أفلا تبصرون.. هل رأيت نمل الباندا من قبل؟!
- الأحد 24 نوفمبر 2024
رمضان الغنام
قال رمضان الغنام، الكاتب الإسلامي و"باحث بالدكتوراه" تخصص الدراسات الإسلامية، جامعة طنطا، إن الإلحاد في أسماء الله وصفاته يقصد به الميل عما يجب اعتقاده في أسماء الله وصفاته، ويكون في الأسماء بتسمية الله بما لم يسم به نفسه، كتسمية الفلاسفة إياه "علة فاعلة"، أو تسمية غيره بأسمائه كأن يشتق من أسمائه أسماء للأصنام كاشتقاق "اللات" من الإله و"العزى" من العزيز، ويكون في الصفات بتكييفها أو تشبهها، أو تعطيلها، ويكون في الاثنين بالتحريف أو الإنكار.
وبين في بحث نشره عبر منصة "طريق الإسلام" أن أسماء الله توقيفية،
لا مجال للعقل أو القياس فيها: لفسادٍ في أصول الاستدلال عند بعض الأفراد والفرق
حدث الخلل، لا في مسألة الأسماء وحدها بل في مختلف قضايا العقيدة والشريعة، أما
المستمسكون بالسنة والمتبعون للنبي صلى الله عليه وسلم وهديه وصحبه الكرام،
فيؤمنون بأن أمور الاعتقاد سمعية توقيفية، لا مجال للعقل فيها، وعلى هذا الأمر
إجماع لا خرق فيه. والأمر في أسماء الله أولى وأوجب، فلا أَدَرَى بأسماء ربنا منه
سبحانه، ومن نبيَّه صلى الله عليه وسلم، قال الزركشي: "اعلم أن أسماء الله
تعالى توقيفية، لا تؤخذ قياسا، واعتبارا من جهة العقول، وقد زل في هذا الباب طوائف
من الناس".
صور الإلحاد في أسماء الله عز وجل
وقال إن للإلحاد في أسماء الله وصفاته صور وهي "إما بجحدها وإنكارها،
وإما بجحد معانيها وتعطيلها، وإما بتحريفها عن الصواب وإخراجها عن الحق بالتأويلات
الباطلة، وإما بجعلها أسماء لهذه المخلوقات المصنوعات، كإلحاد أهل الاتحاد، فإنهم
جعلوها أسماء هذا الكون محمودها ومذمومها، حتى قال زعيمهم: وهو المسمى بكل اسم
ممدوح عقلا وشرعا وعرفا، وبكل اسم مذموم عقلا وشرعا وعرفا، تعالى الله عما يقول
الملحدون علوا كبيرا".
وتابع: يمكننا تفصيل ذلك الإجمال في الآتي: جُحودها ونفيُها، وذلك مثلما
فعل المشركون فإنهم كذبوا باسم الله: الرحمن، قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ
اسْجُدُوا لِلرَّحْمَٰنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا
وَزَادَهُمْ نُفُورًا} (17). قال ابن كثير: "أي لا نعرف الرحمن، وكان ينكرون
أن يسمى الله باسمه الرحمن، كما أنكروا ذلك يوم الحديبية حين قال النبي للكاتب
اكتب "بسم الله الرحمن الرحيم"، فقالوا: لا نعرف الرحمن ولا الرحيم،
ولكن اكتب كما كنت تكتب "باسمك اللهم"، ولهذا أنزل الله تعالى: {قُلِ
ادْعُواْ اللَّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ
الأَسْمَاء الْحُسْنَى} (18) أي هو الله وهو الرحمن(19).
وظهر هذا النوع من الإلحاد عند: "الجهمية الذين نفوا عن الله أسماءه،
كما نفوا عنه صفاته، ومنهم الذين عطلوا أسماء الله وصفاته عن معانيها وجحدوا حقائقها،
فقالوا: إن أسماء الله وصفاته ألفاظ مجردة لا تتضمن أية معاني، فيقولون هو حي بلا
حياة، وسميع بلا سمع، وبصير بلا بصر، ورحمن بلا رحمة.
ومن الإلحاد أيضا تسمية الله تبارك وتعالى بأسماء الخلق، ومنه أن يشتق من أسماء الله أسماء للأصنام، فتسمى الأصنام بها، ووجه كونه إلحادا: لأن أسماء الله تعالى خاصة به، فلا يجوز أن تنقل المعاني الدالة عليها هذه الأسماء إلى أحد المخلوقين ليعطى من العبادة ما لا يستحقه إلا الله، فقال تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (22)، ومثال ذلك: ما فعله المشركون في اشتقاق اللات من الإله، والعزى من العزيز، ومناة من المنان، تأويلُها عما دلّت عليه، كما فعلت المعتزلة فإنهم يُثبتون الأسماء ولكنّهم ينفون معانيها وما تدل عليه من الصّفات، لأنّ هذه الأسماء كلُّ اسم منها يدلّ على صفة؛ "الرحمن" يدلّ على الرحمة، "الغفور" يدلّ على المغفرة، "العزيز"، وهكذا كلُّ اسم منها يدلُّ على صفة.
وشدد على أن الذي لا يُثْبِتُ الصّفات مُلحدٌ في أسماء الله، لأنّه جحد
معانيها، وجعلها ألفاظاً مجرَّدة لا تدلّ على شيء.