مركز حصين: الإيمان بالقدر أحد أركان الإيمان

  • أحمد محمد
  • الخميس 17 نوفمبر 2022, 10:34 مساءً
  • 542

قال مركز حصين المختص في محاربة الإلحاد وشبهاته، إنه ما مِن شيءٍ يقعُ في هذا الكونِ، ولا حركةٍ ولا حادثةٍ، ولا نعمةٍ يَنعَمُ بها عبدٌ ولا مصيبةٍ تُصيب آخر، ولا خيرٍ يقع ولا شرّ؛ إلا بتقدير الله سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ، وقال سبحانه: وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا.

 

وأوضح أن القدر حقيقةٌ عظيمة، دلّت عليها دلائل القرآن والسنة والإجماع والعقل الصريح.

وأكد أنّ حقيقة الإيمان بالقَدَر: أن يُقِرَّ العبدُ مِن غيرِ شَكٍّ، بِأنَّ كلَّ ما يقعُ في هذا الكونِ إنّما يكونُ بتقديرِ اللهِ تعالى، وتقديرُه يتضمّنُ أربعَ مراتب: عِلمَ اللهِ بما سيوجِدُه، ثم كتابتَه لذلك، ثم مشيئتَه له، ثم خلقَه إيّاه، ولا يخرجُ شيءٌ مِن حوادثِ العالَمِ عن هذه المراتبِ الأربعِ أبدًا.

 

وبين أن أوّلُ هذه المراتِب: العِلمُ، وهو أنّ اللهَ تعالى عَلِم كلَّ ما سيكونُ على التفصيل، وعلمُه جلَّ وعلا لا بدايةَ له، فإنّ اللهَ لَـمْ يَزَلْ بكُلّ شيءٍ عليمًا.

 

فقد علِمَ الله من سيُولَدُ ومَن سَيَمُوت، ومكانَ ذلكَ وزمانَه، وعلِمَ ما سيُصابُ به كلُّ مخلوقٍ من خيرٍ أو شرّ، ومن سيَهتَدي من الـخَلقِ ومن سَيَضِلّ، وجميعَ ما سيكونُ في هذا العالَمِ من الذَّرَّةِ حتى المجرَّة.

وتابع: ثمّ مرتبةُ الكتابة، وهي أنّ اللهَ قبلَ أن يخلُقَ السماواتِ والأرضَ بِخَمسينَ ألفَ سَنَة، كتَبَ مَقَادِيرَ كلِّ شيءٍ في اللّوحِ المحفُوظ. كما روى مسلمٌ عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاص t قال: سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقول: «كَتَبَ اللهُ مَقَادِيرَ الخلائقِ قبلَ أنْ يخلُقَ السماواتِ والأرضَ بِخَمسينَ ألفَ سَنَة، قال: وعرشُه على الماء» رواه مسلم، وصحّ عند أحمدَ وأبي داودَ والترمذيِّ عن عُبادةَ بنِ الصامتِ قال: سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقول: «إنَّ أوَلَ ما خلقَ اللهُ القَلَمَ، فقال له: اكتُبْ، قال: ربِّ، وماذا أكتُب؟ قال: اكتُب مَقَادِيرَ كُلِّ شيءٍ حتى تقومَ الساعة».

 

وأردف: فهاتان المرتبتان: العلمُ والكتابةُ، يقول الله تعالى فيهما: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ، ثمّ مرتبةُ المشيئة، وهي أنّ اللهَ تعالى شاءَ بِمَشيئتِه النافذةِ إيجادَ الشيءِ في الوقتِ الذي عَلِمَه سبحانه وكَتَبَه.

 

ولفت إلى أن كلُّ ما يقعُ فهو بِمَشيئةِ الله، سواءً كانَ خيرًا أو شرًّا، فلا يكونُ في الكونِ إلا ما شاءه الله، سواءٌ أكانَ مِن أفعالِ اللهِ، كما قالَ تعالى: وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ، أم كانَ مِن أفعالِ المخلوقين، كما قالَ سبحانه: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ.

 

واستطرد: ثمّ مرتبةُ الخلق، وهو أنّ اللهَ يخلقُ الأشياءَ على وَفق ما يشَاء، كما قالَ تعالى: يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وخَلْقُ اللهِ تعالى يشملُ كلَّ موجودٍ سِوَاه، كما قالَ تعالى: اللهُ خَالقُ كُلِّ شَيء، ومِن ذلك أفعالُ العباد، فهو سبحانه خالقُها.

 

وشدد على أنّ هذه العقيدةَ هي أحدُ أركانِ الإيمانِ الستّة، التي لا يكونُ العبدُ مؤمنًا إلّا إذا جَمَعَهَا، كما في حديثِ جبريلَ عليه السلام الذي روَاهُ مسلمٌ في صحيحِه أنّه سألَ النبيَّ ﷺ فقال: أخبِرني عن الإيمان؟ فقال ﷺ: «أنْ تُؤمِنَ باللهِ، وملائكتِه، وكُتُبِه، ورُسُلِه، واليومِ الآخِر، وتؤمنَ بالقدَرِ خيرِه وشرِّه» قال: صدقت.

 

وروى الترمذيُّ عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: «لا يُؤمِنُ عبدٌ حتى يُؤمِنَ بِالقَدَرِ خيرِه وشرِّه، وحتى يعلمَ أنّ ما أصابَه لَـمْ يَكُنْ لِيُخطِئَه، وأنَّ ما أخطأَه لَـمْ يَكُنْ لِيُصِيبَه».

 

 

تعليقات