حسان بن عابد: المهارات الغريزية في عالم الحيوان دلالة واضحة على العناية الإلهية (فيديو)
- السبت 23 نوفمبر 2024
الشيخ النميري
قال الباحث الشرعي النميري بن محمد الصبار، إن الإلحاد أخذ يظهر في أجزاء من
العالم الإسلامي، وبرزت إلى أرض الواقع مواقع تتبنى هذا الإلحاد، وتسعى للدفاع عنه،
وتستقطب الشباب إليه - إلا من رحم الله وعصَمه من هذه الفتن - بواسطة التلبيس والتحريف
والتشكيك في قضايا الدين الكبرى ومسلماته العظمى؛ مما ساق بعض أولئك الشباب إلى الانسلاخ
عن الدين وخلع ربقته بالكلية، عياذًا بالله.
وتطرق النميري لتعريف الإلحاد وأقسامه في مقال له، إذ عرفه بأنه هو: الميل عن
الحق الذي أنزله الله جل وعلا في كتابه، وبعث به رسوله صلى الله عليه وسلم إلى ضد ذلك
من الباطل والضلال؛ كما قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا
الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ
يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ ﴾ [محمد: 3]، وقال تعالى: ﴿ فَذَلِكُمُ اللَّهُ
رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ
﴾ [يونس: 32].
أما عن أقسام الإلحاد، فقد فندها الباحث في عدة نقاط، حيث يرى أن أقسام الإلحاد
3، إذ يكون القسم الأول، في إنكار وجود الله جل وعلا، واعتقاد أنه ليس للعالم ربٌّ
يخلق ويدبر ويميت ويحيي، وليس له إله يعبد ويقصد؛ كما كان أهل الجاهلية يقولون: إنما
يهلكنا الليل والنهار، والدهر هو الذي يهلكنا، ويُميتنا ويحيينا، وكان إذا أصابهم شدة
أو بلاء أو نكبة، قالوا: يا خيبة الدهر، فيجعلون تلك الأفعال عائدةً إلى الدهر ويسبونه؛
كما قال تعالى فيهم: ﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا
وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا
يَظُنُّونَ ﴾ [الجاثية: 24].
ولذلك نهاهم الله
عز وجل عن ذلك؛ كما ثبت ذلك في الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم، يقول: يا خيبة الدهر،
فلا يقولن أحدكم: يا خيبة الدهر؛ فإني أنا الدهر أقلِّب ليله ونهاره، فإذا شئت قبضتهما»؛
أخرجه مسلم.
أما القسم الثاني، فهو الإلحاد في أسماء الله عز وجل وصفاته، وهو: الميل بها
عن الحق الثابت فيها في الكتاب والسنة الصحيحة، وما كان عليه منهاج النبوة في إثبات
اللائق به جل وعلا، ونفي ما لا يليق به، والدليل على هذا القسم: قوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ
الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ
سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون ﴾ [الأعراف: 180].
وفي هذا القسم،
قال الصبار أنه يتفرع لعدة أنواع، حيث يكون النوع الأول، فيما أن يسمي الله بما لم
يسمِّ به نفسه، كما سماه النصارى: أبًا، وعيسى: الابن!، إلا أن النوع الثاني، في أن
ينكر شيئًا من أسمائه؛ سواء أنكر كل الأسماء، أو بعضها التي تثبت لله؛ كما أنكر كفار
قريش اسم (الله)، واسم (الرحمن)، واسم (الرحيم)؛ كما قال تعالى في حقهم: ﴿ وَإِذَا
قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا
وَزَادَهُمْ نُفُورًا ﴾ [الفرقان: 60].
وعن أنس رضي الله
عنه أن قريشًا صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم فيهم سهيل بن عمرو، فقال النبي صلى
الله عليه وسلم لعلي: «اكتُب بسم الله الرحمن الرحيم»، قال: سهيل: أما بسم الله فما
ندري ما بسم الله الرحمن الرحيم، ولكن اكتُب ما نعرف باسمك اللهم؛ أخرجه مسلم.
وتحدث عن النوع الثالث، على أنه إنكار ما دلت عليه من الصفات، فهو يثبت الاسم،
لكن ينكر الصفة التي يتضمَّنها هذا الاسم؛ كأن يقول: إن الله سميع بلا سمع، وعليم بلا
علم، وخالق بلا خلق، وقادر بلا قدرة، وهذا معروف عن المعتزلة، والنوع الرابع: أن يثبت
الأسماء لله، ولكن ليس كما يليق بجلاله وعظمته، وإنما يقع في تشبيهها بالمخلوق.
واختتم هذه الأنواع في تفسير النوع الخامس، وهو أن ينقلها إلى المعبودات؛ كأن
يسمي شيئًا معبودًا بالإله، أو يأخذ أسماءً منها للمعبودات؛ كما سُمي (مسيلمة الكذاب)
بـ(الرحمن)، وكفعل المشركين في معبوداتهم الباطلة؛ كاللات من الإله، والعزى من العزيز،
ومناة من المنان؛ كما قال تعالى فيهم: ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ
الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ
ضِيزَى * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ
اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ
وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ﴾ [النجم: 19 - 23].
أما عن القسم الثالث
للإلحاد، فقال الباحث : أن يكون في آيات الله عز وجل، وآيات الله عز وجل هي الدالة
على عظمته ووحدانيته، وهي تنقسم إلى قسمين: الأول: الآيات الكونية القدرية، والآخر:
الآيات الشرعية الدينية.
واستطرد الصبار، أن وجوب التعريف بالإلحاد وأقسامه هو أمر غاية في الأهمية،
كي نعي جميعا إلى من نتحدث وكيف نتحدث وإيجاد سبل الدفاع عن ديننا الحنيف، بتوفير المعلومات
الكافية عن من يعادونه.