فاضل متولي يكتب: نموذج من منظري الإلحاد

  • جداريات Jedariiat
  • الجمعة 21 يناير 2022, 9:31 مساءً
  • 564

استكمال لمقال شرعت فيه في الثامن والعشرين من يونيو الماضي

حُكْمٌ مُطْلَقٌ: عَامٌّ

قَاعِدَةٌ مُطْلَقَةٌ: قَاعِدَةٌ لاَ اسْتِثْنَاءَ فِيهَا

أَمْرٌ لَمْ يَحْدُثْ مُطْلَقاً: لَمْ يَحْدُثْ قَطُّ

مُطْلَق الصَّلاحيَّة: ممنوح صلاحيّات مطلقة

حُكْمٌ مطلق : فرديّ ، غير ديمقراطي ، استبداديّ ،

قاعدة مطلقة : لا استثناء فيها ،

مُطْلَقًا : من غير استثناء

المطلق : ما تناول واحدًا غير معيّن باعتباره حقيقة شاملة لجنسه أو هو ما يتعرّض للذّات دون الصفات لا بالنَّفي ولا بالإثبات

الحقيقة المطلَقة : ( الفلسفة والتصوُّف ) شيء يُنظر له على أنه أساس جوهريّ للتَّفكير والكينونة

الأكثريَّة المُطلقة / الأغلبيَّة المُطلقة : ( السياسة ) أصوات نصف الحاضرين بزيادة واحد

المُطْلَقُ : غير المعيّن

معنى المطلق والنسبي في فلسفة القيم

المطلق والنسبي

«المُطلَق» في المعجم الفلسفي (هو عكس النسبي) ويعني «التام» أو «الكامل» المتعري عن كل قيد أو حصر أو استثناء أو شرط، والخالص من كل تعيُّن أو تحديد، الموجود في ذاته وبذاته، واجب الوجود المتجاوز للزمان والمكان حتى إن تجلى فيهما. والمطلق عادةً يتسم بالثبات والعالمية، فهو لا يرتبط بأرض معيَّنة ولا بشعب معيَّن ولا بظروف أو ملابسات معيَّنة. والمُطلَق مرادف للقَبْليّ، والحقائق المطلقة هي الحقائق القَبْلية التي لا يستمدها العقل من الإحساس والتجربة بل يستمدها من المبدأ الأول وهو أساسها النهائي. ويمكن وصف الإله الواحد المتجاوز بأنه «المُطلَق»، ويشار إليه أحياناً بأنه «المدلول المتجاوز»، أي أنه المدلول الذي لا يمكن أن يُنسَـب لغيره فهو يتجاوز كل شيء. وقد عرَّف هيجل المُطلَق بأنه «الروح» (بالألمانية: جايست Geist) ويُقال «روح العصر» (أي جوهر العصر ومطلقه) و«روح الأمة» (جوهرها ومطلقها). وتَحقُّق المطلق في التاريخ هو اتحاد الأضداد والانسجام بينها، والحقيقة المطلقة هي النقطة التي تتلاقى عندها كل الأضداد وفروع المعرفة جميعاً من علم ودين، وهي النقطة التي يتداخل فيها المقدَّس والزمني (فهي وحدة وجود كاملة).

وفي مجال المعرفة، تعبِّر المطلقية (مصدر صناعي من «المطلق») عن اللا نسبية وهي القول بإمكان التوصل إلى الحقيقة واليقين المعرفي بسبب وجود حقائق مطلقة وراء مظاهر الطبيعة الزمنية المتغيِّرة المتجاوزة لها.

 

والمطلقية في الأخـلاق هي الذهاب إلى أن معايير القيم - أخلاقيةً كانـت أم جماليةً - مطلقةٌ موضوعيةٌ خالدةٌ متجاوزةٌ للزمان والمكان، ومن ثم يمكن إصدار أحكام أخلاقية. أما في السياسة، فهي تعني سيادة الحاكم أو الدولة بغير قيد ولا شرط. والدولة المطلقة هي الدولة التي لا تُنسب أحكامها إلى غيرها فمصلحتها مطلقة وإرادتها مطلقة وسيادتها مطلقة.

أما «النسبي»، فهو ينُسَب إلى غيره ويتوقف وجوده عليه ولا يتعيَّن إلا مقروناً به، وهو عكس المطلق، وهو مقيد وناقص ومحدود مرتبط بالزمان والمكان يتلون بهما ويتغيَّر بتغيرهما، ولذا فالنسبي ليس بعالمي. اه.

وهذا الذي أوردته بعض ما ورد في المعاجم من معنى هذه الكلمة، لا كل ما ورد.

