هيثم طلعت يكتب: الإلحاد يسمم المتدينين!

  • أحمد عبد الله
  • الخميس 30 سبتمبر 2021, 08:29 صباحا
  • 1721
د. هيثم طلعت - الباحث المتخصص في ملف الإلحاد

د. هيثم طلعت - الباحث المتخصص في ملف الإلحاد

الإلحاد يُسمم المُتدينين

 

تسميم الإلحاد للمتدينين هو بديهة مستقرة في أذهان كل الذين عاصروا الدول الملحدة وكانوا أصحاب ديانات، ويحتفظ التاريخ بما لا يُحصى من المواقف التي تؤكد هذه الدعوى، فقد سُنت قوانين لتحريم الأديان في الدول التي حكمها ملحدون -مثل المادة 52 من الدستور السوفيتي الجديد سنة 1977 والتي تنص على أن: "الدولة ترعى الإلحاد العلمي وتُحرم تلقين الدين مِن قِبل أية جهة"-.

 

وتمت تسوية معابد أصحاب الديانات بالأرض بمجرد وصول ملحد للحكم، ففي ألبانيا كمثال تم هدم وإغلاق 2169 مسجد وكنيسة، وتم تحويل كاتدرائية شكودرا الكبيرة Shkodër Cathedral إلى قاعة للألعاب الرياضية Palace of Sports بعد وصول الملحد أنور خوجة Enver Halil Hoxha للحكم في ألبانيا. -1-

 

فالإلحاد نسق معرفي مستقل لا يقبل مزاحمة أنساق معرفية أخرى كالدين، فالملحد حين تكون في يده السلطة فإنه سيفعل ما بوسعه حتى يقضي على أية سمة دينية، وفي رسائل فلاديمير لينين Vladimir Lenin الرسمية-والتي تعد الآن من وثائق الحكومة الروسية –السوفيتية سابقًا-،  يقول لينين حين وصل لرئاسة الاتحاد السوفيني السابق في أحد تلك الرسائل: "يجب علينا الآن سحق رجال الدين بكل حزم وبلا هوادة، وإخماد كل مقاومة لهم بحيث لا ينسوا ذلك عبر السنين."

بل وقال أيضًا: "في هذا الاجتماع أُصدر قرارًا بإزالة ملكية جميع رجال الدين والكنائس بلا رحمة ولا ندع لهم شيء، ويجري هذا القرار في أسرع وقت ممكن وبمنتهى الكفاءة وكلما زاد عدد مَن نُطلق عليهم النار كان أفضل." -2-

ونتيجةً لهذا القرار الرسمي من لينين بإعدام رجال الدين، يقرر المؤرخ أورنالدو فيجز
Orlando Figes أن قرابة 8000 كاهن تم إعدامهم، وعشرات الآلاف من المتدينين بسبب رسالة لينين. -3-

وقد قُدرت أعداد الذين قُتلوا على يد الإرهاب الإلحادي في تلك الحقبة القصيرة بقرابة المليون نسمة من أبناء الشعب الروسي. -4-

أما الملحد جوزيف ستالين
Joseph Stalin خليفة لينين في رئاسة الاتحاد السوفيتي فلم يكن أقل بطشًا للمتدينين منه، فطبقًا للمؤرخ الشهير ريتشارد بيبس Richard Pipes فقد قتل ستالين بين عامي 1937-1938 فقط أكثر من مائة ألف رجل دين، وقبل وفاته بأيام قليلة أصدر الملحد ستالين أوامر مباشرة باضطهاد المسلمين والرومان الكاثوليك والمعمدانيين، وتم اعتقال وقتل الآلاف وهُدمت المعابد والكنائس والمساجد. -5-

