الشاعر اللبناني وليد عثمان لجداريات : أتهيب من كلمة شاعر عندما أقرأ للقدامى

  • معتز محسن
  • الأربعاء 18 سبتمبر 2019, 6:07 مساءً
  • 1687
محرر جداريات مع الشاعر اللبناني الكبير وليد عثمان

محرر جداريات مع الشاعر اللبناني الكبير وليد عثمان

هو شاعر كبير قادم من أرض الأرز والجمال ، يحمل في جعبته الشعرية الكثير والكثير ، عند التحدث إليه تشعر بأنك تخاطب لبنان فيروز ، مطران ، مي زيادة ، جبران ، وديع الصافي ووقت الإصغاء إليه تحس يلمسك لأركان معبد بعلبك العتيق المقاوم للأزمان مع وجود حس شعري يخرج من فم مثقف يتعامل مع الآخر بسماحة ضيعات الشام الخضراء المنتظرة للغد الأخضر على الدوام.

إنه الشاعر الكبير وليد عثمان، زمار لبنان الوسيم بالفصحى والمحكية اللبنانية مازجًا بينهما بكل وفاء وصفاء مؤمنًا بلبنان بوجهه التراثي وبرونقه العصري محدُثًا "جداريات" بكل ما خرج من قريحته الشعرية على الوزن النثري في أركان هذا الحوار.

نريد من حضرتك تقديم بطاقة تعريف للجمهور عن وليد عثمان الإنسان والشاعر ؟

وليد عثمان ، لبناني من طرابلس الواقعة بشمال لبنان من منطقة تدعى (الضمنية الخضراء) في سفوح جبل المكمل، أحب الناس والحياة متمسك بالسنة اللبنانية الشهيرة التي ربتنا على تلك الخصال الحميدة آتيةً من الطبيعة الخلابة الملهمة بحب فعل الخير على الدوام، أما بالنسبة للشعر فأنا أتهيب من كلمة شاعر لأنها كبيرة جدًا، لأنني عندما أقرأ ما كتبه القدامى، صدقني أخجل جدًا من حروفي التي لا تصل حتى كنقطة في بحورهم الشعرية العظيمة.


كيف ترى حال الشعر في زمن العولمة؟

للأسف مر بانحدار شديد،  لا سيما أن العولمة سيطرت على شبابنا و على مجمل تفاصيل حياتنا الاجتماعية بحيث أصبح الكتاب مُهملاً وانصرف معظم الشباب للإنترنت و اتجهوا للمواد العلمية ومناهج التعليم العلمي لأننا أهملنا لغتنا بكل أسف مما دفع الشباب للابتعاد عن هذه اللغة الشريفة والتخصص في أي مجالات تكسبه ماديًا، نظرًا للوضع العربي المتردي وأنا أظن بأن هذه الحالة مقصودة وتصب لصالح الغرب الذي يواجهنا بأسلحة مدمرة وفتاكة لمحاربة تراثنا ولغتنا عبر أيدينا نحن دون وعي منا.


كم عدد دواوينك الشعرية؟

أربع دواوين فصحى على البحور الخليلية وثلاث دواوين شعرية باللهجة المحكية اللبنانية، طامحًا لمزج الشعر ما بين الزجل والتراث مظهرًا لبنان بكل صوره ما بين الفصحى واللهجة الأصيلة دون وجود صراع إعتدنا على السماع به بين الفصحى والعامية.

هل ترى بأن الشعر يعاني من التأخر و الانزواء بسبب الرواية؟

نعم أؤيد ذلك بشدة لأن الرواية أثرت على انتشار الشعر لاعتمادها على الحكي والقص والمواضيع السهلة التي تجذب الشباب دون تفكير ولكن هذا لا يجعلنا ننسى بأن هناك روايات تلعب دورا كبيرا في توعية الشباب ولذلك نتمنى التركيز على هذه النوعية لتزداد من حيث الكم مع قوة الكيف وهذا المطلب يأتي مع ااإهتمام بالشعر المنبع الرئيسي للموهبة الأدبية في بدايتها خاصةً لمن تحول من الشعر للفن الروائي لمعينه الرئيسي في اختيار الكلمة الصادقة والتعبير المصوب للهدف المنشود بتكوين بيان صحيح وأصيل لأن الشعر يحتوي على صور بلاغية عميقة ، يجب على القارئ أن يكون متعلمًا للغة العربية التي تكاد بدورها تندثر لأن معظم الشباب لا يجيدون التكلم باللغة الفصحى حتى أحيانًا لا يستطيعون القراءة بشكل صحيح ، لذلك لابد من الأخذ في الإعتبار على جميع الأصعدة أن ننتبه لتراثنا و لا ننجرف وراء الزيف من ما يصدره الغرب باسم التقدمية و التطور.

