«ملحد يسأل».. لماذا يريد الله منا أن نعبده أيحتاج إلى عبادتنا؟.. وباحث إسلامي يرد على مغالطته !

  • أحمد حماد
  • الأحد 15 مايو 2022, 03:15 صباحا
  • 694

بين الدكتور ربيع أحمد، الباحث الإسلامي، خطأ اعتراض الملحد على الله قائلاً: لماذا يريد الله منا أن نعبده؟ أيحتاج إلى عبادتنا؟

 

وقال في بحث نشره عبر منصة الألوكة: إن من يعترض على الله قائلاً: لماذا تريد مني يا ألله أن أعبدك؟ أتحتاج إلى عبادتي؟ كالعبد الذي يعترض على سيده وقد أمره بشيء، فقال له: سيدي، لماذا تريد مني أن أفعل ما تأمرني به؟ أتحتاج إلى ذلك؟ وهذا خطأ، ووجه الخطأ في ذلك: أن العبد ليس له أن يسأل هذا السؤال؛ لأنه عبدٌ لسيده، وهل يُعقَل أن يحاكم العبدُ سيده؟! ونحن عبيد لله، فكيف لنا أن نحاكمه؟! هذه واحدة.

 

والأمر الآخر: هذا السؤال نفسه مبني على مغالطة، أن كل أمر يأمر به السيد عبده يحتاجه السيد من العبد، وهذا ليس صحيحًا؛ فقد يكون الأمر اختبارًا من السيد لعبده، وقد يكون الأمر تشريفًا للعبد بفعل شيء جديرٍ أن يفعله، وقد يكون الأمر لمحبة السيد أن يرى امتثال عبده له وطاعته له، وقد يأمر السيد عبده بشيء إذا فعله رفع منزلته عنده، وأفاض عليه بعطايا عظيمة، ولله المثل الأعلى.

 

 

 

والله - عز وجل - خلقنا لنعبده، وفي عبادته سبحانه صلاحنا وسعادتنا في الدارين؛ دار الدنيا ودار الآخرة، فنحن الذين نحتاج إلى عبادته، ونحن من ننتفع بعبادته، فأمره لنا بالعبادة من حبه لنا، ومن فضله وكرمه علينا؛ قال قتادة وغيره من السلف: "إنَّ الله سبحانه لم يأمُرِ العباد بما أمرهم به لحاجته إليه، ولا نهاهم عنه بخلاً منه، بل أمرهم بما فيه صلاحُهم، ونهاهم عما فيه فسادُهم"[2].

والله - عز وجل - خلقنا لنعبده باختيارنا؛ تشريفًا لنا، وتمييزًا لنا عن كثير من خَلْقه سبحانه.

والله - عز وجل - خلقنا لنعبده؛ لأنه يحب أن يرى امتثالنا وطاعتنا له سبحانه، وإذا طلب منك ملِك من ملوك الدنيا فِعل شيء يحب أن تفعله، فهل ستتأخر عن ذلك وتقول: لماذا تطلبه مني؟! وإذا طلب منك رئيس من رؤساء الدول فِعل شيء يحب أن تفعله، فهل ستتأخر عن ذلك وتقول: لماذا تطلبه مني؟! وإذا طلب منك أحد الوزراء فعل شيء يحب أن تفعله، فهل ستتأخر عن ذلك وتقول: لماذا تطلبه مني؟!

 

 

 

والله - عز وجل - خلقنا لنعبده باختيارنا؛ ليُنعِم علينا في الآخرة - إذا عبدناه وحده وأطعناه - بالسعادة الأبدية، وذلك كرمٌ منه وفضلٌ.

وكون اللهِ هو الخالقَ، فهذا يقطع بعدم احتياجه لغيره، فكيف ندَّعي أنه يحتاج إلى عبادتنا وهو لا يحتاج لغيره؟!

 

والله - عز وجل - ما كلف المكلفين ليجرَّ إلى نفسه منفعةً، أو ليَدفَع عن نفسه مضرَّة؛ لأنه تعالى غنيٌّ على الإطلاق، فيمتنع في حقه جرُّ المنفعة، ودفع المضرة؛ لأنه واجب الوجود لذاته، وواجب الوجود لذاته في جميع صفاته يكون غنيًّا على الإطلاق، وأيضًا فالقادر على خَلْق السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم والعرش والكرسيِّ والعناصر الأربعة والمواليد الثلاثة - ممتنع أن ينتفع بصلاة "زَيْدٍ"، وصيامِ "عَمْرٍو"، وأن يستضر بعدم صلاة هذا، وعدم صيام ذلك[3].

والأعمال الصالحة التي يعملها الإنسان إنما تنفَع صاحبها، وكذلك الأعمال السيئة لا تضر إلا صاحبها، وأما الله تعالى فغنيٌّ عن العالمين؛ فالخلق هم المستفيدون من الطاعة، والمتضررون من المعصية؛ قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46]. 

وقال تعالى: ﴿ وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 8]؛ أي: إن تكفروا بالله أنتم وجميع أهل الأرض، فلن تضروا الله شيئًا؛ فإن اللهَ لغني عن خَلْقه، مستحقٌّ للحمد والثناء، محمود في كل حال[4].

 

 وقال تعالى: ﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ﴾ [النساء: 131]؛ أي: إن تجحدوا وحدانية الله تعالى وشرعه، فإنه سبحانه غنيٌّ عنكم؛ لأن له جميع ما في السموات والأرض، وكان الله غنيًّا عن خلقه، حميدًا في صفاته وأفعاله[5].

 وفي الحديث القدسي قال الله - عز وجل -: ((يا عبادي، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي، لو أن أولَكم وآخركم، وإنسَكم وجنَّكم كانوا على أتقى قلبِ رجلٍ واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجرِ قلب رجل واحد، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل إنسان منهم مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقُص المِخيط إذا أدخل البحر"[6]. 

تعليقات