باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
عزة عز الدين
مثل هذه الأيام
من ديسمبر 2019 لم أكن أعلم أن على الطريقِ منعطف آخر أشد قسوة، كنت دائماً أدعو
الله أن يؤخره رغم إيماني الثابت به، لأن
في الحياة أرواح من نور، سعيد الحظ من عرفها والأسعد من كانت في قلبه، أرواح في
فقدِها حتماً سيخفت النور حتى إشعار آخر.
مثل هذه الأيام
منذ ثلاثة أعوام كنت لا أزال كما أنا، ماهرة في اصطياد الفرح وصنع البهجة، لا
تقهرني حالة أمامه، فقد تعلمنا منه الطمأنينة والسلام.
كنت شديدة
التصالح مع نفسي والحياة، أتشبثُ بابتسامة مفعمة بالأمل يغبطني عليها الكثيرون
وكانت بالفعل ثروة، ربما لأني كنت مطمئنة لهذا الوجود، أبٌ في حضورِه هالة من
حنان_ يكفيني فقط أن أقترب لأطمئن.
وفي دروبِ
الأيام إذا ما صادفتني عثرة أهرعُ إليه، أجلس إلى جوارِه وأحتضن بذراعي الأيمن
ذراعَه الأيسر ثم أميلُ برأسي على كتفِه أتوسده_ هكذا أفعل مع من أحب_ أغفو في
غمرةٍ من السكينة تخلقُ وصالاً من نوعٍ آخر، وصال أصيل آمن، لا يعرف الغدر أو
التخلي، أو حتى التحول، وصال قادر على الطمئنة، كهدهدة طفلة تاقت لقطعة حلوة
فغمرها بكل الأنواع، شَبعَتْ وفرِحَتْ ولعِبَتْ.
مثل هذه الأيام
كنتُ كمن تأبى الخروج من الشرنقة وإن تجاوزت الخمسين، كانت خيوط الحرير تحيطُ بي،
غزلتْها أياد طيبة، وروح نقية صافية، وقلب في خفقاتِه كل ألوان الحب.
ديسمبر الحزين
مرّ سريعاً ولم يترفق بي، في نهايتِه عشتُ أمرّ لحظات الوداع، ودّعتُ أبي للمرةِ
الأخيرة في مسجدِ شباب أهل الجنة ولعل في هذا الاسم زخّات البشرى بروحٍ وريحان
وجنة نعيم.
أما بعد:
فلم أعد ماهرة
في اصطياد الفرح كما كنت، غادرتُ الشرنقة فتخلى عني الحرير، واجهتُ الحياة مؤخراً
بنبض ٍ آخر فتأزمت أموري بعض الشئ، تبعثرت معتقداتي في خضمِ تفاصيل أعجز عن فهمِها
أحياناً، وكأني أعيدُ اكتشاف نفسي والحياة
من جديد، عشت في الأعوام الثلاثة الماضية
فقط، أشياءً مختلفة لم تخطر لي على بال،
وفي كل خطوة أنظر إلى صورتِه المعلقة أمامي، اصطباحتي على بكرة النور، أسبحُ في ابتسامتِه الملائكية وأناجيه، أبكي له
وأشهده على أشياءٍ تؤلمني، ثم أطلعه على أخرى تسعدني، وإن لم تعد السعادة أبداً
كما كانت بكل هذا البريق.
فـ يا ديسمبر
هذا العام ترفَّق بي، و كن لطيفاً معي أكثر.