حسان بن عابد: المهارات الغريزية في عالم الحيوان دلالة واضحة على العناية الإلهية (فيديو)
- السبت 23 نوفمبر 2024
عبدالرحمن علي البنفلاح
قال عبدالرحمن علي البنفلاح، الكاتب في شؤون الفكر والبحوث الإسلامية، إن التحدي الحق الذي واجهته الًحضارة هو الانتقال من تعدد الآلهة، والصراع فيما بينها، والوصول إلى التوحيد الخالص، وانتقال الإنسان من حالة البداوة، حيث الحياة البدائية التي بدأت بإنسان الكهوف الباحث عن الطعام والأمان -وهما من أهم عناصر البقاء للإنسان- ثم البحث عن قوة تحميه من الأخطار التي تتهدده، سواء من أخطار الحياة المتوحشة بسبب الحيوانات المفترسة، أو حمايته من عوامل البيئة البدائية في الكهوف والمغارات في الجبال، ومن كلً شيء يخيفه ويجهل حقيقته.
وأوضح في مقال له على موقع " أخبار الخليج" أنه عندما انتقل الإنسان "إنسان الكهوف" والمغارات إلى الشواطئ، شواطئ البحار والأنهار، وأنشأ حياة جديدة تعتمد فيها على الصيد والزراعة ارتقت حياته درجة فيها شيء من الأمن والراحة، ثم بدأ يكتشف ويخترع، والحاجة -كما يقولًون- أم الاختراع، وبدأ يصنع بعض الأدوات البسيطة التي تعينه على أن يعيش حياة فيها شيء من الاستقرار والرفاهية، وتعلم قدرًا من القراءة والكتابة التي أعانته على فك بعض رموز الحياة.
وأشار إلى أنه عندما انتقل الإنسان إلى مرحلة جديدة بدأت مظاهر الحضارة تتبدى في أخلاقه وسلوكه، وعاش قلقًا جديدًا، وعمل على التوفيق بين الآلهة التي ما فتئ الصراع دائرًا بينها منَّ له الحق في السيطرة والاستعلاء، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم قال تعالى: (ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون) المؤمنون/91.
وتابع: وحتى تستمر حالة الاطمئنان في حياة الإنسان بدأ يفكر ويبحث عن إله واحد يجمع هذه الآلهة (المدعاة) والتي هي في صراع دائم كلٌ يحاول الغلبة والاستعلاء، وظل الًصراع دائرًا حتى جاءت الرسل يحملون إلى البشرية هدايات الحق من خلال رسالات السماء التي أنزلها الله تعالى على الرسل ليبلغوها إلى الناس، وكانت آخر الرسالات الرسالة التي أنزلها الله تعالى على رسوله محمد (صلى الله عليه وسلم).
ولفت إلى أن ذلك يؤكد أن هناك نص صريح وواضح على الوحدانية، وأنه لا يستقيم أمر الوجود كله لو كان فيه أكثر من إله، بل إن استقرار الكون وما فيه من مجرات وأفلاك متوقف على التوحيد الخالص، والإيمان بإله واحد لا شريك له سبحانه، قال تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون) الأنبياء/22. إذًا، فبقاء السموات والأرض كل يجري في فلك خاص به دليل على الوحدانية، وأيضًا اختلاف الليل والنهار، كل ذلك من أدلة الوحدانية، قال تعالى: (والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم(39) لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون(40)) يس.
وأردف: لقد أفضى العلماء العاملون المجتهدون في بحوثهم العلمية إلى الإيمان بوحدانية الله تعالى حتى أن عددًا كبيرًا منهم وضعوا كتابًا بسطوا فيه الأدلة على وجود الله تعالى ووحدانيته، وكان الكتاب بعنوان: «الله يتجلى في عصر العلم»، كما أنَّ عالمًا آخر هو: موريس كريسون ألَّف كتابًا آخَرَ بعنوان: «العلم يدعو إلى الإيمان»، وهكذا تداعى العلماء كلٌ في مجال تخصصه لإثبات اتفاق حقائق العلم الثابتة مع كتاب الله تعالى، القرآن الكريم، ولقد بَيَّنَ هذا الدكتور موريس بوكاي حين ألف كتابًا بعنوان: «التوراة والإنجيل والقرآن والعلم الحديث»، ومن خلال هذه الجهود العلمية الحثيثة أكد العلم بما لا يدع مجالاً لأدنى شك على أن الحياة لا يستقيم أمرها، ولا يحقق الإنسان فيها غاياته إلا بوجود إله حكيم قادر بيده ملكوت كل شيء، إله حي لا يموت، ولا تأخذه سِنَةٌ ولا نوم لأنه يمسك السماء أن تقع على الأرض، قال تعالى: (ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم) الحج/65.
واختتم: إن الملحدين الذين أعرضوا عن هدايات الله تعالى، وآياته في الآفاق، وفي أنفسهم، ثم أعرضوا عن هدايات العلم وحقائقه التي انتهى العلماء المجتهدون من تقريرها، وما وصلوا إليه من الاكتشافات للقوانين التي بثها الله تعالى في الوجود لتقود الباحثين عن الحق، وعن الصراط المستقيم، وإذا كانت كل هذه الأدلة والبراهين العلمية والعقلية المؤكدة على وجود الله تعالى وعلى وحدانيته غير كافية عندهم، فعليهم أن يعيدوا النظر في صحة عقولهم، وأن يحاولوا شفاءها من أمراض الجاهلية التي أفسدت عليهم حياتهم، وأعادتهم إلى المربع الأول الذي غادره المؤمنون بإله واحد لا شريك له.. إنها ردة حضارية، وجاهلية أشد من الجاهلية الأولى التي جاء الإسلام ليخلص البشرية منها، ويقود خطاها إلى صراط الله العزيز الحميد سبحانه وتعالى.
وقال: إننا مطمئنون إلى أن الملحدين الذين لم يأتوا بشبهات جديدة إنما يلوكون ما سبقتهم إليه الجاهلية الأولى والتي ردها عليهم القرآن الكريم، وهم بهذه الكيفية يعيشون رِدَةً حضارية المفروض أنهم قد غادروها منذ زمن ليس بالقصير.