هل يتعمد إبراهيم عيسى تشويه التاريخ الإسلامي؟ (فيديو)
- الخميس 21 نوفمبر 2024
الإلحاد
إن وجود مناهج فكرية ودينية مختلفة هو سمة من
سمات البشرية ويختلف تأثير هذه المناهج باختلاف مدى تغلغلها في المجتمعات
واكتسابها مشروعية التبني والترويج، ولكن تتباين أخطار هذه المناهج ومدى صلاحها
بتباين درجة مواءمتها للعقل والمنطق والتوجه المجتمعي ونحن كمجتمع حاله حال أي
مجتمع آخر لسنا محصنين ضد ذلك.
والإشارة لمجتمعنا تقودنا للحديث عن التهديدات
الفكرية والعقدية التي تواجهه والتي قد تسهم في زعزعة أمنه واستقراره وأبرز
تهديدين يواجهها مجتمعنا في هذا الصدد هما «الإلحاد» و»التكفير» وهما اللذان رغم
تناقضهما الفكري والعقدي إلا أن خطرهما ثابت ولا يمكن تجاهله بل يجب مواجهته
والعمل على تقويضه والأخذ على يد كل من يمثله.
وقبل أن نناقش تبعات هذين التهديدين اللذين
نعاني منهما دعونا قبلها نتساءل عن أسباب وجودهما، ولنبدأ أولا بتناول أسباب وجود
«الإلحاد» والتي نجدها عند التمحيص تكمن إجمالا في عدم قدرة كل من يتبنى هذا النهج
على الوصول لتفسير ديني يساعده على فهم حقيقة الحياة وطبيعة وجودها وكيفية تكوينها.
بينما الظاهرة الأخرى وهي تلك التي تتمثل في
لجوء نسبة من المسلمين لاعتناق منهج متطرف ودموي يعرف بمنهج «التكفير» والذي كان
السبب الرئيس في وجوده تبني توجهات وتفسيرات دينية فاسدة أباحت لأفراده إخراج كل
من لا يتفق مع رؤيتهم الدينية والعقدية من الملة واستباحة ترويعه وإرهابه بل وحتى
قتله.
والمتأمل في حال هذين النهجين يرى وبوضوح تام
أن «الإلحاد» رغم فساده الفكري والعقدي إلا أننا نجد أن أتباعه لا يلجؤون للعنف
الجسدي بقدر ما يلجؤون للجدل الفكري والفلسفي رغم أن لجوءهم لذلك لم يساعدهم كثيرا
في إقناع غيرهم بجدواه وهو ما جعل عملية انتشاره بين عامة الناس وخاصته عملية
معقدة ومركبة تشوبها الصعوبة البالغة.
في حين نجد أن أتباع ظاهرة «التكفير» يبيحون
لأنفسهم كما أسلفت اتباع النهج الدموي المتطرف بلا تردد أو تفريق وهو ما يجعل خطره
أعظم من خطر «الإلحاد» وما يؤكد عظم هذا الخطر أن أتباعه يلعبون على وتر الدين
والذي كما نعلم يحظى بشعبية جارفة بين شرائح المجتمعات المسلمة المختلفة وهو ما
يجعل عملية القائمين على منهج «التكفير» في استدراج قليلي العلم والمعرفة بصحيح
الدين وصريحه عملية سهلة وعملية قادرة على استقطابهم وتحشيدهم وحشو عقولهم بأفكار
سوداوية وظلامية باسم تقويم التمسك بالدين والانتصار له.
إن ما يجب معرفته في المحصلة بأن الفكر الواضح خطره والواجب مواجهته هو الفكر الذي لا يقيم وزنا لحياة البشر ولا يكترث أو يبالي بعدم استقرار وطنه وسلامته واستمرار أمنه وأمانه مهما تم تغليف هذا الفكر بشعارات تظهر للوهلة الأولى الخير والحرص والنوايا الحسنة بينما هي في حقيقتها ليست سوى شماعة تستخدم لتحقيق أهداف لا علاقة لها إطلاقا بدلالات الشعارات المرفوعة ومقاصدها.
نقلا عن صحيفة مكة