زكريا صبح يكتب: قلبُ الجمهور وقلبُ الحقائق

  • زكريا صبح
  • الأربعاء 20 يوليو 2022, 7:30 مساءً
  • 559
صورة شخصية لكاتب المقال

صورة شخصية لكاتب المقال

أن يتحول جمهور الكرة لقاتل عن عمد، يقتل بأخلاق باردة وعقل فارغ وروح يابسة، هذا ما حدث مع لاعب في مباراة، وأنا هنا لن أذكر اسم اللاعب ولا لأي فريق يلعب، ولن أذكر المباراة التي حدثت فيها الواقعة؛ لأن ذلك لا يعنيني في شيء، إنما يعنيني الحدث الذي زلزلني. 

حارس مرمى الفريق يُمنَى مرماه بخمسة أهداف متتالية، الجمهور الذي حضر يُصاب بإحباط، ويصب جام غضبه على الحارس، والحارس شاب يافع مُقبِل على الحياة، جاء يمارس هوايته ورياضته المفضلة، تملؤه الشجاعة والحمية للزود عن مرماه، فيُصاب بخمسة أهداف، يُجَن جنون الجمهور الذي فقد قلبه قبل عقله، ونسي أن حضوره ليس إلا من باب مُمارَسة رغبته في تشجيع فريقه وإلهاب حماسه من أجل الفوز، ونسي أيضًا أن الرياضة مكسب وخسارة، فوز وهزيمة، أفراح وأحزان، متى كانت الرياضة -مُمارَسًة وتشجيعًا- تعصبًا وعصبيةً مقيتةً؟! متى كان دور الجمهور أن يكون متحفزًا للإيذاء الذي قد يصل إلى القتل؟! متى فقد الجمهور قلبه؟! كيف استطاع الجمهور قلب الحقائق فغدت الرياضة توترًا لا تفريغًا للسلبية الكامنة فينا؟! وأصبحت الرياضة عنفًا لا تسامحًا وهدوءًا. 

متى مات قلب الجمهور وراح يغتال الحارس بدم بارد وراح يسبه ويلعن أهله ويصمه بالخيانة؛ فقط لأن الفريق تأخر بخماسية نظيفة. 

لماذا لم يتعلم الجمهور قواعد التشجيع المثالي، التشجيع الإيجابي الذي يحفز اللاعبين على الفوز؟! لماذا انتهج الجمهور نهج الهمجية والقبَلية المقيتة؟! 

ظل يهتف بالسباب واللعنات على الحارس الذي لم يتمالك نفسه؛ فخلع قميصه وداسه بقدمه، ونزع قفازه وألقاه بعيدًا، وانهار كالأطفال باكيًا، ثم أعلن أنه اعتزل الرياضة للأبد!

لا شك أن الجوقة التي لم ترحم إنسانية الحارس باتت ليلتها سعيدة، ونسيت أنها قد تكون سببًا في قتله!


تعليقات