حسنًا... ماذا
لو اقترب منا ذلك النور أكثر وأكثر؟
قد يظن بعض
الشعراء الذين يهيمون بجمال القمر وروعته وبريق البدر ولمعته، أن القمر سيكون أكثر
أُنسا وجَوىً لو كان أقرب قليلا، بل حتى هواة الفلك يهفون إلى ذلك، فما أجمل أن
تسافر ليلا وأنت تصاحب القمر، وما أجمل أن ترى تضاريس القمر دون الحاجة إلى
تلسكوب، وما أجمل أن يقترب منك أكثر وأكثر حتى يمكنك أن ترى تلك الفوهات التي
أحدثتها نيازك جمة ارتطمت بسطحه قبل مئات الملايين من السنين فتركت فيه معالم أشبه
بالنتوءات التي تعلو سطح كرة الجولف رائعة الجمال.
لكنَّ الحقيقة
خلف هذه الأمنيات لن تكون أجمل مما هي عليه الآن، بل إن ذكرياتك ستكون مؤلمة
حزينة؛ فلو اقترب القمر أكثر سترتفع مياه البحار أكثر وأكثر بسبب ما يعرف بحركة
المد، مما سيؤدي إلى غرق جميع المدن الساحلية، بل لن ترى أصلا مدنًا ساحلية،
سيتحول العالم شيئًا فشيئًا إلى كرة ماء !!!
يشكل القمر
نظامًا ثنائيًا مع الأرض، فهما مرتبطان جاذبيًا بسبب كتلتيهما، فإذا اقترب القمر
منها سيحدث أمر مرعب حقَّا؛ ستسرع الأرض في دورانها حول محورها ولن تعود الأرض تلك
السفينة الهادئة، ستعصف الرياح في كل مكان بسبب سرعة دوران الأرض، وسيتطاير كل شيء
من على وجه الأرض، السيارات والقطارات وحتى البيوت؛ ذلك أن القمر كلما اقترب منها
اضطرها إلى أن تسرع في الدوران، تماما كالذي يرقص رقصة دورانية على الجليد مادًّا
ذراعيه؛ تزداد سرعة دورانه حول نفسه كلما ضمَّ ذراعيه إلى جسده.
وبهذا تعلم أن بعد القمر عن الأرض محسوب بدقة وغاية ، وتعلم حينها معنى الرحمة في قول الإله: " الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ(5) " وبعدها بحين يأتي السؤال :" فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ" ؟؟؟
في تلك اللحظة التاريخية في الفضاء، وقف القمر مظلمًا يشكل ربع الأرض حجمًا لا جمالًا، ثم بدا كوكبًا موحشًا يريد أن يقترب ليخطب تلك العروس الممشوقة ذات الرداء الأزرق والتي نعيش على ظهرها الآن ... لأخُطَّ أنا أقلامي وتقرأ أنت كلماتي.