ويكفي أن أوج نشاط رابطة الملحدين العسكرية League of Militant Atheists كان خلال فترة حكم جوزيف ستالين، وهذه الرابطة كانت تضم قرابة ستة ملايين عضو، وقامت رسمياً بقتل وذبح وتعذيب أصحاب الأديان، وهدمت 42 ألف مؤسسة دينية ومسجد وكنيسة عبر دول الإتحاد السوفيتي في الفترة من 1930 إلى 1941 حسب الوثائق الرسمية، وقتلت مائة أسقف وآلاف الرهبان وعشرات الآلاف من رجال الدين الأرثوذكسي، وقد وصل عدد الدوريات الخاصة بالرابطة في العام 1940 إلى 45 ألف دورية تدعو للإلحاد وتُنفر الناس من الدين. -6-

 

أما في الجنوب فقد قام الملحد ماو تسي تونج –رئيس الصين- وما بين عامي 1949- 1975 بقتل 26 مليون مسلم صيني - الأتراك الأيغور Uighurs -، وفي عام 1964 نشر ماو تهديداته قائلاً : " جميع الحيوانات السُفلية سوف تُعدم ."

وبهذا كان ماو يُخرج معارضيه مِن الإنسانية وكان يَعتبر كُل من وقف ضد الثورة خطأً تطوريًا .

يقول جيمس رفي رُسي James Revee Rusey  : " بالنسبة لمـاو فإن أعداء الشعب ليسوا بشرًا وليس لهم أدنى حق بالمعاملة الإنسانية." -7-

 

ومن نافلة القول نؤكد أن الإلحاد المعاصر لم يتغير كثيرًا عن حقبة لينين أو ستالين أو ماو تسي تونج، فها هو الملحد المعاصر سام هاريس Sam Harris أحد أعمدة الإلحاد الجديد يقول في كتابه "نهاية الإيمان" the End of Faith بالحرف: "بعض المسائل من الخطورة بمكان بحيث يمكن أن يكون قتل من يعتقدها أخلاقيًا." -8-

ويقرر سام هاريس في الكتاب نفسه أن قتل المسلمين بقنبلة نووية تستأصل شافتهم إلى الأبد أمر غير مستبعد. -9-

هذا هو الإلحاد حين يحكم!
هذا هو الإلحاد حين تكون له دولة!
هذا هو مصير كل مؤمن في دولة الإلحاد.
{قتل أصحاب الأخدود ﴿٤﴾ النار ذات الوقود ﴿٥﴾ إذ هم عليها قعود ﴿٦﴾ وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ﴿٧﴾ وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ﴿٨﴾ الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شيء شهيد ﴿٩﴾ إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق } سورة البروج.

 

 

---------------------

1- Wayne C. Thompson (2007). Nordic, Central, and Southeastern Europe. Stryker-Post Publications.

2- Lenin said: "we must precisely now smash the Black Hundreds clergy most decisively and ruthlessly and put down all resistance with such brutality that they will not forget it for several decades".

He also said: "At this meeting pass a secret resolution of the congress that the removal of property of value, especially from the very richest lauras, monasteries, and churches, must be carried out with ruthless resolution, leaving nothing in doubt, and in the very shortest time. The greater the number of representatives of the reactionary clergy and the reactionary bourgeoisie that we succeed in shooting on this occasion, the better".
Source: letters from Lenin
http://www.loc.gov/exhibits/archives/ae2bkhun.html
3-
Donald Rayfield, Stalin and His Hangmen: The Tyrant and Those Who Killed for Him. Random House, 2004.
4-
Stewart-Smith, D. G. The Defeat Of Communism. London: Ludgate Press Limited, 1964.
http://www.hawaii.edu/powerkills/USSR.TAB2A.GIF

5- Pipes, Richard (2001). Communism: A History. Modern Library Chronicles. p. 66.

6- http://en.wikipedia.org/wiki/League_of_Militant_Atheists

7- China and Charles Darwin, James Revee Rusey p.456

8- Some propositions are so dangerous that it may even be ethical to kill people for believing them.
The End of Faith, p.52.

9- Harris, S. (2006) the End of Faith, the Free Press, P.129

 

 

تعليقات