حسام خطاب يكتب: «الحرية المهلبية!»

  • أحمد محمد
  • الجمعة 25 نوفمبر 2022, 3:39 مساءً
  • 608
المنتخب الألماني

المنتخب الألماني

في عام 2013م، قام مركز الأبحاث الأمريكي الشهير "Pew" بإجراء استطلاع رأي على 37653 شخص في 39 دولة في أنحاء العالم، وتضمن الاستطلاع سؤالًا واحدًا ومحددًا: برأيك، هل على المجتمع أن يقبل بالش،ذوذ الجنسي؟

لم تكن مفاجأة أن تتصدر دولة كألمانيا قائمة الدول الأكثر صداقة للمثليين بنسبة تقدر بـ87%، وبفارق أقل 1% فقط عن أسبانيا، في حين لم تتجاوز النسبة أكثر من 60% من المتقبلين لتلك الفكرة في دولة كبيرة بحجم أمريكا!

ألمانيا هي ثاني أكثر دولة صديقة للش،واذ جنسيًا! وبلجيكا من أوائل الدول في العالم التي قننت زواج الشا،ذين..

علينا أن نتذكر أن تلك البلاد تعج بهؤلاء الش،واذ، وأن كثيرًا ممن يعتلون أرفع المناصب هم من هؤلاء المخ،نثين. فها هو عمدة برلين السابق، وعمدة هامبورغ، ووزير الصحة، ووزير الخارجية، ووزيرة البيئة (السابقين)، وإحدى وزيرات التعليم السابقات في ألمانيا، جميعهم ممن أعلن صراحة ميوله المنحرفة جهة الش،ذوذ.

فهل نتوقع بسذاجة ألا يكون لتلك المناصب واللوبيات أثر على المشهد العام، أو ألا يؤثر علينا نحن المسلمين؟

في عام 2021م اتفقت عشر دول أوربية على أن تثبت شارة دعم الش،واذ والمخ،نثين، والتي تحمل عبارة "حب واحد" "One Love" على عضد لاعبيها في دوري الأمم الأوربية باسم الاندماج ومناهضة العنصرية!

غير أن ثمانية من منتخبات تلك الدول وهم المتأهلون لنهائيات كأس العالم، حملوا على عاتقهم ارتداء تلك الشارة على أراضي قطر رغم أنفها وأنوف المسلمين؛ إلا أن الفيفا كانت لهم بالمرصاد!

فلقد أصدر الاتحاد العالمي لكرة القادم بيانًا يحذر فيه من وضع أي شارة غير الشارة الرسمية للمونديال، وهدد بفرض عقوبات وإنذارات على اللاعبين في حال تم تجاوز تلك الضوابط، فهل يا ترى يسكت هؤلاء ويحترمون القوانين؟

هل يرسم هؤلاء صورة منضبطة باسم الاندماج، وتقبل الأعراف والتقاليد؟ أم أن تلك المسألة تعتبر أمرًا محوريًا يستحق المخاطرة من قبل اللاعبين؟

لقد قام الإتحاد الأوربي بفرقه ومنتخباته بمراسلة إدارة الفيفا خصيصًا لتجاوز تلك المسألة، غير أنه للأسف لم يلق أي إجابة مرضية! فهل إلى هنا تنتهي الأمور؛ إذ هي مجرد شارة؟

قبل بضعة أيام ذكرت صحيفة ديلي ميل البريطانية أن الإتحاد الإنجليزي عازم على وضع الشارة مهما كلفه الأمر، حتى لو أدى ذلك إلى فرض عقوبات مالية، غير أن جُلَّ ما يقلقه أن تطال لاعبيه البطاقة الصفراء!

لقد بدت المسألة وكأنها مسألة عِرض وشرف، أو شيئًا أعظم من ذلك! إنها مسألة هوية، حيث قرر لاعبو المنتخب الإنجليزي الجثو على ركبة واحدة قبيل بدأ المباراة تعبيرًا عن امتعاضهم من حرمانهم الحق في مناصرة أصحاب الفواحش من الش،واذ والمخ،نثين.

