رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

حقيبة السفر.. قصة قصيرة بقلم القاصة البحرينية فاطمة النهام

  • عزة عز الدين
  • الأحد 24 يوليو 2022, 01:48 صباحا
  • 1273

ذات يوم من أيام شهر أيلول، أسند الدكتور (خالد عبد الله) الطبيب الجراح ظهره على مقعد الطائرة المحلقة إلى سماءِ برلين، وهو يأخذ نفساً عميقاً، كان قد أخبر زوجته بأنه سيحضر مؤتمراً علمياً مرتبطاً بعمله لمدة أسبوع. 

كانت زوجته قد حضرت له حقيبة سفره التي تحوي كل ما يلزمه لمدة أسبوع كامل. 

عاد بذاكرته إلى الوراء، ليتذكر

لحظة الوداع، انساب صوتها الرقيق إلى أذنيه: 

- عزيزي..اعتن بنفسك جيدا. 

ـ لا تقلقي.. هذه ليست المرة الأولى التي أسافر بها إلى برلين..أليس كذلك؟

قطع حبل أفكاره ليفتح حقيبة سفره الصغيرة، وأخرج منها بعض الصور، كانت صور زوجته وابنتيه، أخذ يتمعن فيها، ويتذكر لحظات السعادة مع أسرته الرائعة.

حب كبير جمع بينه وبين زوجته دام خمسة وعشرين عاماً، كان ثمرته ابنتيه الحبيبتين (هدى) طبيبة الأسنان و(نور) طالبة كلية الحقوق. كانت أسرته الصغيرة سر سعادته وبهجته في الحياة. 

أخذ يقلب الصور بين يديه، وتذكر صوت زوجته التي سألته بهمس:

 ـ ألن تأخذنا معك يا (خالد)؟

 ابتسم وهو يقول لها:

 ـ إنها رحلة عمل يا عزيزتي. 

وضع حينها كفيه على كتفيها، وهو ينظر إلى عينيها مباشرة: 

- سنذهب معاً في يوم ما إلى برلين..أعدك بذلك.. بل سأذهب بكِ إلى كلِ بقاع الأرض.

استفاق من أفكاره ليدس الصور مجدداً في جيب الحقيبة، احتضنها، ثم غط في نومٍ عميق، بعد ساعاتٍ أيقظته مضيفة الطائرة برفق وهي تقول:

 ـ سيدي.. لقد وصلنا.

 بعد نزوله من سلم الطائرة، وفي قاعة الانتظار وجد سيدة شقراء في العقد الثالث من العمر، كانت تحمل طفلها ذا الثلاث سنوات، تلتفت يمنة ويسرة، وكأنها تبحث عن شخص ما، اقترب منها، وما إن التقت نظراتهما حتى احتضنها، واحتضن الطفل باشتياق!


تمت

قراءة وتحليل لقصة ( حقيبة السفر)

للقاصة البحرينية فاطمة النهام

بقلم الكاتب والناقد العراقي ا. جاسم السماري 


القصة القصيرة تعتمد  على عناصر أساسية إذا استطاع القاص أن يوظفها بطريقة صحيحة  مع ربط الأحداث واستخدام لغة صريحة وواضحة ، مبتدئ بالحدث ثم الذروة إلى أن يصل للعقدة والحل،  وأن يكون عنصر التشويق حاضرا ، لمعرفة نهاية القصة من خلال اسم القصة ، وللاسم دور كبير في ربط القصة بالحدث ( حقيبة السفر )، وما أن تتعمق في مجريات القصة حتى تكون الحقيبة حاضرة ولها رمزيتها في إثبات الحدث المقرون بالسفر والترحال ، وهي الوسيلة لأخذ كل ما يحتاجه معه لذلك الاسم قد تم اختياره بعناية موفقة أسهم في استكمال ووضوح الصورة  لدى المتلقي، ولفت نظره .

تبدأ الوهلة الأولى  من خلال  نقل الحدث ببساطة، لذلك  أن الرحلة كانت متوجهة إلى برلين، ويستخرج من حقيبته الصغيرة صور عائلته السعيدة، وعندما يكون الإنسان سعيدا مع عائلته وهو ينعم بالدفء والطمأنينة. واستخدمت الكاتبة طريقة الاسترجاع ليتذكر تلك اللحظات والسنين الخمسة وعشرين عاما ليعيد بذاكرته القوية وموقف زوجته وابنتاه ( هدى و ونور) وعندما تضع كل ما يلزمه ، ويكلمها بطريقة أقرب إلى المزاح ، أنها ليست المرة  الأولى التي يسافر فيها  إلى برلين ، وبهذا الكلام يبعث عن الثقة الزائدة وروح التفاهم، ولكن!!! وبعدها يعدها بأنه سوف يسافر معها ذات مرة بل سيجوب العالم ، ثم  بعد ذلك  استخرج  الصور التي عاش معها أجمل الحظات ، يتذكرها جيدا 

عندما تجمعك مع العائلة حب كبير وحياة استمرت طويلا ، وتكللت بإنجاب فتاتين هل من الممكن أن يأتي يوم أن تشك زوجته بعد كل هذا العطاء والتفاهم ؟؟؟

ثم تأتي المضيقة توقضه من النوم ...وتخبره بوصول الطائرة !!

