كيف تحسن العبادة لله؟

  • أحمد محمد
  • الإثنين 07 نوفمبر 2022, 02:33 صباحا
  • 390

قال مركز حصين المختص في الرد على شبهات الملاحدة، إن الله خلقَ السماواتِ والأرضَ، والموتَ والحياةَ، لِيَبلُوَ عبادَه ويَمتَحِنَهُم: أيُّهم أحسنُ عمَلًا؟ كما قال جلّ وعلا:إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا، وقال: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ.

وبين أن إحسانُ العبادةِ هو غايةُ العابدين، ومُنتهى أملِ السّالكين، وقد كانَ النبيُّ ﷺ يسألُ اللهَ حُسنَ العبادة، ويأمرُ أصحابَه بِسُؤَالِها، كما روى أحمدُ وأبو داودَ والنسائيُّ عن معاذِ بنِ جبل رضي الله عنه، أنّ النبي ﷺ أَخَذَ بيدِه يومًا، ثم قال: «يا مُعاذ! إنّي لأُحِبُّك». فقالَ لهُ معاذ: بِأبي أنتَ وأُمّي يا رسولَ الله، وأنا أُحِبُّك. قال: «أُوصِيكَ يا معاذ، لا تَدَعَنَّ في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ أن تقول: اللهمّ أعِنّي على ذِكرِك وشُكرِك وحُسنِ عبادتِك».

وشدد مركز حصين على أن إحسانَ العبادةِ هو أن يَعبُدَ العبدُ ربَّه على أكملِ الوجوهِ وأتمِّها وأعلاها، فهو أعلى مراتبِ الدّين، وأرقى منازلِ المؤمنين، ولذلك سألَ جبريلُ النبيَّ ﷺ عن ثلاثِ مراتِب، فسأله عن الإسلام، ثم سأله عن الإيمان، ثم سأله عن الإحسان، لأنّه أعلى هذه الثلاثة، والشاملُ لها جميعًا، وقد أجابَه النبيُّ ﷺ مبيِّنًا حقيقةَ الإحسان، بقولِه: «أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَراهُ، فَإنْ لَمْ تَكُنْ تَراهُ فَإنَّهُ يَراكَ». متفق عليه.

وبين أنّ مرتبةَ الإحسانِ هي ثمرةُ معرفةِ اللهِ وكمالِ العلمِ واليقينِ به، فإنّ مَن عَرَفَ الربَّ جلّ وعلا بأسمائِه وصفاتِه معرفةً صادقةً، كانَ معهُ كأنّه يراه، فامتلأَ قلبُه بِتعظيمِه وحَمدِه ومحبّتِه، وانشرحَ صدرُه بالخضوعِ له والانقيادِ لِطاعتِه، فتكونُ صفاتُ الربِّ مشاهَدةً له، كأنّه قد رُفعَ الحِجابُ بينَه وبينَ ربِّه فصارَ يتنعّمُ بالنّظرِ إليه سبحانه، لا يرتضِي بذلك بدَلًا، ولا يبغِي عنه حِوَلًا.

 

وأوضح العلمُ باللهِ لا يحصلُ للعبدِ إلا بأمورٍ أربعة: أوّلُها: طلبُ العلمِ، بتدبُّرِ القرآنِ الكريمِ والتفقُّهِ في كلامِ النبيِّ ﷺ، وبفهمِ العلماءِ الرّاسخين، مِن الصّحابةِ والتّابعين وأئمةِ المسلمين.

 

وثانيها: تصفيةُ النفسِ وتطهيرُها وتزكيتُها مِن الآفاتِ والعُيوب، واجتنابُ المحرّماتِ التي تُغَشِّي القلبَ وتُفسِدُه.

 

وثالثُها: كثرةُ ذكرِ اللهِ تسبيحًا وتحميدًا وتكبيرًا وتهليلًا واستغفارًا، بحيثُ يبقى اللّسانُ رَطبًا به، لا يفتُرُ عنه ولا يمَلُّ منه.

 

ورابعُها: الاستعانةُ باللهِ والتوكّلُ عليه، وسؤالُه العلمَ النّافعَ الذي يُثمرُ في القلبِ تلك الثمارَ الحسَنة.

 

وشدد عل  أنه مَتى حرَصَ العبدُ على ذلك وفّقهُ اللهُ وملأَ قلبَه بالعلمِ به، وكان كمالُ علمِه باللهِ تعالى أساسًا لإحسانِ العبادة، فإنّ مَن كانَ باللهِ أعرَف، كانَ له أخْشَى، وكان أكثرَ محبّةً له وإجلالًا، فيكونُ أكثرَ إخلاصًا في عبادتِه له، وأحرصَ فيه على اتّباعِ رسولِه وموافقةِ مُرادِه، فيجمعُ بينَ تكميلِ باطِنه بالإخلاص، وتكميل ظاهرِه بالاتّباع.

 

تعليقات