باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
الطفل ريان والملاحدة
في وقت التَّضامن، في وقت الدُّعاء، في وقت الصَّمت على الأقل احتراما لحُرمة الوفاة، يخرج أمثال هؤلاء لتعليق فشلهم على الإله، بل لتعليق أعطابهم الفكرية على موت طفل صغير.
إنَّ آخر شخصٍ يحِقُّ له الحديث عن الأموات هو الملحد، هل تعرف ما معنى أن يموت طفل صغير اسمه ريان بالنِّسبة لشيء اسمه الإلحاد؟
معناه حسب الدَّاروينية أن البقاء للأصلح، وريان لم يكن صالحاً للبقاء فقضت عليه الطَّبيعة.
معناه حسب قول ريتشارد داوكينز رسول الإلحاد: "أن هذا الطِّفل الصَّغير ليس أكثر قيمةً من خنزير بري".
معناه حسب قول عالم الطبيعيات البريطاني الملحد، ديفيد أتنبرو: "أننا يجب أن نقضي على هؤلاء الأطفال الصِّغار الذين ينتمون لدول العالم الثالث، حتى نقوم بتقليل سكان العالم".
وهذه أقوالُهم بمصادرها الموثقة، ولم ألصقها بهم.
وهذه هي طبيعة الإلحاد، أننا مجرد حيوانات طوَّرتنا الطبيعة، جئنا من لاشيء، بواسطة اللاشيء، وسنصير إلى اللاشيء. فالإلحاد لا ينظر إلى هذا الطِّفل الصَّغير أكثر من كونه سماداً للأرض، وكائنا حيا انتقل من دورة بيولوجية إلى دورة بيولوجية أخرى... ما معنى الدُّعاء أصلا؟ وما معنى حزن والدة ريان عليه؟ وما معنى أن نحزن على مجموعة من الذَّرات والخلايا التي توقفت عملياتها الاستقلابيه عن النمو والحركة؟ وكيف سيُعزِّي شخصٌ ملحد والدة ريان، هل سيخبرها مثلا أن ابنها رحل إلى العدم؟ وأنه لم يستطع المقاومة ولم يكن صالحا للبقاء؟
والله إن الإلحاد ليس أكثر من هذا، ليس الإلحاد شيئا أكثر من العدميَّة والخواء، ولكنَّ هؤلاء المساكين العرب لا يعرفون معنى الإلحاد، لبسوا جلبابه مقلوبا، فتراهم خارج الدِّين، لكنَّهم يتحدَّثون عن القيم والأخلاق و(الإنسانية) كالمؤمنين تماماً، مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء...
على الأقل تصالحوا مع أنفسكم، واعتنقوا الإلحاد كما ينبغي لكم، حينها لن تتحدَّثوا عن موت ريان، بل ستقولون كما قال كبراؤكم: اقهر الضُّعفاء والمرضى، اسحقهم واصعد فوق جثثهم= هذا هو الإلحاد.
لاحظوا الآن كيف يتصوَّر العقل المادِّي النفعي الإله، وكيف يتصوَّر الاستجابة، يقول هذا الشخص:
"الملايين من النَّاس أرادوا إنقاذ ريان!
ولكن حكمة الله رأت غير ذلك".
حكمة الله يجب أن تكون محصورة في نزواتنا البراغماتية الساذجة، تماما كنملة تمشي على فرن مشتعل تريد حبَّة قمح، فلما أزاحها أحدهم حتى لا تحترق قالت: وأين الحكمة من حرماني من حبَّة القمح.
هكذا هي عقولُهُم نَمليَّةٌ بسيطة جدا، تعتقد أن الحكمة هي ما تراه عينها الصَّغيرة التي لا يُجاوز نظرها حائطا صغيراً موجوداً أمامها.
يجب أن تكون حكمة الله زِراًّ نضغط عليه لإشباع شهواتنا النفسية، وأعطابنا الفكرية. وإلا فأين الله؟
هل يمكن أن يكون الإله قد استجاب دعاءنا فعلاً، فأنقذ ريان من هذه الحياة البائسة واختاره إلى جواره في جَنَّة الخلد، وجعله فرطاً وشفيعا لوالديه، وثبَّت معه أجر كل أولئك العاملين والمنقذين والمتعاطفين معه، وجعله لهم ذخرا يوم القيامة ودُرقةً عن النار ومعطية على الصِّراط؟
لا، ما هذا الكلام الغيبي التَّافه، هل مازلتم تتكلمون هكذا في عصر التكنولوجيا والفيسبوك؟ يجب أن يكون إنقاذ ريان مادياً ملموسا، فنحن لا نؤمن إلا بالأصنام المادية، كان الناس مِن قبلنا يعبدون إلها ماديا من الخشب أو الحجر، أمَّا نحن فقد أصبحنا نعبد إلها ماديا شهوانيا من الحلوى= عقل مادي ساذج.
وللكلام بقية...