محمد سعد الأزهري: طلب العلم أفضل من النافلة ولكن!

  • جداريات Jedariiat
  • الخميس 23 يونيو 2022, 10:39 مساءً
  • 751

قال أبو الدرداء رضي الله عنه لأن أتعلم مسألة أحب إلي من قيام ليلة، وقال الشافعي رضي الله عنه طلب العلم أفضل من النافلة، وسئل الإمام أحمد: "أيُّما أحبُّ إليك أن أصلّي بالليل تطوُّعاً أو أجلس أنسخ العلم؟ قال: إذا كنت تنسخ ما تعلم من أمر دينك فهو أحبُّ إليّ". وقال أيضا: "العلم لا يعدله شيء".

بمثل هذه النصوص وأشباهها يحفّز أهل العلم طلبته بالانشغال بطلب العلم وتقديمه على غيره من النوافل ، وهذا بلا شك فقه عامر ورأي صائب ، ولكن التنفيذ العملي من أغلب طلبة هذا الزمان كان على خلاف ذلك مما جعل كثير من طلبة العلم يتراجع تربوياً وسلوكياً لأنه اختار طريقاً ثالثاً مستدلاً عليه بما لا يناسبه !

فإن أكثر الطلبة - في الحقيقة - لا يجتهدون في طلب العلم وكذلك يتركون القيام لأن طلب العلم أحب إليهم من قيام الليل !

ثم يقصِّرون كذلك في قراءة القرآن والاستغفار والتسبيح مرددين أن طلب العلم أفضل من النافلة ، فتكون النتيجة بعد مرور سنوات قليلة أن يصبح هذا الطالب صاحب تقصير شديد في الطاعات مما يجعل الآفات تتسرب إلي قلبه بكل يُسر ، بل وتتحجّر القلوب لأنها تفتقد لأهم أسباب ترقيقها !

بل ويصل الأمر إلى أبعد من ذلك ، حيث تقلّ عموم الطاعات ويقسو القلب ، ويتحول طلب العلم إلى متاهة عظيمة للقلب !

ورغم أن هؤلاء الطلبة يذكرون كثيراً في كتبهم أو دروسهم أن خير الهدي هدى محمد صلى الله عليه وسلم ، إلا أنهم في الاستغفار والتسبيح وطول القيام لا يهتدون بهذا الهدى المحمدي ، بل ويبتعدون كثيراً عن سلوك أهل الإيمان ، ثم تتحوّل حياتهم إلي مناظرات وحوارات مقطوعة الصلة بين القلب والرب ، ثم تكون المحصِّلة : لا علم كما ينبغي مع تقصير شديد في كثير من الطاعات !

بل إن بعضهم قد يتحوّل مع الوقت إلي أحد العُصاة المستترين المستمرين !

بسبب عدم اعتناءه بقلبه ولسانه وعموم طاعته ، كل ذلك بدعوى أن طلب العلم أحب إليه من قيام ليلة !

الخلاصة : التعوّد على ترك المستحبات والنوافل مع الانشغال بطلب العلم والذي فيه من آفات الرئاسة والعلو والبغي والحسد وغيره ، يترتَّب عليه لسان عليم وقلب ضعيف !

مما يجعل الإنسان أسيراً لآفاته ، ضعيفاً في مقاومة نزعاته ورغباته ، لأنه لم يسقى مادة العلم بإكسير العبادة المقرونة بذل الطاعة وانكسار القلب والحاجة إلي توفيق الرب الحكيم.

وأسأل الله أن يُبصِّرنا بالحق وينجِّينا من الشرور والمهالك.

تعليقات