رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

د. أمير الشبل يكتب: قصاقيص سنكحة شعبية لـ دكتور عاطف باخوم

  • د. أمير الشبل
  • الثلاثاء 20 سبتمبر 2022, 10:37 مساءً
  • 824

أنا قاريء ثم أديب.. ولست بناقد.

"قرأت .. واستمتعت" (11)

قصاقيص "سنكحة شعبية

للأستاذ الدكتور الطبيب الأديب "د. عاطف باخوم"

قد يحدث شيئ ما يجبرك على تغيير قرارك.. فليكن شيئا جميلا.. يستحق ذلك التغيير

بحمد الله قد حازت سلسلة "قرأت .. واستمتعت" رضا وقبولا لدى الكثيرين من الأصدقاء والزملاء والمتابعين من داخل وخارج الوسط "الأدبي" وكذلك "الطبي".. والذي أفخر بانتمائي إليهما.. بل وبدأ بعض الأدباء المحترمين بالاقتداء بنفس الفكرة.. وهذه ظاهرة أحسبها صحية لأنها تثري النشاط الأدبي بتفاعل إيجابي يقدم قراءة ترويجية داعمة للزملاء الأدباء

ولأني نلت بدوري بعض الثناء والاطراء.. فقد جهزت بعض الاصدارات الأدبية التي أعجبتني بالفعل، وأخرى تم دفعها لي أو ترشيحها لي من الزملاء الأفاضل.. لتستمر السلسلة.. إلا أني فجأة قد قررت أن أوقفها مؤقتا لما يحتاجه الأمر من وقت وجهدٍ وتركيزٍ فيما أقرأه، ثم حكمة وصدقٍ وبعض الاعتبارات الأخرى فيما أكتبه.. واستمر هذا الأمر شهرين حتى وُضع بين يدي هذا الكتاب "قصاقيص سنكحة شعبية" وعندما استطلعته لأتعرف عليه وجدته مكتوبا بالعامية.. فذهدت فيه "لأني لا أميل لقراءة السرد والسيناريو بالعامية، أما الحوار وشعر العامية فلهما شأن أخر ومذاق ووقع وفن خاص يؤسر الألباب ويؤثر فيها لسرعة فهمه وإدراك معانيه ومقاصده..

بدأت أقلب أوراق "الكتاب" على استحياء.. أولا: لأن الكاتب "طبيب" وهذا شيء أتحمس له بقوة.. وثانيا: لأني وجدت الفهرس يحمل من العناوين الصريحة التي حركت فيّ شغفا لاجترار ذكريات احتلت مكانا راسخا "كالخزينة" في عقول كل أبناء جيلي واستعمرته لصالحها.. وتأبى إلا أن تكون مصدر بهجة عند استحضارها.

ذكريات.. نهملها ولا تهملنا، نُجنبها وتطاردنا، ننساها كثيرا وتلح علينا دوما.. وعندما لمحت تلك العناوين الصريحة استسلمت فورا لفضولي ورضخت لشغف استرجاع الذكريات ولم أهتم إن كنت أنا من كتبها أم غيري.. فعيوننا كانت واحدة وعصرنا تقريبا واحد.. ولرشاقة جمل "د. عاطف" وصراحة ألفاظه ووضوح مصطلحاته وبساطة كلماته التي اعتادت أذننا على سماعها في ذلك الوقت.. لم أستطع أن أترك الكتاب، ومضيت أقلب الصفحات واحدة تلو الأخرى وأعيش ما أقرأه.. فأضحك تارة استمتاعا، وأبتسم تارة فخرا بما كان هناك من مباديء ومُثل وقيم في الناس، وجمال وذوق عام في الأماكن، وأتنهد تارة حسرة على ما فقدناه، وأتنفس تارة رضاءً وامتنانا لأن ما زال لدينا مثل "د. عاطف باخوم" من استطاع بذاكرة فوتوغرافية ميزه الله به عنا أن يستحضر كل ذلك التاريخ بما فيه من زخم الأماكن والمواقف والأشخاص من غياهب الأيام السالفة ويعيده إلينا بأسلوب الشارع الذي نعرفه جيدا فنقرأه سردا مبهرا، ونعيشه سنكحات ممتعة، ونقارنه بفخر الفائزين مع أحوال هذا العصر الذي يتوارى خجلا أمام ذكرياتنا الجميلة.

هكذا شعرت أنا.. أن هذه القصاقيص وما احتوته من مغامرات ومواقف ووصف لأماكن وأشخاص وأفعال وأكلات ومشاعر وعلاقات .. والقائمة بما احتوته طويلة.. قد عبر عنها ببراعة "د. عاطف" في قصقوصة "شبرا المظلات .. الإنس والجن" بما يمكن اسقاطه على كل الأماكن.. فقد قال:- (هنا تحس بالناس وتشوفهم على حقيقتهم؛ كوكتيل الزحمة، والتحرش، والتراب، والدوشة، والشتايم، والخناقات، والأكل، والشرب، والسيما، والتجارة، والعيادات، والمكاتب، كل "الهرجلة المنظمة" دي في مكان واحد ماشية بانسيابية.. انزل اقف 5 دقايق على الموقف، إضرب كشري، واقعد في الشارع، شم رصاص وعادم بنزين مش محروق وأنت بتاكل شطة زيت ودقة تهري معاميعك!! الغريب بقى إنك وسط كل ده، وهي على كل ده.. على قلبك أحلى من العسل ياجدع!)

وهكذا شعرت أنا أيضا.. أن "د. عاطف" برغم كل جولاته العالمية ومعيشته الطويلة خارج مصر أكد مصريته الأصيلة وتمسكه بها.. بجمله حاسمة تصلح لأنهي بها هذه القراءة المتواضعة وذلك حين يقول:- ((ما فيش حد ولا حاجة هتسرق مني الذكريات دي.. بس وبعدين!: أنا اكتشفت إن تقريبا كل الناس اللي كانوا ماليين عليّ الذكريات دي مش موجودين دلوقتي.. يعني الذكريات دي كلها على أد ما هي بتدفي القلب.. على أد ما هي بتوجع القلب)).

إنها قصاقيص "سنكحات" الطبيب الأديب اللبيب المصري الأصيل "د. عاطف باخوم" بلغته الشعبية الرشيقة القريبة إلى القلوب.. أقل ما يقال عليها إنها قد أخذتنا معه وبقوة إلى زمن يحنّ إليه جيلنا بكل مافيه.. لأننا نجد مصر دائما وبكل بساطة "فيها حاجة حلوة".. وبامتياز.

فهنيئا للقاريء.. هذه القصاقيص الرائعة "سنكحات شعبية"

تعليقات