وفي اليوم التالي وضع لاعبو المنتخب الألماني أيديهم على أفواههم قبيل المباراة في إشارة منهم إلى تكميم الأفواه الذي مثله قرار مجلس الفيفا الظالم الذي يقضي فقط بعدم وضع شارة على اليد. يا الله من أين هذا الجلَد؟!

الغريب في الأمر أن وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيروز، قررت أن تناوب الجهاد بدلًا من اللاعبين؛ فوضعت الشارة على عضدها أثناء حضورها المباراة الافتتاحية لمنتخب بلادها أمام اليابان، متجاهلة بذلك كل الأعراف والقوانين، والمبادئ والحريات، كأنها تخرج لسانها لكل من لا يعجبه الأمر، وترفع لنا الشعار التالي:

"الحرية حكر على الغربيين، ونحن من يرسم الحدود، كل شيء قابل للتفاوض عدا ما نقرره نحن"

في اليوم التالي كررت وزيرة الخارجية البلجيكية الشيء ذاته ضمن حضورها مباراة البلجيك، وكما يقول المثل المصري: "سكتنا له دخل بحماره!"

واليوم قرر راعي المنتخب الألماني فسخ تعاقده مع الفريق اعتراضا على قرارات قطر وتصريحات رئيس الفيفا!!!

أتذكر هنا موقف الاتحاد الفرنسي لكرة القدم ومرشحة الانتخابات الفرنسية من اللاعب الفرنسي المسلم إدريسا غانا الذي رفض بالمقابل ارتداء قميص مرقم بألوان قوس قزح مطالبين بمعاقبته رياضيًا، دون اكتراث أو بما أسموه زوروا بالحرية الشخصية أو الحرية الفكرية أو بالأحرى الحرية المهلبية.

وأتذكر هنا أيضًا الطبيب اللبناني الذي رفضت ألمانيا منذ عدة سنوات منحه الجنسية بسبب رفضه مصافحة موظفة التجنيس بحجة عدم توافق تصرفه مع تقاليد البلاد وعدم اندماجه معها! وأتذكر كذلك المحامية المسلمة التي منعت من ارتداء حجابها أثناء فترة التدريب ورفضت المحكمة شكواها بحجة "الحياد"، والتي من حق صاحب العمل أن يقررها متى شاء!

أتذكر كل صور التمييز العنصري للمسلمات المحجبات في برلين وفي بعض ولايات ألمانيا التي غضضت الطرف عن ذكرها كي لا يطول المقام..

وحقيقة أتساءل هنا عن أي حياد يزعمون، وبأي اندماج يتشدقون؟

لماذا علينا أن نكون نحن -المسلمين- مهذبين بتكلف، ومحترمين بخضوع، ومؤدبين بانصياع؟

لماذا يقال لنا دوما من أبناء تلك الدول ومن المنسلخين من بني جلدتنا: إن عليكم أيها المهاجرون المسلمون أن تحترموا دساتير تلك البلاد، وألا تخرجوا عن عادات وتقاليد الأسياد الذين تكرموا واستضافوكم في بلادهم؟ بينما يحق لهم هم أن يخرموا النظم والقوانين ثم يشيحوا لنا بوجوههم حينما نكون نحن المضيفين؟

لماذا يعد الخروج عن النمط السائد في الغرب -التزامًا بالدين- انشقاقًا وقلة حياء يحاسب عليهما المرء؟

بل لماذا لا يجسر المسلمون في كل جهات العالم أن يعلنوا عن قيمهم ومعتقداتهم بكل وضوح وقوة وصرامة؟ أليسوا بشرًا كما البشر؟

أم أن الجواب على كل ذلك أن إحدى امتيازات الغرب أن من حقه هو وهو أن يكيل بمكيالين؟

فلنقلها بصراحة، إن الغرب يأبى إلا أن يمارس لونًا من ألوان الاستعباد الفكري والاستعلاء العرقي، وعلى الشرق أن ينصاع، ولكن هيهات هيهات...

ووالله ثم والله إن لم ندفع ذلك الباطل بأنفسنا لتفسدن الأرض: "ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين"

اللهم إنا نعوذ بك من جلد الفجار وعجز الثقات!

تعليقات