مساجد أوروبا تفتح أبوابها لاستقبال اللاجئين الأوكرانيين

  • أحمد حماد
  • الجمعة 11 مارس 2022, 9:15 مساءً
  • 369

ذكرت الأمم المتحدة أن 1.3 مليون لاجئ قد عبروا بالفعل من أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي في شرق بولندا وسلوفاكيا والمجر وشمال رومانيا، منذ بدء حرب روسيا على أوكرانيا.

 

ورغم أن الترحيب الحار باللاجئين الأوكرانيين في أوروبا أثار مسحة من المرارة بشأن معاملة المهاجرين العرب والمسلمين قبل سنوات، استعاد مسلمون حول العالم ذكرياتهم مع الحرب واللجوء، وعبّروا عن تعاطفهم مع الأوكرانيين الذين أجبروا على ترك بلادهم وتعايشوا مع محنتهم، وقدموا للاجئين طعامهم ومسكنهم ومسجدهم، بل عرّضوا حياتهم للتهديد لإنقاذ العالقين في المدن الأوكرانية.

 

 مفتي أوكرانيا يقاتل من أجل بلاده

 

يعدّ مفتي المسلمين في أوكرانيا سعيد إسماعيلوف أحد أهم الشخصيات الإسلامية في البلاد. لم يعش إسماعيلوف حياة هادئة كما يتوقع أي شخص في منصبه، فقد غادر مسقط رأسه عام 2014، عندما احتل الانفصاليون المدعومون من روسيا شرق أوكرانيا، وحاولوا القبض عليه واغتياله بعدما أصبح ناشطا ضدهم.

 

انتقل إسماعيلوف إلى كييف، لكنه الآن -مع سقوط الصواريخ من حوله- بات يخشى على الأوكرانيين عموما والمسلمين بشكل خاص، لأنه شهد تصرفات روسيا في شبه جزيرة القرم، بعد أن ضمت الإقليم الأوكراني، ولا تبشر بخير للمجتمع الأوكراني المسلم.

 لم تكن الإجابة صعبة على إسماعيلوف عند سؤاله عما يجب فعله إذا اجتاحت القوات الروسية مدينته، حيث المسجد الذي يصلي به ومكتبه في المركز الثقافي الإسلامي، فقال "لن أبقى مفتيا، سأخرج وأقاتل المحتلين للأراضي الأوكرانية الحرة، سأموت أو أنتصر"، وناشد عبر حسابه الخاص على فيسبوك مسلمي العالم للوقوف بجانب أوكرانيا، لأنها -على عكس روسيا- بلد يحترم الإسلام.

 

كان سعيد إسماعيلوف من بين العديد من الممثلين الأوكرانيين للأقليات الدينية والقومية الذين تحدثوا علنا دفاعا عن أوكرانيا، بعد إعلان بوتين الحرب في الساعات الأولى من 24 فبراير/شباط الماضي، ودعا المسلمين في روسيا لعدم المشاركة في الحرب.

 

المسلمون في نوتنغهام

 

أطلقت الجالية المسلمة في مدينة نوتنغهام نداءً لمساعدة أولئك الفارين من الحرب الروسية على أوكرانيا، ونظم المركز الثقافي الإسلامي حدثا تضامنيا مع أوكرانيا، طلب فيه من البريطانيين التبرّع بمواد غذائية وملابس لمن عبروا الحدود من أوكرانيا إلى بولندا.

كانت إيديتا غلوش هي صاحبة الفكرة، وهي بولندية، نشأت في أسرة مسيحية، لكنها اعتنقت الإسلام في عمر 22 عاما، بعدما التقت برجل مسلم، وقرأت عن الإسلام، وتغيرت نظرتها له، وهي الآن متزوجة من هذا الرجل، وتدير متجرا للأعمال اليدوية، ولديهما طفلان، وترى أنها صارت أكثر تدينا من زوجها، لأن شغفها بالمعرفة الإسلامية لم يتوقف.

 

 

 

تحركت إيديتا لمساعدة الأوكرانيين بعدما تأثرت بلقطات شاهدتها لنساء وأطفال يعانون من أجل الحصول على الطعام، وساعدها البريطانيون في جمع الأطعمة المعلبة ردا على ندائها، وساهم المسجد المحلي في نشر النداء، وبالفعل جمع المركز الثقافي الإسلامي مئات الصناديق، وشحنها لتمر عبر الحدود الأوكرانية البولندية، حيث سيتم توزيعها على اللاجئين الأوكرانيين.

