هل يتعمد إبراهيم عيسى تشويه التاريخ الإسلامي؟ (فيديو)
- الخميس 21 نوفمبر 2024
كنت أتابع " الشهد والدموع" للمرة ربما العاشرة بنفس الشغف، انبهرت ب "الست إحسان" العمة الطيبة، رمانة الميزان في كل هذا الارتباك، الحنان والعطف والعطاء، وفي مشهدٍ مؤثر للغاية تمنيتُ أن ألتقي بهذه المبدعة، المحترمة، طاقة الحب والنور، تمنيتُ أن تكون ذات يوم ضيفتنا في ملتقى السرد العربي، اجتهدت حتى وصلتُ لرقمها الخاص، اتصلت، واستأذنتها في الزيارة.
لم يكُن الطريق سهلاً حتى الوصول، أنا في المعادي وهي في السادس من أكتوبر، تابعتني طوال الطريق، تعجبتُ من هذا الاهتمام الإنساني الراقي، أنا من أسعى إليها، أتعشم أن أحصل منها على وعد بقبول دعوتي لملتقى السرد العربي حيث ندوتي الرابعة في سلسلة قامات الزمن الجميل للملتقى، ولما وصلتُ وجدتُها في انتظاري، تطلُ من شرفة الفيلا وتشير لي " تفضلي" ، الحقيقة منذ اللحظةِ الأولى لدخولي وهي من تفضلت، بَهرتني بحسن الاستقبال، والكرم، والتواضع، قامت بنفسِها على ضيافتي حتى شعرتُ بالحرج، انتبهَت وقالت : :اعتبري البيت بيتك وناكل لقمة سوى".
يا الله ما كل هذه البساطة، استطاعت أن تلغي الحواجز وترفع عني الحرج وتمهد لي الطريق لأشرح ما أريد، فلما فرغْتُ قَبِلت واتفقنا على الموعد، ثم اصطحبتني لمكان آخر داخل بيتها، ازدان بالأثاث الأنيق، قطعة منه امتلأت بالدروع والتكريمات، وقَفَتْ أمامها تشعر بالزهو، وأشعر أنا به لأني جوارها، التقطتُ صورة تذكارية معها، ثم انصرفتُ بصحبتها، نعم والله، فقد أصرت أن توصلني بسيارتِها لمكان انتويت الذهاب إليه، ودعتُها على أمل لقاء قريب وقد امتلأتُ حباً لها، وأدركتُ لم كان نجاحها في دور "الست إحسان"باهراً" هي لم تكن تمثل بل تشرح ذاتَها، الطيبة والحنان والعطاء، بنت البلد بكل طاقتِها.
هكذا كان اللقاء الأول، فصلتهُ أيام قليلة عن اللقاء الثاني "الأخير" والذي لم يقل دفئاً.
في ملتقى السرد العربي كانت ندوة من أروع ما شهِدت أروقة الملتقى، زخمٌ في الحضور غير مسبوق، حالة من المودة والقرب طغت على عقارب الساعة، وعلى أدنى ذرة تكلف، شَرُفتُ بالجلوسِ بينها وبين أستاذي د. حسام عقل، فلما أدرتُ الحوار وأردف الدكتور حسام بورقتِه الباهرة صَفَّق الحضور وصَفّقت هي معهم، ثم انهال الجميع عليها بالأسئلة والمداخلات، أجابت دون كلل، وتفاعلت دون ملل، ثم التقطنا صوراً تذكارية كثيرة، وشرفنا بإهدائها درعاً تستحق أضعافه من التكريم، وفي النهاية سألتُها: وعدتك يوم زيارتي أن تسعدي بحضورك للملتقى وأن تسر الندوة خاطرك، فهل وفيت؟ أجابت: أكثر من وعدِك وتوقعي، انبهرتُ بالدكتور حسام وعلمه وثقافته، وبإدارتك وحضورك، أحببتُ الحضور والحالة، ولم أشعر لحظة بالغربة أو الملل، أنتم حالة متفردة وأنا من شَرُفتُ بكم. وكانت اللقطة الأخيرة.
كل هذه التفاصيل تذكرتها اليوم وأنا أتلقى خبر وفاتها، أنَّبتُ نفسي كثيراً لأني لم أكرر الزيارة واكتفيتُ بالسؤال تليفونياً، بكيتُ على من أطعمتني في بيتِها واستقبلتني استقبال الأم لابنتها، بكيتُ على الإنسانة الطيبة، المحترمة، والروح السَمِحة، والتواضع الجم، بكيتُ على رمز كبير من رموز الزمن الجميل، ودّع الحياة، ولم يبقَ منه سوى الأثر الطيب.
فسلام على روحك الطاهرة يا حبيبتي " رجاء حسين" أسأل الله لك الثبات والنور والرياحين، وشربة من يد الحبيب لا تظمأي بعدها أبداً.
وداعاً رجاء حسين.