والآن يلح علينا سؤال: أيا من هذه المعاني ينكر صاحبنا؟ أم تراه يريد إنكارها جميعا؟

في مثل هذه الحالة: أعني بها حالة تعدد المعاني لا بد للمتحدث أن يشير إلى المعنى الذي يريده؛ وعندما لا يفعل يلجأ من يحلل كلامه إلى التخمين ومحاولة الاستدلال من ربط اللفظ العام بسياق الحديث، وهذا يعطي فرصة للمتحدث أن يروغ: فيقول إذا سقط في يده: لم أكن أعني ما فهمتم. ثم يفر من المعنى الذي قصده –إذا كان هو الذي قصده- إلى معنى آخر. ولكن رغم كل ذلك لا بد لنا من التخمين وربط الكلام بسياق الحديث:

والظاهر لنا ههنا أن الذي يعنيه بالمطلق هو الحكم النهائي الذي لا يقبل المراجعة نظرا لما يتميز به من الحق الكامل.

وقول صاحبنا: أنا في رأيي. يثير في نفسه سؤالا: هل حكمك بعدم وجود مطلق يتضمن رأيك هذا أم يخرجه من الحكم؟ فإذا كنت تدخل رأيك بعدم وجود مطلق في حكمك لإنكار المطلق فمعنى هذا بالضرورة أن كلامك ليس مطلقا، وإذا لم يكن حكمك هذا مطلقا فما ذكرك له؟ وما نفعه؟ وما قيمة ذكره؟ وأنت تعني بكلامك نفسه أنه قد يكون هناك مطلق وقد لا يكون كلامي صحيحا. وإذن فيمكننا استنباط وجود المطلق –على الأقل احتمالا- من حكمك نفسه بعدم وجود مطلق.

أم أنك تريد أن تقول إنه لا يوجد مطلق غير حكمي هذا؟

فإذا كنت تعني هذا فمن المعروف منطقيا أن حكم الإنسان على نفسه إذا كان لا يعلم صدقه أو كذبه مرفوض. ومشكلتك هنا في إثبات صدقك وكذبك أن تزعم لنا أنك استقرأت كل ما قيل من كلام الماضين والمعاصرين والذين لم يولدوا بعد، فهل تطيق يا كاتبنا ويا فيلسوفنا أن تزعم ذلك؟

وسأدركك بنظرية يمكنك التعلق بها، ولكن إلى متى يكون التعلق:

هناك خواص في الأشياء تمكننا من الحكم المسبق كما تمكننا من الحكم على الظواهر: فمثلا في الحديد خواص تمكننا من الحكم بكل ارتياح بأنه يتمدد بالحرارة، وهذا الحكم شامل لكل ما تجتمع فيه خواص الحديد الذي عرفه البشر إلى يومنا هذا حاضرا أو مستقبلا.

وهأنذا وضعت لك نظرية تمكنك من النظر في خواص العقل الإنساني والتجارب بكل ميادينها والرؤى التي نتجت عنها لتخبرنا –بعد ذلك- هل تستطيع أن تقول: ليس هناك مطلق؟ أظنك لا تستطيع؛ وأنت وحدك ستعلل كلامي لا أنا.

ولعل قارئنا الكريم لا يدخل النصوص الشرعية الثابتة في معمعة العراك الجدلي؛ وكيف يمكننا تضمينها وهذا المتحدث لا يستطيع أن يثبت كلامه من رؤى وأفكار البشر. وما أظنه يكتب مما قصصه قصة ولا يقول من كلامه كلمة إلا وهو يؤمن بأن لكل لفظ مما يقول علاقة مطلقة بينه وبين مدلوله –على الأقل من حيث المبدأ: فلا يمكن أن يطلع علينا يوما فيقول: عندما قلت لكم: أنا في رأيي. كنت أقصد الاستدلال، وعندما قلت : المعرفة كنت أقصد الحدس، وعندما قلت: المنهج. كنت أعني الإدراك.

وقد اخترت لك ألفاظا لها علاقات بمدلولاتها غير هذه العلاقات المعجمية، ورغم ذلك هي علاقات مطلقة.

وأما قولك إنه لو كان هناك مطلق فسيكون هناك منهج واحد يحكم الكون.

فيا خسارة الفلسفة التي تعلمتها: هل حكم الكون راجع أصلا إلى كون النظرية أو المشروع مطلقا أو غير مطلق؟! أم راجع إلى وجود قوة تنصره ليحكم؟

إننا نقرأ في كتاب الله: "قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا"

فالحكم ببناء مسجد على جثث أصحاب الكهف حكم باطل بلا شك، والحكم ببطلانه مطلق لا رجعة في ذلك ولا مراجعة، والحكم بعدم البناء هو الصواب المطلق الذي لا رجعة فيه ولا مراجعة. ومع ذلك فإن الغلبة هي التي حكمت لا الصواب.

 

تعليقات