باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
محمد مصطفى أبو شامة
العبث بالدين أصبح له تجارة رائجة تقام لها الأسواق والمحافل، وتنتج لها البرامج، ويُشعل فيها الحوار للطعن في ثوابت العقيدة من باب الموضة ومجاراة العصر، فقد بات من لزوم الوجاهة الفكرية أن تتنطع على الدين باجتهاداتك الخرافية، وكل شيء مسموح تحت رايات التنوير، التي تاجر بها الجميع، مثلما تاجروا بالدين وبالعبث به وفيه.
وقد وصفت تجار هذه البضاعة الفاسدة في كتابي «مشكلة الإسلام» بـ«المتحذلقين»، وشرحت قائلاً: «تراهم في أحاديثهم الفضائية وتقرأ مقالاتهم الورقية والإلكترونية تحسبهم مناضلين، صادقين، حقيقيين، مؤمنين بما يقولون، ولكنهم مخادعون، مراوغون، ينطق لسانهم وفق أجندة خاصة، تتحدد موضوعاتها وفق طلبات الزبون».
قبل يناير 2011 وبعده بعامين كان الزبون هواه دينياً، وتوجهه إخوانياً، فكان هؤلاء المتحذلقون، الذين على كل الموائد يأكلون، هم أشرس المدافعين عن الحريات وحقوق الإنسان، يشهرون مقالاتهم على أسنة الديمقراطية الغربية في وجه النظام السياسي، يجادلونك في حسن البنا وإخوانه، ويعيدون صياغة تاريخ جماعته وتجميلها، وقد ساهموا وآخرون في تهيئة الرأى العام لتقبل مشروع الإسلام السياسي وفصائله.
تضحك عندما تراهم وتقرأهم هذه الأيام، وقد تبدلت أجندتهم، فأصبحوا مستنيرين، ومجددين، يروجون لمشروعهم الجديد، الاستخفاف بالإسلام، والتجاوز في الحديث عن نبيه وعن صحابته كلما سمحت الظروف، وازدراء عقيدته وعباداته، والتشكيك في القرآن والسنة في كل مناسبة ممكنة، عندهم أصبح الدين هو الشر الذي يناضلون للقضاء عليه، أو بحسب كلماتهم، معركة القضاء على «تابو» الدين في مصر، بمعنى تحطيم قدسية الدين ورجاله، وتراثه الفكري.
ورغم وجود المادة 98 من قانون العقوبات المصري، التى تنص على أنه: «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تتجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تتجاوز ألف جنيه، كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة، لقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية»، إلا أنها لا تردعهم عن وجهتهم ولا توقفهم عن غيهم، وبالمناسبة أنا ضد اللجوء إلى هذه المادة، وأرفض حبس أى صاحب رأى، وأنا أيضاً مع الحرية المطلقة في التعبير عن أي رأي في أي مجال، لكن أراها حرية مسئولة، يجب تدريب المجتمع عليها حتى لا يساء استخدامها مثلما يحدث من هؤلاء المتحذلقين.
ويتربع على عرش قائمة المتحذلقين واحد من الإعلاميين البارزين، دأب على التحذلق وإثارة الموضوعات الشاذة، والتي لم يكن آخرها «حديث الإفك» وتخاريفه عن الإسراء والمعراج وهي قصة سنترك أمرها للقانون بعد أن تم إحالته للقضاء، وكنت أتمنى أن يكون حوارنا معه عبر وسائل الإعلام ومن خلال علماء الدين وبلا تخوين أو تكفير.
نعم، كنت أفضل الحوار معه، رغم تاريخه المزدحم بالخزعبلات الفكرية، ومنها على سبيل المثال، ما ذكره قبل أيام، عندما اجتهد وأطلق قصة تاريخية خرافية تتعلق بحرية النساء في الماضي، وبطريقته الساخرة استطرد قائلاً: «جدتك أكيد لها صورة بالمايوه»، شارحاً أنه كان أمراً طبيعياً في الخمسينات والستينات أن ترتدى نساء الصعيد لباس البحر قبل أن يدهس المجتمع قطار الوهابية في منتصف السبعينات، وهو كلام عارٍ تماماً عن الصحة ورد عليه نواب البرلمان ورفضه المجتمع.
وكان قبل شهور أيضاً، قد انبرى يحدثنا عن تطوير التعليم الجامعى، وتنقل بعباراته النضالية بين الموضوعات بمهارة وذكاء، حتى فجّر قنبلته فى وجه الجمهور، بقوله إن قراءة القرآن هي العائق أمام التطور، واصفاً صيدلياً شاباً بالتقصير لانشغاله بقراءة القرآن بديلاً عن مراجع الأدوية التي ستجعله عالماً تحتاجه الأمة.
يهوى (صاحبنا) استفزاز المجتمع وإثارة القضايا الخلافية، كي يحدث، ومن هم على شاكلته من جماعة «سب الدين»، عواصف تلهي الناس عن دنياهم وتدفعهم للتمترس دفاعاً عن دينهم، وعلى النقيض تستقطب عواصفهم بعض العالقين بلا انتماء ممن يعشقون عبادة الهراء.
وقد انتشر بعد الضجة التي أثارها هذا الإعلامى عن المعجزة المحمدية، الإسراء والمعراج، دعاوى عنيفة للرد عليه، وهيمنت على وسائل الإعلام من مسلمين غيورين على دينهم، قد نرفض معظمها لبعدها عن أخلاقنا وقيمنا الإسلامية السمحة، ونثمن أفكاراً أخرى إيجابية، ومنها ما يتعلق بضرورة الحوار العلمي حول الأمور الخلافية، بعيداً عن أضواء الإعلام حتى يكون حديثاً لوجه الله.
إن الحوار، ولا سبيل غيره، هو أمل الأمة كي تنهض وتتطور، وأمل الإسلام كي ينطلق برسالته إلى عنان السماء، يحلّق من الماضي نحو المستقبل بلا خوف أو تردد، وأرجو أن تتسع ساحة الأزهر دائماً لتستقبل الجميع ليتحاوروا في ظل علمائه الكرام.
نقلا عن: صوت الأزهر