رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

محمد داود فى «عزيزى الملحد»: الإلحاد موجة غربية فى واقع عربى مرير

  • جداريات 2
  • الأربعاء 29 مايو 2019, 10:10 مساءً
  • 1421
كتاب عزيزي الملحد

كتاب عزيزي الملحد

الدكتور محمد داود واحد ممن أخذوا على عاتقهم مواجهة الفكر الإلحادى، من خلال منهجية علمية، وفى ثوب عصرى ميسر بعيدا عن التشرذم والتشدد أو الزعاق الأجوف والمتشنج، بل من خلال الحوار العقلانى الهادئ، وكتابه «عزيزى الملحد» واحد من إسهاماته فى التصدى للإلحاد وأسبابه والرد على أسئلة الملحدين، متحليا بالنفس الطويل، وحسن الخطاب، ولأهمية الكتاب رأينا أنه من الضرورة بمكان التعرض له من خلال «جداريات».

ابتداء يضع الكتاب أيدينا على أسباب تفشى الإلحاد فى المجتمعات العربية والإسلامية، ويؤكد أن المجتمع المسلم يتعرض لحرب جديدة أخطر من كل الحروب العسكرية وهى حرب الأفكار والثقافات وما يصاحبها من حروب نفسية من نشر الشائعات المغرضة ومحاولة تشويه الرموز الفكرية والعلمية وهدم القدوة بتشويه القادة بهدف تحويل المجتمع المسلم إلى نسيج مهلهل مستسلم، وإن كانت الحروب العسكرية التى يقوم بها الغرب ضد العرب والمسلمين تدفع المجتمعات إلى الفقر بتدميرها، ويكون الفقر مقدمة لفرض السياسات والأفكار بعد ذلك فإن الحروب الفكرية الممنهجة هى آلية تدمير الإنسان معنويا وصناعة الهزائم النفسية.

ويضيف داود أنه ليس عبثا أن يدعم الغرب انتشار الأفلام الجنسية والمخدرات فى بلاد المسلمين، ففى آخر إحصائية ٢٠١٣ تم رصد أكثر من مليونى موقع لتداول المسائل الجنسية وعشرات القنوات ومئات المواقع التى تشكك فى القرآن ونبى القرآن وسنته وفى كل ما هو إسلامى؟ وليس عبثا إعلان وزارة الخارجية الأمريكية عن مشروعهم الفوضى الخلاقة -الفوضى الهدامة حسب تعبير الدكتور داود- واستخدموا كل أنواع الحروب لتحقيقها ثم أرسلوا موجة عاتية من الحروب الفكرية منها موجة الإلحاد يقابل كل هذه الحروب والهجمات الخارجية واقع مرير مليء بالسلبيات التى ساعدت على ظهور الإلحاد، ومن أهم هذه السلبيات:

١ - الطرح المشوه للدين.. بين الإفراط والغلو والتشدد والتفريط والتساهل وتحول المرجعية فى الدين إلى الشهرة بدلا من التخصص والكفاءة.. وأسهم الإعلام فى ذلك من خلال تقديمه من لا يحق أن يتصدر العلم والفتوى.

٢- الانفصام فى المجتمع بين الشعارات الدينية البراقة والواقع المؤلم الذى نعيشه، فالمجتمعات العربية على قمة قوائم الفساد فى العالم وأصبح الفساد قانونيا، حتى صار فى مؤسسات المجتمع اتجاه (ادفع وخالف).

٣- افتقاد الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة فى المسؤولين والعلماء، وطغت النرجسية والأنانية والطمع ونسى هؤلاء رسالتهم ومسؤوليتهم بعيدا عن جلال الإيمان وربانية المؤمن.

٤- السقوط العلمى للمجتمعات الإسلامية والعربية أمام الحضارة الغربية فليس للمسلمين حضور على الخريطة العلمية العالمية، ومن هنا شاعت أن أكذوبة أن الإسلام ضد العلم وأن الإسلام سبب التأخر، وترتب على ذلك سحب الصراع الذى كان بين الكنيسة والعلم فى القرن السابع عشر فى أوروبا على الإسلام.

وفى إطار هذه الفتن والثقافات المضادة الوافدة اتسعت مساحة الأسئلة وتجاوزت السؤال ماذا أفعل؟ لتصل لماذا أفعل وما كان من المسلمات فى الماضى (المقدسات وأمور الغيب) أصبح موضع نقاش.

ونستكمل فى موضع آخرٍ حول المؤلف المهم للدكتور محمد داود «عزيزى الملحد» الذى يجيب فيه على أسئلة الملحدين وأهم ما يؤرقهم، ويسبر أغوارهم فى هدوء وأناة، وكتب أخرى لنفس المؤلف منها «عزيزى الإنسان» و«منهج القرآن فى الرد العلمى على الشبهات».


تعليقات