محمد سعد الأزهري يكتب: هل أنت مؤمن؟

  • جداريات Jedariiat
  • الخميس 03 مارس 2022, 04:57 صباحا
  • 953

س: هل أنت مؤمن؟!

ج: يعني إيه مؤمن؟!

س: يعنى هل لديك ثوابت لديك إيمان جازم بها،  ويقين لا يتزعزع عنها، وأسئلة مصيرية وجدت إجابات لها؟!

ج: نعم أنا لدي هذا الإيمان.

س: هل تمانع أن يكون هناك رأي آخر يخالف إيمانك؟!

ج: الإيمان ليس له علاقة بالممانعة، فأكيد في هذا العالم الواسع هناك من يؤمن بخلاف ما أؤمن، ولكن سأظل مؤمناً بما أنا عليه وهو مؤمن بما هو عليه.

س: ألا يوجد احتمالات أن يكون ايمان الطرف الآخر هو الأصح؟!

ج: بالنسبة لي، لا يوجد أدنى احتمال، وذلك لأنني آمنت عن تدبر وتفكر واقتناع.

س: ألا يُحتمل أن يكون الطرف الآخر لديه نفس هذه القناعة التي لك؟!

ج: أنا ليس لي علاقة بقناعاته، فدرجة الإيمان وقوته ليس له علاقة بشدة إيمان صاحبه به، وإنما بقدرته على الدفاع عن إيمانه بالحجج والبراهين، وإثبات أن هذه العقيدة التي يؤمن بها تتوافق مع العقل الصريح على طول الخط.

س: هل يمكن أن تتحرر قليلاً من إيمانك، بحيث تقبل فيه رأياً آخر، وتصوراً جديداً؟!

ج: الإيمان هو الاعتقاد الجازم، فكيف تريد أن أجزم بأنني على الحق ثم في نفس الوقت أتحرر قليلاً وأجزم بأن الحق الذي أعتقده يُحتمل أن يكون باطلاً؟!

فالإيمان هو الجزم اليقيني الذي لا شك فيه.

س: هل يمكن أن تعطيني مثالاً لذلك؟!

ج: أنا أؤمن بوجود الجنة والنار، وأن النعيم أو العقاب الأخروى حسي، يشعر به الإنسان.

وأن الدنيا مزرعة للآخرة، وأن من يعمل مثقال ذرة خيراً يره، أي في النعيم الحسي.

وأن من يعمل مثقال ذرة شراً يره، أي من العقاب الحسي.

وبناءً عليه فإنني أؤمن بأن الذي سيفلت من العقاب في الدنيا سيناله في الآخره، وأن هناك واجبات في الدنيا إذا فعلتها نلت النعيم في الآخرة، وأن هناك محرمات في الدنيا إذا قمت بها نلت العقاب في الآخرة، هذا هو القانون العام للإيمان الذي أعتقده والخاص بمنظومة الثواب والعقاب.

س: هل ممكن لغير المؤمن بهذه المنظومة أن يحصل على الأجر "من النعيم الحسي" الذي يحصل عليه المؤمنين بها؟!

ج: كيف يُعقل أن يحصل غير المؤمن على أجر هو غير مؤمن به؟!

فهذا الشخص مثلاً لو نفترض أنه كان ملحداً في الدنيا، وكان يُنكر وجود الإله، وكان في معاملاته مع الناس جيد للغاية، وقد أوصى صديقه أن يُحرق ويُنثَر رُفاته في المحيط الأطلنطي أو فوق جبال الهيمالايا، لأنه يعتقد أن حياته قد انتهت إلى الأبد، ولا يوجد نعيم ولا عقاب، بل ولا حتى أن يُقال له بعد موته: لروحه السلام!

فكيف تريد مني أن أعتقد أو أتوقع أو أتخيّل بأن شخص رافض لاعتقادي، وظل طوال حياته يناقضه قولاً وفعلاً، ثم تفترض أن يحصل على مكافأة مثل الذي كان مؤمناً بذلك؟!

أليس هذا مخالف للعقل؟!

وعلى سبيل المثال، إذا قررت بريطانيا أن الذي يمتنع من التجنيد سيُسجن، فجاء شخص وهرب لئلا يناله التجنيد، بل وأنشأ حساباً وهمياً على الفيس بوك ليؤلب الشباب على هذا القرار والذي تم اتخاذه عن طريق نواب الشعب وحسب دستوره، ثم نادى بمقاومة هذه القرارات بالقوة، بل وبدأ ذلك هو وآخرون بالفعل، ثم قُتل صريعاً في أحد مناوشاته مع الشرطة الإنجليزية، وعند وفاته طلب بعض الناس من الحكومة البريطانية بمنحه أعلى وسام في المملكة؟!

وكذلك اطلاق اسمه على أكبر ميدان، بل وتخليد ذكراه بالإحتفال به سنوياً يوم مماته؟!

هل يمكن أن يفعل ذلك عاقل؟!

مع أنه لم يُنكر شيئاً خاصاً بالإيمان، بل خالف قراراً حكومياً مصدره نواب الشعب لا غير

إذاً الخلاصة: الإيمان هو الاعتقاد الجازم، أي اليقيني بالنسبة لك، وكذلك بالنسبة لمن آمن بنفس معتقداتك، ولا يمكن أن يكون هناك يقين بأمرين متناقضين، يعني لا يمكن أن تؤمن بوجود شيء ثم في نفس الوقت تؤمن بعدم وجوده، فمن يقُل بذلك نعرضه على طبيب متخصص في الأمراض العقلية!!

تعليقات