باحث إسلامي: نحتاج لتضافر الخبرات والتخصّصات لمواجهة الإلحاد الجديد

  • أحمد حمدي
  • الجمعة 21 يناير 2022, 9:50 مساءً
  • 585
الدكتور حذيفة عكاش

الدكتور حذيفة عكاش

قال الدكتور حذيفة عكاش، الباحث الإسلامي، ومدير مؤسسة رؤية للفك، إنّ أسباب الإلحاد الجديد كثيرة، ومن الخطأ تحميل سبب واحد الظاهرة كاملة، مؤكدًا أنّ شبهات الإلحاد الجديد كثيرة وجديدة، بل متجدّدة، فكلّ يوم هناك شبهات جديدة، فلا تكفي الكتب القديمة للمواجهة، ولا يكفي عِلْم واحد لمواجهتها، فهناك شبهات من العلوم النظريّة والتطبيقيّة كلّها، وهذا يجعلنا نحتاج إلى أن تتضافر الخبرات والكفاءات والتخصّصات كلّها لمواجهة الإلحاد الجديد.

وتابع في مقال له، عبر منصة "رؤيا" أن أسباب الإلحاد الكثيرة سبب مهمّ هو بأيدينا وتحت سيطرتنا، وهو الخطاب الإسلاميّ، وأخصّ بعض الاجتهادات الإسلاميّة المشكِلة على عقليّة إنسان عصرِنا، عصرِنا الذي أضحت فيه الفلسفات والأنظمة والدول تتنافس بخدمة ورفاهية وحماية ورعاية الإنسان، كلّ الإنسان.

ومن العجائب في هذا الموضوع -أقصد علاقة الإلحاد بالخطاب الإسلاميّ- أنّ الإسلاميّين يتراشقون التهم، فالتجديديّون الميسِّرون يرون أنّ خطاب المتشدّدين سببٌ للإلحاد (فهم غلاة منفّرون)، كما أنّ الجامدين والمتشدّدين يرون أنّ خطاب الميسّرين سببُ الإلحاد، فهم (مميّعون يجعلون الناس يتحلّلون من تعاليم الإسلام)!

وتابع: الواقع يقول إنّ الغلوّ يسبّب الإلحاد، ولم نسمع بمن ترك الدين بسبب التنويريّين أو المجدّدين أو الميسِّرين!، متسائلًا: هل بات التجديد الدينيّ ضرورة ملحّة تفرضها المرحلة التي نعيش فيها، والتطوّرات التي نشهدها أم أنّ التجديد فتح الباب أمام العابثين بالدين وثوابته تحت اسم (التجديد)؟

هنا نسارع ونقول: كلّ مجال فيه أخطاء: فهل نغلق كلّ مجال يقع فيه أخطاء؟ فالمُفْتُون يخطئون، والدعاة يخطئون، والباحثون والمعلمون والمؤلفون والقضاة والشرطة والأطباء والمربّون… الخطأ يقع في مجالات الحياة كلّها، فهل نغلق هذه المجالات ونمنعها؟!

من المتوقّع أنّ الموجة الإلحادية ستساهم -بما يترتب عليها من جدل وتفاعل وتأثير متبادل بين الملحدين من جهة، وبين الدعاة والعلماء من جهة مقابلة- أقول ستساهم موجة الإلحاد بترقية (خطابنا الإسلاميّ)، وذلك سينعكس على تحسين (نوعية التديّن) فسننتقل من التديّن الشكليّ الطقوسيّ إلى التديّن القيميّ الأخلاقيّ الذي يركّز على المعاملة الحسنة، والذي لا يهمل الطقوس والعبادات طبعاً، فـ (لا تحسبوه شرّاً لكم بل هو خيرٌ لكم).

وقال إننا مبتلون بتيّار تجديد دون ضوابط، وتيّار ضوابط دون تجديد، والمطلوب (تجديد بضوابط) أو (اجتهاد معاصر بضوابط) فالتجديد هو الاجتهاد المعاصر، ولا مشاحّة بالاصطلاح إذا اتّفقنا على المعاني والمدلولات.

واستطرد: بذلك نكون ساهمنا بالقضاء على سبب هامّ من أسباب الإلحاد الجديد، وقبل ذلك نكون قد أرضينا ربّنا واتّبعنا مرادَه وشريعته، كما يحبّ ويرضى سبحانه، فلا يظننّ ظانّ أنّ ما نفعله لنجمّل الدين ونحسّن صورته (ليتفضّل) بقبوله الملحدون الجدد، أبداً! بل نفعل ما نراه صواباً وما يقتضيه واقعنا المعاصر، سواء كان هناك ملحدون أو لم يكن، فالتجديد ضرورة وفريضة، يقتضيها العصر ويفرضها الدين.

وأكمل: نحن هنا لا نقول إنّ هذه المعالم لم تكن مراعاة في الاجتهادات القديمة، وأنّ تراثنا العلميّ لم يكن يلاحظ هذه الضوابط، بل الذي نقوله: لا يمكن التعميم بكون الاجتهادات القديمة كلّها كانت تراعي هذه الضوابط، ولا كلّها كانت لا تراعي هذه الضوابط بل فيها وفيها.

وشدد على أن المشكلة ليس في تراثنا، بل فيمن يتعامل مع هذا التراث، وفيمن ينقل الأقوال كلّها من هذا التراث دون تمييز ولا انتقاء ولا ترجيح، لذلك دائماً أكرّر: إنّ كنوز تراثنا ضاعت بين من يقرؤه ولا ينقده، وبين من ينقده ولا يقرؤه، كما أنّ التجديد أو الاجتهاد المعاصر الذي ننادي به، ليس انتقائيّاً فقط من بين الأقوال والاجتهادات القديمة، بل ننادي بالاجتهاد الجديد (الإنشائيّ) بناء على المستجدّات وتغيّر الواقع الذي نعيشه وفق الضوابط الماضية.

تعليقات