حنان إسماعيل تكتب حول المجموعة القصصية "نصف الدهشة" لـ مصطفى البلكي

  • عزة عز الدين
  • الإثنين 22 أغسطس 2022, 04:01 صباحا
  • 562

الكاتب مصطفى البلكي أديب من أسيوط أي أديب حد النخاع، تشربت لغته من بيئته ، وتشبعت من صورها.

يغلب على قصصه طابع النوستالجيا والحنين إلى القرية، أو يروي لنا حكاياته التي تحمل أدق التفاصيل عن قريته، وعلى الجانب الآخر يستهجن حياة المدينة.

بالنسبة لعنوان المجموعة كان لي رأي آخر، فنصف الدهشة جاء مجحفا لحق الكاتب، فقد حملت القصة ذاتها والمجموعة كاملة كل الدهشة والانبهار.

في قصة نصف الدهشة

 عرض لنا الكاتب صورة بيوت القرية المفتوحة بمميزاتها وعيوبها، فهي تحمل معنى المشاركة والتعاون، وعلى الجانب السلبي انتفاء الخصوصية. أيضا تناول علاقة الطفل بالحيوانات الأليفة من القطط والكلاب ، حتى الفأر كان له نصيب في حكاياته، بل أنه جعله يراقبهم أو يشاركهم في أحداثهم من طعام واستحمام.

عرض أيضا لشغف المرأة وإعجابها بمفاتنها، فربما ترقص عارية، وكأنها تثني على أنوثتها والتي لا يجيد رجلها التعبير لها عنها أو التغزل فيها.

وقد أبدع الكاتب حين ربط بين الأنوثة والأمومة في لقطة واحدة.

حين رأت في هذا الطفل الصغير تعويضا عن ولدها الذي افتقدته، واحساسها بالشغف عندما ضمته إلى صدرها بقوة .

يجيد الكاتب التقاط الصور فهو ينقلنا من صورة لأخرى حتى يظل مسيطرا على حبل دهشتنا.

منها صورة الأم التي تضرب وليدها على ردفيه العاريتين كعقاب على خطئه، (وهو يشير هنا إلى بعض التغير الذي ربما طرأ على الأمهات في اكتساب بعض العنف أو القسوة تجاه أبنائهن)

ودهشتها حين تغيرت هيأته حين كانت تنظف ما بين فخذيه فتأثر بها وتقارن بمثيله لدى الرجل العجوز.

أيضا صورة الطفل دائم النكش والبحث بأصابعه الرفيعة والتي تدخل الشقوق فتجد ما خفي عنا.

وكيف فضح الطفل علاقة والده بالأرملة حين سحب العازل من شقتها واستخدمه كبالون.

كذلك صورة دهن المرأة لحلماتها بالصبار عند رغبتها في فطام ولدها.

في الواقع الصور متتالية ورائعة.

 

أما قصة الهروب من الإطار

 فهي الأشبه بلوحة الهروب من الإطار للرسام الأسباني بيرديل بوريل (١٨٥٣- ١٩١٠)

تقول الصورة: عندما تقرر أن تخرج من الإطار الذي صنعوه لك ستندهش وتتفاجأ وتندم على كل لحظة عشتها، وعلى أشياء فرضت عليك باسم العادات والتقاليد .

حيث تظهر الصورة صورة صبي في العقد الأول أو العقدين الأوليين ، يبدو مذهولا وخائفا من الخروج، كالخوف الناشئ عن الأماكن المغلقة ، أما هيأته الخارجية فهي متسمة بحالة الفقر والحرمان التي يعاني منها.

قصة لدغة الندم

 تروي قصة إنسان قدم معروفا لخياط شفقة منه عليه وأخفاها خوفا عليه من جرح كرامته، لكنها كانت سببا في تعاسته لأنه حالة الرضا التي كان يعيشها كانت مصدر السعادة بالنسبة له . لكنه اكتشف أنه أذاه حين كان سببا في  إثارة شكوكه تجاه زوجته أو إحساسه بالعجز وفي جميع الأحوال فقد دمره. وقد فات أوان تصحيح الخطأ.

 

قصة وجع

القصة آلمتني كثيرا ، تفيض حنينا فهي لإمرأة تحب الجمال تستطيع بمهارة أن تحول القبح إلى جمال، لكن من حولها يفسدون لها ما تعمل.

قطعة الأرض المهجورة أو الخرابة حولتها إلى حديقة أو بستان ، أيضا هذا المتسول التي قدمت له بضع لقيمات تقمن أوده، والكثير من الكلمات الطيبة فصار بديلا لولدها.

وذبحتنا بعبارة في خطابها لولدها "أخاف يا ولدي لو نام الحنين هنا من دون أن يفكر أن يكمل العمر معك" لكن ولدها ظل معتقدا أن الحنين بضع رسائل في السنة وبضع حوالات بريدية.

 

وصية النجار الأخيرة

عرضت لمصطلح النصف جوع بمعنى كيف تقتسم جوعك وشبعك وسعادتك مع الآخرين، أيضا كيف تستوطن الرحمة قلبك فتكون إنسانا بحق.

ومن روائع القصص بالمجموعة قصة كدمات الروح، فالجسد يعاني كثيرا من الألام وربما يزول سريعا، أما أشد الآلام فتلك التي تصيب الروح فتصيبها بكدمات تظل عالقة بها لتعاني من آثارها.

القصة على لسان ماشطة تحكي عن مساعدتها تقول :

وقفت في مكانها ، وراحت تراقب السيدة وهي تسلم جسدها للمساعدة، وتذكرت أن جسدها لم يعرف إلا أيدي المساعدات، هن من يعرفن تفاصيله، لكن جميعهن لم يعرفن كيف يتركن فيه أثرا، تدخل وتخرج وهي نشيطة ، بلا أثر لليد التي لمستها، فقط تبدد ما يتركه ظلم زوجها لها، هل تتساوى الأيدي في همسها؟

ثم تسرد أنين المساعدة قائلة:

"سلمتني امرأة وقعت في أسرها لرجل التهمني ثم سلمني لأصحابه، فعشت زمنا بينهم مقيدة ك دابة ، يقدم لي الطعام ، لأظل قادرة على حمل الأجساد، التي تصارع من أجل سد ثقوبي كلها."

 

أما قصة الثمار المقطوفة:

فتسرد بمهارة قصة فلكلوية لعادة لازالت موجودة في صعيد مصر وهي الدخلة البلدي.

 

قصة قناص

تسرد ضرورة التحلي بمهارة الذكاء الاجتماعي في التعامل مع الآخرين وكيفية إدارة دفة الحوار لصالحك ، وكيف تؤثر في الآخرين أيضا.

هذا بعض من ابداعاتكم..ألف مبروك ومزيدا من الإبداعات.



تعليقات