كيف نوفق بين "لن يدخل أحد الجنة بعمله إلا بفضل الله ورحمته"، و"ادخلو الجنة بما كنتم تعملون"
- الأربعاء 27 نوفمبر 2024
أكدت فعاليات الدورة التدريبية الثانية المشتركة لأئمة وواعظات مصر والسودان، في يومها الثاني، أن القرآن الكريم كتاب الله المعجز الخالد الذي تحدى الله (عز وجل) به الثقلين، وهو في أعلى مراتب البلاغة والفصاحة والبيان، مشددة على أن الوطن قيمته عظيمة ولا يتهاون في حقه إلا خائن، وبحفظ الأوطان تحفظ النفوس والأموال والأعراض، ولا يستطيع الإنسان أن يقيم دينه إلا في وطن آمن مستقر.
وتقام الدورة تحت رعاية وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، وبالتنسيق مع وزير الشئون الدينية والأوقاف بجمهورية السودان الشقيقة الدكتور نصر الدين مفرح، ويشارك فيها 40 من الأئمة والواعظات المصريين والسودانيين، وبحضور الدكتور رمضان حسان الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، والدكتور عبدالله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية وعميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر الأسبق.
وقال الدكتور حسان، في محاضرة ألقاها تحت عنوان (الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم)، إن "القرآن الكريم في أعلى مراتب البلاغة والفصاحة والبيان، حيث لا تجد لفظة تؤدي المعنى المراد أفضل من الواردة فيه، فمثلا كلمة "يُضَارَّ" في قوله تعالى: (وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ)، تضم في طياتها رفع كل أنواع الضرر التي قد تلحق الكاتب أو الشاهد".
وأضاف "وكذلك التعبير بالمذكر عن المؤنث في قوله تعالى: (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ)، حيث عبر عن الأنثى بـ"الْخَاطِئِينَ"، ولم يقل (الخاطئات) لأنها أتت بفعل يخالف المألوف من بنات جنسها، إذ أن من شأنها أن تكون مطلوبة لا طالبة، فألفاظ القرآن تصور المعنى وترسمه كأنك تشاهد الوقائع وتعايشها أثناء حدوثها".
وأشار إلى "الفاصلة القرآنية" التي ترد في ختام الآية القرآنية، مؤكدًا أن فواصل القرآن الكريم تتناسق وتتناغم مع بعضها البعض لتؤدي المعنى المراد ببلاغة وإعجاز، مع مراعاة مناسبة السياق والمقام ومقتضى الحال.. متابعا: "فحين نطالع قول الله تعالى: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)، نجد كلمة "دَابَّةٍ" تفيد العموم لتشمل كل ما يدب على الأرض، ويأتي ختام الآية ليؤكد أن رزق كل ما في الكون على الله تبارك وتعالى يعلم مستقره ومستودعه، فكلٌ مدون عند الله في كتاب مبين".
ومن جهته، قال الدكتور النجار، خلال محاضرة بعنوان (الكليات الست)، إن "الدين جاء لرعاية مصالح العباد ودفع الضر عنهم، فحيثما وجدت المصلحة في شيء كان هو المشروع في دين الله (عز وجل)، وإذا غلبت المفسدة كان هو المحظور في دين الله (عز وجل).. ومن هنا، كان حفظ النفس الذي من أجله أنزل الله تبارك وتعالى الشرائع، وبه تحفظ الأديان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها".
وأضاف أن الحق المطلق لله (عز وجل) وحده ولا يقابله واجب عليه سبحانه وتعالى، ومن رحمة الله تبارك وتعالى بعباده أن خلع بعض سمات حقه على عباده الضعفاء، وألزم المجتمع كله أن يحفظ لهم حقوقهم، وقد أطلق العلماء على هذه الحقوق "الكليات الست"، فإذا كانت الأحكام الشرعية تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال، وأن التيسير هو شرع الله والفقيه هو الذي يجيد التيسير ويحسن التيسير بدليل.
واختتم بالقول إن "الكليات الضرورية لا يمكن أن تستقيم الحياة إلا بها، واتفقت عليها الإنسانية على مر الأزمان، كما اتفقت عليها جميع الأديان، وهي (الدين، النفس، العقل، العرض، المال، الوطن)"، مشددا على أن الوطن قيمته عظيمة ولا يتهاون في حقه إلا خائن.