باحث إسلامي: فصل الشريعة عن الحياة يجعلها فوضى عارمة

  • د. شيماء عمارة
  • الأربعاء 08 ديسمبر 2021, 12:54 مساءً
  • 780
أرشيفية

أرشيفية


قال الدكتور مولاي المصطفى البرجاوي، الباحث الإسلامي، معرفا العلمانية، أنها اصطلاحاً، كما جاء في "دائرة المعارف البريطانية": "هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالحياة الدنيا وحدها".

 

وأشار الباحث في مقال له، أنه لعل في الكتابات الإسلامية التعريفَ المتفق عليه، وهو: فصل الدين عن الدولة، ولكن أفضل تعريف للعلمانية: "هي إقامة الحياة على اللادين"، وفي هذا ضرب في صميم ماجاء به ديننا الحنيف مصداقًا لقوله - تعالى -: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162].

 

كما قال أيضا، إن من الإنصاف الإشارة إلى أن العلمانيين ليسوا في كفة واحدة - وهذا من وحي التجربة - فهناك من ينظر للعلمانية على أنها فصل الدين عن السياسة، باعتبار السياسة مدنسة والدين مقدس، أو كما يسميهم الدكتور عبد الوهاب المسيري بالعلمانيين الجزئيين، وتيار آخر- وهو الأخطر - يدعو إلى استئصال الدين من أساسه "العلمانيون الشموليون".

 

واستكمل البرجاوي، مفسرا لفكرة فصل الدين عن الحياة، أن هذا الفصل بين الدين والحياة - من وجهة النظر الإسلامية – قد وقع مبكرًا جدًّا في الحياة الأوروبية، وقد وقع منذ اعتناق أوروبا للنصرانية؛ لأن روما عندما تنصّرت أخذت عقيدة منفصلة عن الشريعة، ولم تحكم الشريعة شيئًا من حياة الناس في أوروبا إلا الأحوال الشخصية فحسب، وهذا الوضع هو علمانية كاملة من وجهة نظر إسلامية، وللأسف الشديد هذا ما نجده في أغلب الحكومات العربية والإسلامية، بل الأدهى والأمرّ أنها تطاولت حتى على الأحوال الشخصية، من نسف أمور ثابتة في الشرع: الميراث، تعدد الزوجات، . . . والذي تقصده أوروبا - حين تطلق هذا المصطلح - هو إبعاد الدين عن واقع الحياة، وإبقاؤه متمثلاً في بعض المفاهيم الدينية؛ ولذا تعتبر كلام رجال الدين في قضايا الدنيا هو تدخُّل رجال الدين - باسم الدين - فيما لا يعنيهم؛ سواءً في ذلك السياسة، والاقتصاد، والاجتماع، والفكر، والعلم، والأدب، والفن، وكل مجالات الحياة.

وخلص فيما يقول إلى أن الأصل - الذي لا مِراء فيه - أنه متى فصلت الشَّريعة عن الحياة ككل - وليس فقط السِّياسة - كانت كلها خداجًا وفوضى عارمة، ومرتعًا واسعًا لكل من هَبَّ ودَبَّ للتَّطَاول السَّافر على الدِّين الإسلامي، ولا يعني هذا أنَّ الإسلامَ كله زَوَاجر ورَوَادع، كلاَّ؛ بل الإسلام فسح مجالاً واسعًا للإنسان المسلم، وأرسل له هذا الدين الذي ينظمه ويوجهه، انطلاقًا من القاعدة الأصولية التي تقول: "الأصل في العادات الإباحة حتى يرد المنع".

 

تعليقات