هل يتعمد إبراهيم عيسى تشويه التاريخ الإسلامي؟ (فيديو)
- الخميس 21 نوفمبر 2024
آندرو تيت
في كلمات المسلمين الجدد عن الإسلام معانٍ غائبة عنا، تلمس فيها شعورًا قويًّا بجوانب من حُسن الإسلام، أجبرهم على الشعور بها خبثُ الكفر الذي عاشوا عليه، وسوء البيئة التي نشأوا بها، حتى رأوا من جمال الإسلام بعض ما لم نره، واستطعموا منه ما لم نذقه، لأن إلف العادة جعل كثيرا منا يغفل عن تلك المحاسن. فالمسلم الجديد يأتيك أحيانا ببراهين سهلة واضحة على صحة الإسلام، تؤكد لك كثرة أدلة الحق، وسهولتها لمن طلبها.
وقد استمتعت مدة
بمشاهدة مقاطع من بعض البرامج التي تعرض مقابلات مع مسلمين جدد، يحكون كيف أثر
القرآن فيهم، حتى أراهم نور الحقيقة، واهتدوا إلى الإسلام، وأرى أن مشاهدة هذه
المقاطع من أكثر ما يثبت المؤمن على إيمانه، ويريه كآبة الكفر وسواده وظُلمته،
ويعظّم في نفسه دين الإسلام، ويحقّر فيها حضارة الغرب الجوفاء، وما تنطوي عليه من
التخلف والجاهلية.
ومن حديث ما
سمعته مقطعٌ للأخ المسلم حديثًا (آندرو تيت)، الذي ذكر عن الإسلام والكفر معانيَ
عجيبة، ونحن هنا لا نستفيد منه التعريف بالإسلام، لأنه -باعترافه- ليس عالما به،
ولذلك يراعي الحذر عند الكلام عنه، وإنما نستفيد علمه الجيد بتهافت الحضارة
الغربية في قيمها وأسسها الفكرية والأخلاقية، ونستفيد أيضًا التفاته بسبب ذلك إلى
جوانب حُسن الإسلام وجاذبيته الأخّاذة، وهذا مهمّ للشباب الذين لعلّهم يغلُون في مثل
هذا الرجل، فينجذبون لاتباعه ومحاكاته، مع كونه لا يزال جاهلًا بالإسلام وتعاليمه
وأساليب التعبير عنه، وإنما هو مسلم حديث الإسلام، يحتاج إلى تثبيت ودعاء، لا إلى
إعجابٍ واقتفاء.
و(آندرو تيت)
لمن لا يعرفه، ملاكم أمريكي، حاز على بطولة العالم في رياضة (الكيك بوكسنغ)، وهو
من أصحاب الثراء الفاحش، الذين حازوا من الشهوات والملذات غايتها، وهو مع ذلك صاحب
فكر وذكاء، وله تأثير قوي وشعبيةٌ فائقة جدًّا لدى طبقة الشباب، وهو أكثر من يُبحث
عنه في محرك البحث جوجل، وقد أظهر قبل إسلامه نقده لحضارة الغرب والثناء على
الإسلام، وانتشر ذلك جدًّا، فأُغلقت حساباته في وسائل التواصل بلا سابق إنذار، مما
يبين حقيقة حرية الرأي التي ينادي بها الغرب.
وأكثر ما ذكره بعد إسلامه كان في لقاء مع الداعية (محمد حجاب)، وهو
الذي يعنينا هنا، فليس المراد النظر في عموم كلامه، لا سيما ما كانَ قبل إسلامه،
والذي قد وقع فيه من الباطل ما وقع، وإنما المراد ما ورد في تلك الجلسة الحوارية
فحسب، فأورد هنا أبرز ما يسترعي الانتباه من كلامه:
١. ذكر أن أكثر ما أعجبه في الإسلام
تماسكه وصلابته وثبات معاييره الأخلاقية، في حين أن الأديان الأخرى - لا سيما
النصرانية التي نشأ عليها - لا تقوم على أساس، وليس للمنتسب إليها أي هوية تميزه
عن غيره.
٢. ذكر أنه مرّ بفترة إلحاد، ثم أيقن أن
الإله حق، لكن كيف عرف ذلك؟ لقد عرفه من كثرة ما رأى من الشر حتى كأنه رأى الشيطان
نفسَه! فعلم بفطرته أنه لا بد من خيرٍ مطلق يكون ضد ذلك، فعرف الله سبحانه بكماله.
