كيف نوفق بين "لن يدخل أحد الجنة بعمله إلا بفضل الله ورحمته"، و"ادخلو الجنة بما كنتم تعملون"
- الأربعاء 27 نوفمبر 2024
مفتي الجمهورية
أكّد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إنَّ ترك المصافحة باليد لمن يخشى انتشار عدوى الإصابة بفيروس كورونا منه وإليه، واجب شرعي ضمن اتخاذ الإجراءات الوقائية والاحترازية من الإصابة بعدوى فيروس كورونا بعد اجتياحه لأنحاء العالم، «لِما ثبت من سرعة انتقاله بين الأشخاص عن طريق العدوى والمخالطة؛ حفاظًا على الأرواح، وأخذًا بأسباب النجاة، ويكتفي الإنسان حينئذ بالتحية قولًا، بما يُحصِّل القدرَ المأمورَ به شرعًا لإفشاء السلام» بحسب تعبيره.
وأعادت دار الإفتاء المصرية، اليوم، نشر الفتوى رقم 5240 عبر موقعها الرسمي عن حكم المصافحة باليد خوفا من انتشار عدوى الإصابة بكورونا والتي أجاب فيها مفتي الجمهورية عن سؤال يقول «ما حكم الامتناع عن المصافحة خوفًا من الإصابة بعدوى فيروس كورونا؟ مشيرًا إلى أنَّ العدوى كما عرّفها المختصون هي: انتقال الكائن المسبب لها من مصدره إلى الشخص المعرض للإصابة، وإحداث إصابة بالأنسجة قد تظهر في صورة مرضية (أعراض) أو لا، وهو ما عرف به العلماء في كثير من الأمراض الوبائية؛ كالجُذام، والجرب، والجدري.
واستشهد الدكتور شوقي علام بحديث رسول الله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم قال: «فِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ» أخرجه البخاري في «صحيحه»، مؤكّدًا أنَّه قد سبق الإسلام إلى نظم الوقاية من الأمراض المعدية والاحتراز من تفشيها وانتشارها؛ منعًا للضرر، ودفعًا للأذى، ورفعًا للحرج.
وتابع المفتي: وعن الحسين بن علي عليهما السلام أن النبي صلَّ الله عَليْهِ وآله وسلَّم قال: «لا تُدِيُمواْ النَظَرَ إلى المَجَاذِيمِ، وَمَن كَلَّمهُ مِنْكُم فَليُكَلِّمه وَبَينهُ وَبَينَهُ قِيدُ رُمْحٍ»، وفي رواية من حديث عَبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه: «أَوْ رُمْحَينِ»، أخرجهما أبو نعيم في "الطب النبوي، تحت باب «توقي كلام المجذوم».
وأكّد «علام»، أنَّه يزداد النهي ويتأكّد في حالات الوباء التي انتشر فيها المرض وتفشَّى؛ كفيروس كورونا أحد فيروسات كورونا التاجيَّة، والذي أفادت منظمة الصحة العالمية أنَّه ينتشر بسرعة فائقة عن طريق العدوى بين الأشخاص، سواء عن طريق الجهاز التنفسي والرذاذ المتناثر من الأنف أو الفم المحمَّل بالفيروس عند السعال والعطس، أو عن طريق المخالطة وملامسة المرضى والأسطح المحيطة بهم دون اتخاذ تدابير الوقاية والنظافة، ولذلك يجب الابتعاد عن المصاب مسافة تزيد على متر (3 أقدام)، وقد أثَّرت العدوى في ارتفاع أعداد الإصابات وتضاعف حالات الوفيات؛ حتى استوجب إعلان منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ الصحية العامة؛ باعتباره وباءً عالميًّا.
وأوضح المفتي، أنَّ دفع الضرر ودرء الخطر عن الأنفس واجب شرعي ومقصد مرعي؛ كما قال تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]. وكل ما هو وسيلة لذلك فهو واجبٌ شرعيٌّ أيضًا؛ لِما تقرر أن «الوسائل لها حكم المقاصد»، وحفظ النفس من أهم المقاصد الكلية، وآكد الفروض الشرعية، وهي في مقدمة الكليات الخمسة الضرورية، التي جاءت بحفظها كل الشرائع السماوية.