أفلا تبصرون.. هل رأيت نمل الباندا من قبل؟!
- الأحد 24 نوفمبر 2024
زكي نجيب محمود
رغم مرور 26 عاما على رحيله، ولكنه سيظل علامة فارقة في تاريخ مصر والعالم العربي كونه من أفضل المفكرين الذين جاءوا إلينا بالفكر المختلف المستنير، إنه زكي نجيب محمود، الذي رحل عن عالمنا في 8 سبتمبر عام 1993 تاركا وراءه ثروة ثقافية وفكرية وأدبية كبيرة، ويعد زكي نجيب محمود من أبرز فلاسفة العرب ومفكريهم في القرن العشرين، وأحد رواد الفلسفة الوضعية المنطقية.
وصفه العقاد بأنه فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة فهو مفكر يصوغ الفلسفة في الأدب ويجعل من الأدب فلسفة، وربما جاء هذا الوصف من الوصف الذي أطلقه ياقوت الحموي في كتابه معجم الأدباء على أبي حيان التوحيدي بأنه فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة؛ لأنه كان أديبا موسوعيا يحاول مزج الفلسفة بالأدب، وأن يقدم خلاصة ذلك للناس ليكون قريبا من أفهامهم. والوصف الذي أطلقه ياقوت الحموي يكاد لا ينطبق على أحد من أعلام النهضة الأدبية في مصر إلا على زكي نجيب محمود، فقد نجح في تقديم أعسر الأفكار على الهضم العقلي للقارئ العربي في عبارات أدبية مشرقة، وفكّ أصعب مسائل الفلسفة وجعلها في متناول قارئ الصحيفة اليومية، واستطاع بكتاباته أن يخرج الفلسفة من بطون الكتب وأروقة المعاهد والجامعات لتؤدي دورها في الحياة.
ولد زكي نجيب محمود في قرية ميت الخولي التابعة لمركز الزرقا بمحافظة دمياط المصرية في (26 من ذي القعدة 1322هـ = 1 من فبراير
1902)، ودخل الكتاب ليحفظ شيئا من القرآن، ثم التحق بمدرسة السلطان مصطفى الأولية بميدان
السيدة زينب بالقاهرة، وهو في الخامسة عشرة من عمره بعد أن انتقلت أسرته إلى القاهرة،
بعد أن عمل أبوه بمكتب حكومة السودان بالقاهرة.
وبعد أربع سنوات انتقلت الأسرة إلى السودان،
وهناك أكمل تعليمه الابتدائي بكلية غوردون في الخرطوم، وأمضى سنتين في التعليم الثانوي،
ثم عاد إلى مصر ليكمل تعليمه الثانوي، ويلتحق بعدها بمدرسة المعلمين العليا، وهي المدرسة
التي أنجبت لمصر كثيرا من أدبائها ومفكريها من أمثال: إبراهيم عبد القادر المازني،
وأحمد زكي، ومحمد فريد أبو حديد، وجامعة القاهرة، وظل بها حتى أحيل على التقاعد سنة
(1385هـ= 1965م)، فعمل بها أستاذا متفرغا، ثم سافر إلى الكويت سنة (1388هـ= 1968م)
حيث عمل أستاذا للفلسفة بجامعة الكويت لمدة خمس سنوات متصلة.
وإلى جانب عمله الأكاديمي انتدب سنة (1373هـ
=1953م) للعمل في وزارة الإرشاد القومي (الثقافة) وهي الوزارة التي أنشأتها حكومة الثورة،
ثم سافر بعدها إلى الولايات المتحدة الأمريكية في العام نفسه، وعمل أستاذا زائرا في
جامعة كولومبيا بولاية كارولينا الجنوبية، وبعد أن أمضى بها الفصل الدراسي الأول انتقل
إلى التدريس بجامعة بولمان بولاية واشنطن في الفصل الدراسي الثاني، ثم عمل ملحقا ثقافيا
بالسفارة المصرية بواشنطن بين عامي (1374-1375هـ=1954-1955م) .
ومن أبرز أعماله في الفلسفة والمنطق هى المنطق الوضعي وخرافة الميتافيزيقا ونحو فلسفة علمية وحياة الفكر في العالم الجديد وبيرتراند راسل وديفيد هيوم والشرق الفنان وجابر بن حيان والجبر الذاتي وقصة عقل وقصة نفس وكتب عن الحياة الفكرية والثقافية.
أما أعماله الأدبية والثقافية، فكان أبرزها قشور ولباب وتجديد في الفكر
العربي والمعقول اللا معقول في تراثنا الفكري وثقافتنا في مواجهة العصر ومجتمع جديد
أو الكارثة ورؤية إسلامية وفي تحديث الثقافة العربية وقيم من التراث.
كما كانت لأعماله الأدبية مكانة كبيرة وأبرزها جنة العبيط وشروق من الغرب والكوميديا الأرضية وقصة نفس وأرض الأحلام، وحصاد السنين.