٣. نبّه على أن النصرانية اليوم تقدّم
التنازلات في أصولها لأجل أن تبقى مقبولةً لدى الناس، (وأنبه هنا إلى أن هذا
المسلك نفسه يسلكه بعض الدعاة المنحرفين بزعم ترغيب الناس في الإسلام، ولا يدرون
أنهم ينفّرون عنه من كان صادقًا يبحث عن دين ثابت المبادئ يستحقّ الاحترام
والتقديس).
٤. ذكر أن الإله في التصوّر النصراني لا
يمكن أن يكون هو الإله الحق، وأن التصور الصحيح للإله هو الذي في الإسلام فقط،
لأنّ الإله ينبغي أن يكون قويًّا عزيزًا، لا يُقبلُ بحال تنقّصه وهضمُ جنابه، وهو
الذي يُخشى غضبُه، وله حدود لا يجوز تعدّيها، ويستحق بذل الوسع لنيل رضاه والتقرب
منه، وهذا كله مفقود في التصور النصراني للإله.
٥. ذكر أنه بقي يكتشف كثيرًا من الحقائق
ويفهمها حتى وجد القرآن يتحدث عنها ويكشفها، وهو مما وجده أمرًا مذهلًا، لأن
القرآن - كما يُفترض- كتاب "قديم"، لكنه مرتبط ارتباطًا وثيقًا بواقعِ
الناس اليوم وحياتهم.
٦. تكلّم كثيرًا عن خدعة التسامح، وأنها
فكرةٌ يراد منها محو الثوابت، وطمسُ الفوارق بين الخير والشر، لتغسل أدمغة الناس
ويزول تمييزهم، فيسهلَ استعبادهم والتحكم بهم، وتعادَ صياغة معاييرهم واختياراتهم.
٧. ذكر أن مما أدركه قبل الإسلام من واقع
حياته المترفة، أن من عاش في قمة الترف في حضارة الغرب، فلن يشبع من شهوات المال
والنساء والخمر، لأنه سيظل مثل الثُّقب الأسود، يبلع كل شيء وهو لا يزال يطلب
المزيد، ولا يسدّ جَوعة الإنسان في الحقيقة ويعطيه الرضا إلا الإيمانُ بالقوة
العليا، (وهي الإله)، وتقييدُ النفس وكبحُ جماحها.
٨. يظهر لدى الرجل تصوّرٌ فطريٌّ صحيحٌ عن
كثير من الأمور، ورفضٌ للهيمنة الفكرية الغربية التي تريد تجميدَ العقول وتشكيلها
وفق رؤيتها المادية التي تخدم مصالح طبقة سافلة من الزعماء والتجار.
٩. أبدى في المقطع تصوّرًا جيّدًا لطبيعة
العلاقة بين الرجل والمرأة، وهو التصور الفطري التقليدي لتوزّع الأدوار بين الرجل
والمرأة، بناء على خصائص كل منهما، وما يؤدي إليه ذلك من قوة المجتمع ونمائه، مع
تصور جيد أيضًا للآثار السيئة التي نتجت عن تقويض هذا النظام الفطري، والتي رآها
عيانًا في الغرب.
١٠. ذكر أن سبب دعم الحركات النسوية في
الغرب ليس الهدف الاقتصادي الحاصل بسبب عمل المرأة فحسب، بل هناك هدف أخبث من ذلك،
وهو عزل المرأة عن تربية الأبناء، لأنها لو بقيت تابعة لزوجها وقارّةً في بيتها
لظلت تتبع زوجها في فكره وتصوراته، وعملت على تربية أولادها على ذلك، والذي يريده
الرؤوس في الغرب هو أن يتولّوا هم صياغة تصورات الأطفال وتشكيل قناعاتهم، وذلك من
خلال المدارس الإلزامية ووسائل الإعلام، بحيث يكون هؤلاء الناشئة الذين هم عماد
المستقبل، نتاجًا قاموا هم بغسل أدمغتهم لمصالحهم ووفق مبادئهم.
وختامًا، فحري
بشباب المسلمين اليوم أن يلتفتوا إلى جمال دينهم وعزته وعلوّه، ويستمسكوا به،
ويبذلوا الغالي والنفيس لتعلمه ونصرته والدعوة إليه، ولا يبهرهم بريق الحضارة
الغربية، فإنها كالسراب الذي لا حقيقة له.
والحمد لله رب العالمين.