رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

الطريق إلى نوبل (1)

  • معتز محسن
  • الأربعاء 11 سبتمبر 2019, 4:21 مساءً
  • 930

في العام 1976 كتب الكاتب والأكاديمي الكبير د/ رشاد رشدي في مقال بالأخبار بأن الأدب العربي لن يعانق نوبل إلى الأبد ، للإغراق في المحلية دون التركيز على التراث العالمي مما يجعله لا يقترب من تلك الجائزة البراقة.

هل صمت كتابنا العرب أم كان لهم رأي آخر ؟

في نفس العام وبنفس الجريدة خرج راهب الفكر من محرابه ليتحول من الراهب المتبتل إلى توفيق الحكيم المفكر مطلقًا العنان ليراعه ليرد على هذا الhتهام بمقال (مقالة سخيفة) موضحًا للدكتور رشدي بأنه ينطبق عليه مواصفات الفوز بالجائزة لمعانقته للتراث العالمي خاصةً في عالم المسرح عبر مسرحياته الهامة (الملك أوديب - براكسا أو مشكلة الحكم - إيزيس - أهل الكهف - بجماليون) ولكن للجنة الجائزة رأي آخر !!


أي بإختصار أمامنا قامة مسرحية تقدم أدبًا على مستوى الأدب الذي قدمه برنارد شو الفائز بالجائزة في العام 1925 بلغة إنجليزية و نكهة أيرلندية توازي النفس المصرية في السعي للخير والحقيقة واليقين.

من هذا المنطلق يأتي السؤال :

كيف يمكن الوصول إلى نوبل؟ هل عن طريق العالمية أم عن طريق المحلية؟

لكي يأتي الرد المناسب حول هذا التساؤل المراوغ لعقول مبدعينا ، فلابد من التوغل في أغوار قائمة الحاصلين عليها لنعرف أين مكمن الطريق المنشود؟

لو نظرنا إلى قائمة الفائزين و لماذا فازوا بها سنكتشف عن نسبية صحة الإتجاهين حسب القرار الموجه لصاحب الحظ والنصيب للتتويج بعالمية الأدب.

لو أجزنا قول رشدي في هذا الأمر ، فينطبق الكلام على الشعراء الذين فازوا بها لعالمية الشعر في مناجاة الطبيعة و الإنسانية والفضائل الموحدة بين البشر كي نحيا تحت مظلة البشرية التي تجمع بيننا رغم إختلاف الألسن واللون والعادات والتقاليد ، فهذا ما وجدناه في بادرة الجائزة عند الإعلان عن فوز رينيه سولي بردوم الشاعر الفرنسي في العام 1901 وسط دهشة الجميع لتخطي اللجنة لأسماء أكثر لمعانًا و شهرة من ذلك الشاعر المغمور ، فلعل في شعره ما يساهم في قفزه تلك الحواجز الشاهقة لإقترابه من طبيعة الإنسان دون التركيز على قطر بعينه.

ينضم للشعر أيضًا الفلسفة الحاضنة للعلوم والفنون مع التأريخ وذلك بمنح الجائزة للمحامي والمؤرخ الألماني تيودور مومسن في العام 1902 لعمله التأريخي الضخم (تاريخ روما) مقدمًا للبشرية درة لامعة تحفظ ذاكرة البشرية من المحو بنكهة القانوني المستند على ضرورة الأدلة الملموسة للإبقاء على البشر ، إلى جانب ذلك منحها في العام 1927 للفيلسوف الفرنسي الكبير هنري برجسون لكشفه عن أغوار العقلية البشرية بشكل تشريحي متأدب يسعى لإضفاء اليقين والسكينة على قلوب البشر.

إذًا من يكشف عن أغوار الإنسانية جمعاء يقدم لنا أدبًا عالميًا وفكرًا كوكبيًا ينضح بالإيثار والعطاء دون النظر لفكر بعينه كي يحفظ الكائن المفكر من التصدع والإنهيار وذلك عبر الترجمة لوجود من فاز بالجائزة ممن ترجموا لغيرهم من الأقطار الأخرى كما حدث للشاعر اليوناني الكبير جورجي سفيرس أول يوناني يفوز بالجائزة في العام 1963 وذلك لترجمته لإليوت الفائز بنول 1948 قبل شعره وكأن الأكاديمية تكافئه على تشريف إليوت بترجمة أعماله بلغة من أعادت لأوروبا الحياة مجددًا عقب فترة مليئة بفتن التفرقة والتشرذم وقت الإنتقال من الظلمات إلى النور في عصر النهضة.

من هنا يأتي سؤال هام و ضروري:

هل يأتي الدور على أدونيس شاعرنا السوري العربي الكبير في تكرار ما حدث لسفيرس؟

سؤال ينضح على الذهن بقوة ذلك للترشيح المستمر له منذ العام 1988 حتى العام 2017 واللجنة تغير مسارها عنه كحركات الرياح المعاكسة للسفن ، فرغم معينه الشعري المتوهج إلا أن الصيحة النهائية تؤجل على الدوام وبجانب تراثه الشعري ، يملك في خزينته إرثًا عريقًا في الترجمة ، خاصةً ترجمة شعر الشاعر الفرنسي الكبير سان جون بيرسي الفائز بنوبل في العام 1960 مقدمًا للثقافة العربية ديوانه الخالد (منارات) لما يحمله من يود البحر المبهج ، الذي يجمع بين سوريا وفرنسا من خلال ثقافة الأورومتوسطية تحت ظلال الملاحة والمعرفة.

هل ستأتي اللحظة التي إنتظرها أدونيس طويلاً، خاصةً لمنح الجائزة هذا العام لعامي 2018 و2019 أي سناحة الفرصة ببريقها الآخاذ ؟

للسؤال جواب يخرج خلال شهر أرجو أن ينضح بالبشرى و الخبر اليقين.

و للحديث بقية ............

تعليقات