نجحت التجربة في جمع مؤن تكفي 7 شحنات للأسبوع القادم، بسبب الدعاية التي تولاها المسجد والمركز الثقافي الإسلامي، لكن إيديتا قلقة من عدم وصول التبرعات للمحتاجين، بعدما تابعت تقارير تفيد بالتمييز بين الناس بحسب العرق والدين على الحدود.

 

مساجد أوروبا تفتح أبوابها

 

يصل أكثر من ألف لاجئ أوكراني يوميا إلى ألمانيا عبر بولندا، معظمهم من النساء والأطفال، بعد رحلة تستغرق 90 ساعة على الأقل. يصل اللاجئون بلا أمتعة، وبلا طعام أو مال، ليبحثوا عن مركز استضافة مؤقت، لحماية أطفالهم من البرد القارس، والنوم لساعات قليلة لتعويض ليال لم يناموا فيها تحت القصف.

 

لذلك، دعا المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا المساجد والمنظمات الإسلامية غير الحكومية لدعم اللاجئين الأوكرانيين الذين وصلوا لتوهم في محطات القطارات. بالفعل، جمعت المساجد التبرعات، وحولت فصولها الدراسية إلى ملاجئ وغرف نوم للاجئين، ويستقبل المسجد الواحد ما لا يقل عن 50 فردا، يبيتون فيه حتى يحددوا وجهتهم التالية، ويتلقون رعاية ودعما ماليا ونفسيا بإشراف من الأئمة.

ساعد مسؤولو المساجد اللاجئين على الوصول لأماكن آمنة، وحجزوا رحلات القطار لعائلات تخطط للسفر إلى النرويج، وساعدوا آخرين على تقديم طلبات اللجوء.

 

تكررت القصة في إيطاليا، بعدما حث اتحاد الجاليات الإسلامية في إيطاليا الجاليات المسلمة في البلاد وفي جميع أنحاء أوروبا على فتح أبواب مراكزهم حتى يكونوا ملاذا آمنا لأولئك الفارين من الحرب في أوكرانيا، وقامت الجاليات المسلمة في جميع أنحاء إيطاليا بتنظيم مبادرات محلية لجمع الأغذية والأدوية التي سيتم التبرع بها لأوكرانيا.

 

 إسلام العشيري منقذ العرب

 

قصفت الصواريخ الروسية الطرق والمحطات، ولم يعد من الممكن الخروج من كييف بعد الآن، ومن يفكر في عبور الحدود بسيارة أجرة يجد نفسه مضطرا لدفع أكثر من ألفي يورو، لكن وضع الأجانب من الأفارقة والمسلمين في أوكرانيا أشد صعوبة، بسبب المعاملة العنصرية التي يلقونها، ورفض الجيش الأوكراني مغادرتهم البلد.

 

وسط تلك الشدائد، ضجت وسائل التواصل الاجتماعي في مصر للاحتفاء بشجاعة الشاب المصري إسلام العشيري، الذي أخذ على عاتقه إنقاذ الأسر العالقة في أوكرانيا، بعدما نشرت وزيرة الهجرة المصرية نبيلة مكرم فيديو للعشيري في سيارته ومعه مجموعة أطفال يمنيين ووالدتهم الأوكرانية، في استجابة لاستغاثة والدهم التي نشرها من اليمن، لمساعدة أسرته في أشد المدن الأوكرانية اشتعالا، لكن ظهر العشيري بالمقطع المصور وهو يحاول إسعادهم وطمأنتهم بصوت الموسيقى والأغنيات للتغطية على صوت الصواريخ طوال الطريق.

 

لم تكن تلك المرة الأولى التي تظهر فيها شجاعة العشيري منذ بدء حرب روسيا على أوكرانيا، فقد أنقذ أما عراقية و4 أطفال، وأنقذ قبلها مواطنا سعوديا، وانتشرت صور للعشيري وهو يودع أصدقاءه قبل رحلته لإنقاذ أسرة لبنانية.

تعليقات