أفلا تبصرون.. هل رأيت نمل الباندا من قبل؟!
- الأحد 24 نوفمبر 2024
في إجابته على هذا السؤال، قال الدكتور هيثم طلعت، الباحث المتخصص في الرد على الملحدين، إن فكرة أن الحاجة يقابلها العبث هي فكرة سخيفة، فالحاجة يقابلها الحكمة لا العبث.
وضرب "طلعت" مثلا على ذلك في كتابه "الإسلام والإلحاد وجها لوجه، قائلًا: "الطبيب الثري صاحب الصيت الطيب قد يعالج الناس دون أن يحتاج منهم شيئًا، بل يعالجهم لمصلحتهم هم، وهنا نحن لا نصف فعله بأنه عبث"، مؤكدًا أن الحكمة والمقصد العظيم من وراء الفعل لا يدوران في حلقة الحاجة/العبث!
وتابع طلعت: قد ينقذ أحد السباحين طفلاً رحمةً به ثم يتركه ويذهب دون انتظار ثناء أهل الطفل، وهنا فعله لا يُصنف بأنه حاجة ولا عبث بل هذا فعل كريم ومقصد نبيل وخلق طيب، فلا تلازم بين الاحتياج وبين العبث.
وأشار مؤلف كتاب " الإسلام والإلحاد
وجها لوجه" إلى ما جاء في صحيح مسلم في الحديث القدسي قال الله تعالى: «يا عِبَادِي لو أنَّ
أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا علَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ
وَاحِدٍ مِنكُمْ، ما زَادَ ذلكَ في مُلْكِي شيئًا، يا عِبَادِي لو أنَّ أَوَّلَكُمْ
وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا علَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ،
ما نَقَصَ ذلكَ مِن مُلْكِي شيئًا، يا عِبَادِي إنَّما هي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا
لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا، فمَن وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَن
وَجَدَ غيرَ ذلكَ، فلا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ»، مؤكدًا أن الله غني عن العالمين.
وشدد هيثم طلعت
على أن سعيُنا وجهدُنا وعملُنا لأنفسنا فقط، مشيرا إلى قول الله تعالى: ﴿وَمَن جَاهَدَ
فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّـهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾، متابعًا: نحن نعلم بأنَّ لله حكمة في كل خلقه وإن
جهلناها، وجهل المريض بحكمة الطبيب لا يعني أن قرارات الطبيب عبثية، فالعلم
بالحكمة الإلهية لا يلزم له فَهم كل أبعاد الحكمة وإنما يكفي فهم بعضها، فيكفي
أنْ نعلم أننا مُكلفون بعبادة الله وأن نعلم وجود الحكمة الإلهية، فهذا يكفينا من حيث
الجملة، وإلا نكون كالذي يكفر بكل ما لا يفهمه ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا
بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ﴾.
وأوضح أن الله حكيمٌ وخلقنا لحكمةٍ سبحانه، والله وحده هو الذي يستحق أن يُعبد، فلا يستحق العبادة إلا الله، فهو الخالق الذي أوجدنا من العدم قال سبحانه ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، وهو الذي هدانا وهو الذي شرع وقدَّر وأمر ونهى ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾، فالله ليس له الخلق فقط، وإنما له الأمر أيضًا ونحن نأتمر بأمره سبحانه.
وبين "طلعت" أمن العبادة هي حقُ الله على عباده، فهو سبحانه الذي فطرنا وأحيانا ورزقنا وهدانا وأرسل إلينا رسله ليختبرنا وليبلونا مَن مِنّا أحسن عملاً، فالعبادة هي حق الله علينا ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾.
وأكمل مؤكدا، أنه لا تستقيم حياتنا وآخرتنا إلا بالعبادة، ولا تنصلح أخلاقنا إلا بها، فالعبادة تنهى عن الفواحش والمنكرات وتصلح بها دنيا الناس، قال ربنا تعالى ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ﴾، ولا نفوز بالجنة إلا بالعبادة فهي النجاة في الآخرة والهناءة في الدنيا.
واستطرد: "العبادة لنا نحن ولخيرنا نحن، وهي واجبة علينا تجاه الله عز وجل لأنه خالقنا، ونَفْعُها يعود علينا نحن فقط والتقصير فيها يعود علينا نحن فقط، والجنة غالية، فمن يريد الجنة يعمل لها، فنحن المحتاجون إليه سبحانه... المحتاجون لعبادته، وهو الغني عنَّا وعن كل خلقه".