 ما هو دور الطبيعة في معينك الشعري خاصةً أن لبنان يتسم بالطييعة الساحرة والمناظر المبهرة؟

الإنسان ابن بيئته فعلى سبيل المثال إذا قرأنا أشعار القدماء من الجاهلية حتى العصر الأندلسي نجد أن الشعر تدريجيًا يُبسط ويُصبح أوضح ، قديمًا كان الشعراء ينظمون أشعارهم عن المعارك ، السيف والكرم وربات الخدور والأطلال والصحراء والخيل لأن هذه الأشياء كانت موجودة في عصرهم وأصبحت الحضارة العربية تتطور من عصر  لآخر ، كما حدث في الشام الذي تطور من عصر لآخر إلى أن وصلنا للعصر الأندلسي الذي أصبح فيه الشعر سلسًا ، شفيفًا صريحًا متخذًا منحى الموشحات وفي عصرنا الحالي أصبحت المفردات الشعرية أقل بساطة وواضحة تشمل عناصر طبيعية كثيرة.

من هم الشعراء الذين أثَروا في قريحتك الشعرية ؟

أنا أرتجل الزجل الذي يرتكز على العناصر الملموسة وهي من تراثنا وبإمكان الشاعر بهذا النوع أن يبدع ويستنبط أبهى صوره الشعرية كون اللهجة المحكية هي التي فُطر عليها ، إذن الموهبة أهم شيء وفي المرحلة الدراسية كنت أقرأ أشعار القدامى متأثرًا بالمتنبي ، محبًا لشعر عنترة وفي عصرنا الحديث أغرمت بأشعار أمير الشعراء أحمد شوقي والأخطل الصغير (بشارة خوري) والشاعر القروي رشيد سليم الخوري ولكن بقيت أنا وأحببت أن أكون أنا ولا أجرؤ أن أتشبه بالعظماء الذين ذكرتهم.

 الموسيقى مرتبطة بالشعر ارتباطًا وثيقًا ، لأنه لا يوجد شعر بدون موسيقى فمن من المطربين تستمع إليهم لإلهامك بأحلى القوافي ؟

الموهبة موجودة وما المطربون إلا مهذبون للقصائد التي غنوها فأضفت عليها جمالية وأحسسنا بقيمة القصيدة ، فأم كلثوم مثلاً عرفتنا بسحر طربها (نهج البردة – الأطلال – قصة الأمس – هذه ليلتي – أراك عصي الدمع – أغدًا ألقاك) و كذلك موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب أطربنا بأعظم أغانيه (مريت على بيت الحبايب – ليلة الوداع – قلت الحبايب هجروني – الجندول – كليوباترا).


 ينتمي لبنان للحضارة الفينقية.. فكيف كان حال الشعر في الحضارة الفينقية ؟

لبنان يحتوي على كنوز شعرية عظيمة ليس لأنه فينيقي فحسب بل لعروبته المتجذرة في تفاصيل ثقافته الأصيلة ، فهناك العديد من الإرث العظيم من خلال الأساطير العريقة كعشتار وقدموس التي ألهمت الشعراء منذ القدم وحتى وقتنا الحالي بأحلى القصائد الموثقة لخلود تلك الملحمة العظيمة وهذه الأسطورة أحبها بشكل غير طبيعي إلى جانب حبي لشعراء عصرنا الحديث كجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة مع شعراء الزجل اللبناني المخضرم.

إذا ذكرنا لبنان فمن الوهلة الأولى نذكر فيروز.. ماذا تمثل لك ؟

فيروز هي نبض لبنان وجارة القمروقت احتساء قهوة الصباح المرتبط بصوتها الفيروزي المرافق للوطن بأفراحه وأحزانه و هو صوت لا يكل أبدًا من التغني بتفاصيله لشموخه وتلألئه كلألئ البحر.

ما هي أفضل قصيدة كتبت للبنان من وجهة نظرك ؟

قصيدة لسعيد عقل عبرت عن لبنان بكل تفاصيله الثرية التي تغري القوافي لتوثيق الجمال والروعة اللبنانية أرضًا وشعبًا ، إلى جانب أن كل قصيدة كتبت للبنان وسام على صدر الوطن كي لا تنسى الأجيال القادمة قيمة الإنتماء الذي ينبت في الصدور عبر الشعر قبل أي شيء آخر.