وهنا تحدث المفاجأة والصدمة حاضرة !!

عندما تقف امرأة ثلاثينية تحمل طفلا تلتفت يمنة ويسرة....وحالما تراه احتضنها واحتضن الطفل..

عندما يكلل الارتباط الزوجي بالنجاح وتحس بأنك تعد هذه العائلة بالصورة الصحيحة للمجتمع  أين يكمن الخلل؟؟

وهل الذنب للزوجة وهي قد أفرطت بالثقة  التي منحتها للزوج ؟؟؟

أم  يمكن أن نعطي العذر ربما الفارق في الدرجة العلمية حيث لم تستطيع أن تلبي كل احتياجاته ولكن بنفس الوقت كان سعيد  مع زوجته أين يكمن الخلل ا!!!

السهل الممتنع هي الطريقة التي استخدمتها القاصة ، ليس فيها أي تعقيد لذلك المتلقي سوف لا يجد أية صعوبة في متابعة أحداث القصة  ، لذلك كتبت بصورة واضحة وجيدة من حيث الشكل والمضمون كذلك سلاسة الحدث وتسلسله بطريقة وظفتها القاصة بطريقة محببة جدا.  وان القاصة هي الراوي العليم تسرد الحدث عن طريق الاسترجاع وتسريع الحدث والحركة السردية بسرعة كذلك من خلال التلخيص .

المكان  البيت الذي وجد فيه العطف والدفء مع الزوجة والبنات ويجسد الأمن والاسترخاء كذلك هنالك مكان الطائرة المؤقت الذي فيه استرجع الأحداث الماضية التي عاشها مع عائلة لغاية الموقف الذي أثار الدهشة وبما يجد هذا المكان الأكثر استقرارا !!! ......

الثيمة لهذه القصة أن الإنسان مهما بلغ من الدرجة العلمية هل يمكن أن يخطئ بحق إنسانة أخلصت وأفنت حياتها لأجله وكونت عائلة ؟ وهل بهذا التصرف هو محق ؟

أم أنه أخطأ على أقل تقدير!! لذلك أثارت القاصة أشياء، فقد تركت القارب دون مجاذيف، يبدو أن حياته قد قسمها إلى اثنين، ويشعر بالأستقرا أينما يحل، ولعله تذكر عائلته وصورة بناته أكان بعض

 ( من تأنيب الضمير ) أم أنه قد تمرس بلعب دور الزوج المتفاني والمخلص لعائلته!!!

 في وسط هذا البحر ربما  تريد القاصة أن تقول أشياء  ، مهما قدمت المرأة من إخلاص وتفان فإنها ضعيفة في مجتمع ذكوري له السيادة المطلقة!!

وأنت تقرأ القصة بإمعان لم تجد أي ثغرة تركتها الزوجة حتى تعطي المسوغ والعذر لزوجها الدكتور وهو يستغلها بأبشع صورة ،  ويكتم زواجه الثاني من  زوجة أخرى دون علمها !! 

أم هل هذا يعتبر من الكذب الأبيض الذي يصفونه !!

حقيقة المتعة حاضرة، والتعاطف هذه المرة مع الزوجة، فإن إخلاصها وقيامها بواجبها على أكمل وجه تشعر مدى مظلومية المرأة لأقل تقدير ،  كان عليه أن يكن صادقا ويواجه الحقيقة بأخبارها بالزواج .

نعم ربما تعد بعض القصص وكأنها غريبة بعض الشيء عن الواقع ، لكنها تحدث أحيانا فكل شيء يحدث في هذا العالم المليء بكل التناقضات والغرائب ، وهل التطور قد أسهم بشكل أو آخر في انحدار القيم والأخلاق.......... شكرا للقاصة لقد تطرقت إلى موضوع لا يخلو من الأسئلة تحتاج إلى كثير من الأجوبة النهاية الصادمة ، هي من منحت للثيمة الروح والديمومة  ،كذلك ربما المتلقي سوف يفكر كثيرا حتى يعرف السبب الحقيقي !!!

كل التقدير للقاصة (فاطمة النهام)

من مملكة البحرين لكم أحسست أن القصة جميلة ومعبرة  ، وتسرد حالة من حالات مجتمعنا .. تحياتي

تعليقات