أفلا تبصرون.. هل رأيت نمل الباندا من قبل؟!
- الأحد 24 نوفمبر 2024
رحلة مهنية إلى إحدى الدول للتحدث عن الحركةِ الثقافية في مصر، وقعَ عليّ الاختيار لأمثل مصر، وتحديداً الجهة الثقافية التي أنتمي لها، سعدت أيَّما سعادة وبقيت مشكلة أن أقنع أولادي بالقبول، ولأنهم يثقون تماماً في مهارتي في التصدي لأي موقف لا يليق بي قَبِلوا، جهزتُ أوراقي بسرعة وسافرت.
في غرفةٍ توسطت الفندق
الفخيم وضعتُ حقيبتي وأشيائي، ومن الشرفة كانت طلتي الأولى على منظرٍ خلاب، بعد ساعة لا أكثر دعوني للفعالية، ذهبتُ معهم، وفي
الطريق الطويل جداً أدركتُ دون شك أني مختطفة، بالقطع لم أدرِ لماذا، هناك في غرفةٍ
مظلمة تركوني، وفي لحظةٍ قدرية أشبه بالمستحيلات هربتُ من الحارس الذي وضع لي الطعام
وفاته أن يغلق الباب، لستُ أدري ما هذه السرعة
والخفة سوى أنه المدد من الله، ركضت هائمة في الشوارع والتقاطعات، أحلم بالعودة، بالحرية،
لا يهمني أن أفهم، فقط أريد أن أعود.
دربٌ من دروب المستحيل أن أصل إلى بلدي دون وسيلة
مواصلات، وأوراق تحققيه، واستجوابات، دون أي
شيء سوى الهلع والعطش، والريق الذي جف، وخفقات القلب التي كادت أن تخترق صدري أو تتوقف
تماماً.
في لحظةٍ تذكرتُ الأشياء التي تركتها في الغرفة ذات الطلة
الأولى، حقيبتي وملابسي وعلبة القطيفة، بها بعضٌ من قطع الذهب، منها قلادة علي شكل
قلبين ذهب أبيض وأصفر، وعلى طرفيهما قطعتان
من "الألماس" الحر، ثمينةٌ جداً هذه القطعة الضائعة، أدركتُ أن الفاتورة التي ندفعها في أشياءٍ نتوسمُ فيها السعادة، قد
تكون أثمن بكثير من ذات الأشياء، خاصة حين يضاف للخسارة المادية، الأَسر والشتات، وأدركتُ
أيضاً أن ومضة نور تداعبُ الجفون حين نفيقُ من حلمٍ مزعج أجهزَ على ليلتِنا، فأصابنا
بالكدرِ والخوف والدهشة، وكوباً من الماء أضعه
دائماً على الكيمود، وزقزقة عصافير الشرفة عند الفجر، هو الحلم الأجدر بأن يتجدد ويصحبه
الرضا.
في الخامسةِ صباحاً
اتصلتُ بروحٍ تُكَمّلُني لأحكي لها كل هذه الانفعالات ولكنها لم تجب.