باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
الموت هو
الحقيقة الوحيدة المطلقة والمؤكدة بالنسبة للإنسان، على الأقل من زاوية حياتية، حيث
تفارق الروح الجسد ولا يعد للإنسان وجود فعلي على ظهر الأرض، فلا نراه ولا نسمعه ولا
يحضر بيننا في عمل أو تجمعات، وهو المفهوم المادي للموت.
لكن للفلاسفة
والمفكرين آراء أخرى، وللشعراء والأدباء ورجال الدين آراء أيضا، يضيق المقام
بذكرها جميعا.
وتحضرني أبيات
الشاعر محمود حسن إسماعيل:
لا أنكر الموت
لكني أسائله
أتدري ما أنت
بالناس فاعله
تأتي بلا نذر
تسقي بلا قدح
وكل باب.. ومهما..
أنت داخله
ولاشك أن الموت
كان دائما حاضرا في حياتنا اليومية منذ الأزل، وسيبقى إلى الأبد، لكننا كنا ننساه
أو نتناساه إلى أن يمسنا بصورة مباشرة، فيختطف من بيننا أحد أحبائنا أو المقربين
منا!
المسألة إذن
ليست في الجائحة وحدها، فالملايين يموتون كل يوم حول العالم لأسباب مختلفة، لا
داعي لتفاصيلها في هذا المقام، إنما سهولة التواصل ونقل الأخبار في التو واللحظة
واتساع دائرة المعرفة غيّر من فاعليتها
وتأثيرها، وربما ساعد على تضخيمها.
فبتنا نطالع
أخبار الفقد والوفاة يوميا كل صباح ومساء في دوائر معارفنا المقربة والبعيدة، وأصبح
لذلك وطأة ثقيلة على النفس، مع أننا ندرك جميعا أن لكل أجل كتاب وأننا جميعا
مفارقون.. شئنا أم أبينا.
ولقد لاحظت في
الآونة الأخيرة من منشورات الأصدقاء حجم التأثير السلبي لهذه المنشورات على نفوسهم،
وحجم الأسى الذي يقطر من كل حرف، ورغم اختلاف نظرتي للأمر عمن حولي، إلا أنني أشعر
بالتعاطف الكبير مع كل من فقد عزيز أو صديق أو حبيب أو أحد والديه أو أي من أفراد
أسرته، وتأثرت كثيرا لبعض المنشورات التي ترثي الأحباب وتأسى لفقدهم.
ليس هناك ما هو
أعمق تأثيرا من الصدق، صدق المشاعر الإنسانية المتدفقة.. وصدق الكلمات النابعة من
القلب.. إن سهمها ينطلق من القلب الصادق ليصيب هدفه اللحظي في قلوب الآخرين.. يصيبهم
في مقتل.. يصيبهم في صميم أفئدتهم.. ليتذكروا إنسانياتهم المهدرة في الجري هنا
وهناك وراء لقمة العيش.. وراء عرض الدنيا الزائل
الفاني.. يجدها فجأة قد اختلفت من حوله.. فلا يجد القلب الذي تعود أن يرتمي بين
أحضانه ليحتويه، ذلك القلب الذي اتسع لكل الخلائق حبا ومودة ورحمة، ذلك السند الذي
يقيم أوده ضد غلواء الحياة وقسوة البشر.. آه من الفقد .. آه من ألم اليتم.. آه من
الوحشة بعد رحيل الأحبة.. ظهر مكسور.. وقلب مكلوم.. وعين دامعة.. ونفس جريحة..
وجرح لا يطيب مهما مر الزمن.. لحظات من المشاعر الإنسانية الخالصة الأصيلة التي لا
تجدي معها حروف أو كلمات.. مهما كانت البلاغة والقدرة علي الصياغة..ي رحل الأحبة
إلي جوار ربهم لكنهم يتركون لنا ما نهتدي به.. يتركوا فينا ما يعيننا على استكمال
مشوار الحياة.. متسلحين بطاقة الحب المطلقة التي زرعوها بين جنبات أنفسنا.. وقد آن
أوان زهرها وأوراقها ليستظل بها المحروم والمأزوم.. خير ذكري، استكمال المسيرة.
والله لم يمت من
ترك ذرية صالحة تحمل لواء الحب والمودة من بعده، والله لم يمت من ظلت سيرته الطيبة
وأعماله الخيِّرة تعطر المجالس من بعد رحيله، والله لم يمت من علّم غيره وترك لهم
نورا يهتدوا به في طريقهم، والله لم يمت من نذر حياته لمساعدة الآخرين والدفاع عن
الحق.
بارك الله في
أعماركم وحفظ أحبابكم.