باحثة اجتماعية: التقارب الأسري من أهم السبل التي تقي الشباب من الوقوع في الموبقات

  • د. شيماء عمارة
  • الثلاثاء 07 ديسمبر 2021, 00:11 صباحا
  • 374
أرشيفية

أرشيفية

قالت د. مها الجريس، أن من أهم السبل التي تقي شباب اليوم وأبنائنا الوقوع في بئر الموبقات والحفاظ عليهم من التشتت والانحدار الفكري، هو التقارب الأسري ووجودهم في بيئة أسرية طيبة، يبرز فيها الحب والمودة والتفاهم، حتى يتسنى للابن أن يأخذ معلومتاه الصحيحة من خلال قدوته التي تتمثل في أبويه، قبل أن يلجأ لأي مصادر أخرى قد تكون غير دقيقة.

وأضافت الجريس في مقال لها على منصة "باحثات" المهتمة بقضايا المرأة المسلمة، أن علماء الاجتماع يعرفون التماسك الأسري بأنه: “صلة الربط الوثيقة بين أفراد الأسرة بدءاً من الزوجين وبينهم وبين الأبناء، لينشأ عن ذلك تواصل ومودة ورحمة وإحسان”، كما يمكن تعريف التماسك الأسري “بالتفاعل الإيجابي بين أفراد الأسرة والروابط العاطفية التي تجذب بعضهم ببعض”،، ولهذا اقترن بالإشباع العاطفي، الذي يفهمه كثير من الناس على ير حقيقته فيظنونه مجرد الحب والحضن والتقبيل، والثناء اللفظي وهذا كله -على أهميته- لا يكفي، بل إن أعظم ما يحقق هذا الإشباع  في محيط الأسرة هو قضاء أوقات كافية فيما بينهم بالإضافة إلى ثقة كل فرد بالآخر، وهذا ما كان يمارس بالسليقة والفطرة في الأجيال السابقة دون مزيد تكلف من طقوس الحب!


اقرأ أيضا: في 4 خطوات.. كيف تحمي أولادك من الإلحاد؟


وقالت أيضا، أنه ليس سرّاً أن نقول إن الجيل الحالي – جيل الألفية الثالثة- يتصف بالحساسية الشديدة والهشاشة المفرطة، والنزوع إلى الفردية، ومشاركة العالم الافتراضي لا الحقيقي في الكثير من أمور الحياة، وبالتالي فهو محتاج وبشدة إلى الإشباع العاطفي الحقيقي في محيط الأسرة، وليس المقصود بالإشباع العاطفي هو إغداق الحب فقط أو التدليل الزائد للأبناء؛ وإنما هم بحاجة للإشباع العاطفي الملائم لكل موقف ولكل مرحله فلا تربية بالحب وحده، فالحزم والاحتواء، والقرب، وإظهار الخوف على الأبناء كلها عواطف فطرية ومن الحاجات الغريزية للإنسان وهو بحاجة لأن يحيا بها ويراها من أهله وأسرته ومن حوله.  وعلى أهمية التربية بالحب، إلا أن الحب وحده لا يكفي، بل لا بد معه من الحزم، والعدل، والإلزام بحمل المسئولية، والمحاسبة والمتابعة التي تعلّم الانضباط، وهذا كله هو ما يبني التوازن العاطفي الذي يحقق للأجيال نفسية سليمة متوازنة قادرة على الصمود في وجه الحياة وغير قابلة للتبعثر والتحطيم عند أدنى موقف!

وأشارت الجريس إلى الحديث الذي حسنه الألباني عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يعلم مبدأ التوازن العاطفي وعدم الاندفاع، وذلك في قوله: (أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما…الحديث)

وتابعت، إن إكساب الأبناء شخصية متوازنة ذات اعتدال نفسي، وانضباط عاطفي، لا يأتي إلا من خلال الممارسة التربوية ذات التطبيق الكافي لهذا المبدأ، فلا حاجة لسيل من المديح والعبارات التي تنفخ الغرور في الصبي أو الصبية لأجل قيامهم بعمل صائب أو مستحسن، بل يكتفى بالثناء المتوازن وعبارات الدعاء ليستقر في النفس ثقةٌ ممزوجة بالاكتفاء الذاتي، الذي يحميهم مستقبلاً من تسول العاطفة من الآخرين.

وخلصت الجريس إلى: إن أبرز أسباب غياب هذا الإشباع العاطفي لدى كثير من الأسر هو انشغال الأبوين بالعمل خارج المنزل لأوقات طويلة أو الحضور جسداً مع الانشغال بالترفيه أو العكوف على وسائل التواصل الاجتماعي، إضافةً إلى اعتماد كثير من الأسر على العاملات غير المؤهلات في تربية الأبناء والعناية بهم، وهذه القضية أيضاً مما كتب فيه الكثير من البحوث وأجريت فيه العديد من الدراسات الميدانية، بل برزت بعض القضايا الحساسة في بعض الأوقات، وهي تعنيف الخدم للأطفال وتسربت التسجيلات والقصص للعديد من الأطفال الذين كانوا ضحايا لهذا النوع من الإهمال، وانتشرت لأعين الناس في وسائل التواصل الاجتماعي!

تعليقات