ماذا تقول عن لبنان في عبارات تلغرافية ؟

لبنان العروبة ، نحن دائمًا نجاهر بعروبتنا بجميع طوائفنا ولانخشى أحدًا لإيماننا بوطننا وبطوائفه التي تعيش على الوئام والسلام تحت مظلة الأرز الذي يجمعنا على دفة واحدة.

ما هو حظ الرواية من مكتبتك الخاصة ؟

لا أقرأ الروايات لأن لدي ما يكفيني من الروايات التي أسمعها بالتواتر من كبار السن في منطقتنا فهم بحد ذاتهم موسوعات شيقة أما روايات اليوم فللأسف تتكلم عن الحب وهي تصلح لسن المراهقة ولكن في نفس الوقت لا أستطيع إنكار بعض الروايات الممتازة التي تحمل رسائل هامة ترتقي بالذوق فاللغة ليست شعرًا فقط بل للرواية حظ ونصيب من دُرر العربية العريقة.

بماذا تصف تلك الأسماء...

أمين الريحاني ؟

عبير لبنان.


مي زيادة؟

 شغف لبنان.

جبران خليل جبران ؟

ربيب مي زيادة.


خليل مطران؟

شاعر العروبة وأمير الرومانسية.


نزار قباني ؟

ملك الغزل وعمر بن أبي ربيعة العصر الحديث.


نجيب محفوظ ؟

أمير الرواية العربية.


أحمد شوقي ؟

أمير الشعراء.


أم كلثوم؟

كوكب الكون وليس الشرق فقط.


محمد عبد الوهاب؟

عملاق الأمة الذي لم يأت الزمان بمثله.


وديع الصافي؟

أهم عمالقة الشرق الأوسط في الغناء اللبناني بصوته الجبلي.


سميرة توفيق؟

أميرة البادية لتجسيدها لحياة البادية مما أكسبها حب الكثيرين.


 ما هي القواسم المشتركة بين مصر ولبنان ؟

هما شعبان شفيقان يتمتعان بالطيبة والسلاسة والكرم واللهجة متقاربة يتفهمها الطرفان مع الرقة والعذوبة وخفة الدم ، ولاننسى بأن لبنان كان نقطة التقاء إيزيس بأوزوريس وقت جمعها لأشلائه ومدى كرم الملك في استضافتها وتدعيمه لموقفها مما يدل على النقطة المشتركة بينهما في الرومانسية والعاطفة الصادقة التي نُحت لها أجمل الجداريات والبرديات ومازلنا نتغنى بها إلى الآن

و لاننسى بأن مصر هي حاضنة أهل لبنان وقت الحرب الأهلية في العام 1860 ونزوح الكثيرين لأرض الكنانة محتوية الجميع مع سماحة وترحيب مصر في هضم الثقافة اللبنانية عبر مي زيادة والأخوين تكلا ، خليل مطران ، إيليا أبو ماضي ، فرح أنطون إلى جانب احتواء هوليوود الشرق لعظماء الفن اللبناني كصباح، بديعة مصابني، نجاح سلام، نازك، وديع الصافي، حليم الرومي و كثيرين.

كيف ترى مستقبل الشعر ؟

الشعر إذا استمر على هذه الوتيرة بإقامة المنتديات والمهرجانات سيكون بخير ، لأني أرى نقلة نوعية من شعراء العرب يحملون قضية الشعر على عاتقهم من بلد لآخر عبر تبادل المهرجانات وإقامة الأمسيات.

 هل ترى بأن الشعر المحكي يضر بشعر الفصحى ؟

هناك شاعر وناظم ، هناك شاعر غير ناظم ، هناك ناظم وليس شاعرا، وجميع أنواع الشعر هي إثراء للشعر سواء كانت بالمحكيات أو الفصحى فكيف سنتعرف على تراثنا بمختلف بلداننا العربية ، وإذا حصرنا الشعر بالموزون والمقفى على البحور الخليلية فهل نجرد شعراء البادية من شاعريتهم أو شعراء الزجل لمجرد نظمهم على البحور وكيف كان العرب ينظمون الشعر قبل الفراهيدي؟ أنا أعتبر الشعر ينبثق من اللهجة المحكية ويصقل ويهذب بدراسة الأوزان وعلم النحو والصرف.


كيف ترى مصر بعيون لبنانية؟

صدق من قال مصر أم الدنيا.

تعليقات