عزة عز الدين تكتب: المحراب

  • عزة عز الدين
  • الثلاثاء 08 نوفمبر 2022, 01:25 صباحا
  • 720

 اقتربتُ في وجلٍ، أكاد أكتمُ أنفاسي من فرط حساسيتي للموقف، ورهبة اللقاء،  اقتربتُ أكثر حتى التقينا، لم يكن لُطف الاستقبال غريباً، ولا التواضع، ولا الرقي، على مثلِ هؤلاء، اصطحبتني لمنزلِه، وكانت خطوتي الأولى لحظة من الرهبة لن أنساها، فلما أصبحنا في قلبِ داره، هممنا بقراءةِ الفاتحة لروحِه الطاهرة، ثم انتقلنا إلى غرفتِه الخاصة، لتتفحص عيناي جميع الأركان، والاتجاهات، والتفاصيل، وبنظرةٍ خاطفة أدركتُ أني في محراب، تصاحبُ مسامعي موسيقى ناي أحمد عفت، وترنُّ في أذني جملتُه الشهيرة، القصيرة، "أهلا بكم"،  هاهو المصحف الشريف وقد دوَّن في صفحتِه الأولى بخطِّه بعضاً من نفحات الإيمان، وها هي باقي الأركان تضُخُّ بالحياةِ رغم الموت، ولا عجب،  فهنا العلم، والفكر، والفلسفة، والأدب، والرؤى، هنا تمخَّض الإبداعُ بكلِّ صورِه وألوانِه، هنا عاشَ العبقري، ومات.

 سَمَحتْ لي مشكورة بالتقاطِ الصور، وانتقاء بعض الكتب لتهديها لي، كما سمحت أيضاً بلمسِ العود، وفحص  دروع التكريم المشرّفة، سمحت لي بالتجول في المحرابِ الدافئ.


 كدتُ لا أصدقُ نفسي، لا زال لحنُ الناي في أذني، أتذكرُ برنامجاً كنا نلتَّفُّ حولَه في صمتٍ، ندركه بكلِّ حواسنا ونرددُ "سبحان الله"، أما هو فيُسهبُ في الشرح والمناجاة، يعلمُنا درساً خالداً " فأما الزَّبدُ فيذهبُ جُفاءً وأما ما ينفعُ الناسَ فيمكثُ في الأرضِ" صدق الله العظيم.

 

وهكذا لم يكن يومي عادياً، أبداً، بهذا اللقاء هو يومٌ استثنائي، غني بتوفيق الله، وببصمةٍ مضيئة في مسيرتي المهنية، التطوعية، القصيرة جداً.


قريباً في ملتقى السرد العربي إطلالة أولى "متفردة" للنبيلة "أمل"  ابنة العالم الجليل والمفكر والفيلسوف والأديب وصاحب البرنامج الأشهر" العلم والإيمان" الدكتور مصطفى محمود،  وفي الندوةِ مفاجآت.





تعليقات