هشام عزمي يكتب: جرة قلم في نقد الفلسفة المادية

  • أحمد حمدي
  • الخميس 02 سبتمبر 2021, 01:37 صباحا
  • 1147

 قال الدكتور هشام عزمي الباحث المتخصص في الرد على الملحدين إن فلسفة المادية عبارة عن مذهب حسي لا يؤمن بما هو خارج عن المحسوس، ويحصر مصادر المعرفة البشرية فيما تدركه الحواس الخمسة.

وأكد في مقال له نشره مركز الفتح لمحاربة الإلحاد أن المادة أو الطبيعة في هذا المذهب هي الحقيقة المطلقة، وكل شيء يصدر عن المادة أو الطاقة أو كليهما.

 وتابع: فالأشياء موجودة بذاتها وليست مفتقرة إلى من يخلقها ويوجدها. فعند أتباع هذا المذهب تأتي المادة في الدرجة الأولى، ثم يأتي العقل المفكر متأخرًا كناتج ثانوي للعمليات المادية والتطور العشوائي!

 وتعود جذور هذه الفلسفة إلى فلاسفة الإغريق أمثال ديمقراطيس Democritus، ثم تولى كبرها في عصر التنوير الأوروبي توماس هوبز وديفيد هيوم، وبعد القبول الواسع لنظرية داروين في التطور العشوائي في أواخر القرن التاسع عشر اكتسحت الفلسفة المادية أورقة العلم، خصوصًا مع صعود المادية الجدلية على أيدي ماركس وإنجلز.

 واستطرد: لكن الحقيقة أن الفلسفة المادية ليست حقيقة مطلقة، فلا يوجد دليل قاطع على أنه لا توجد مصادر للمعرفة إلا الحواس الخمسة! بل هي مجرد فرضية فلسفية وضعها الفلاسفة الماديون ثم ساروا عليها، وشجعتهم النجاحات المتكررة للعلم التجريبي على ترسيخها وزيادة قبولها، إنما ليس هناك برهان قاطع على صحتها أو تجربة علمية أثبتت صوابها. لكن استمر القوم على اتباعها، وقالوا إن كل ما في هذا العالم عبارة عن مادة فقط وأنه لا ثمّ إلا المادة، رغم أنها فرضية فلسفية محضة لا دليل عليها ولا على عكسها، وهم يتبعونها دون اختبار أو تحقق أو تأكد أو تثبت. والملحد يعتنق هذه الفلسفة ويزعم أنها علمية رغم أنها ليست مبرهنة علميًا ولا تجريببيًا، بل ربما تكون هناك أدلة علمية تجريبية على خلافها!

 وأكمل: لدينا في المجال الطبي والصيدلي ما يعرف باسم "البلاسيبو" Placebo، وهو عبارة عن دواء أو عقار زائف يعطى بدلاً من العقار الحقيقي في التجارب الدوائية. عندما نريد اختبار فعالية دواء معين نقوم بتقسيم المرضى إلى قسمين: قسم نعطيه الدواء الحقيقي؛ وقسم نعطيه مادة غير دوائية تشبه الدواء الحقيقي ظاهريًا لكنها ليست هو، ولا نخبر المرضى من يتناول الدواء الحقيقي ومن يتناول البلاسيبو، ثم ننتظر النتيجة.

في نهاية التجربة نجد أنه قد شفى من القسم الأول الذي تعاطى الدواء الحقيقي 70% مثلاً من المرضى، والقسم الثاني الذي تعاطى البلاسيبو شفى منه 30% مثلاً، وبالتالي بين نسبة الشفاء فيمن تعاطوا الدواء الحقيقي وبين من تعاطوا الوهم حوالي 40% وهي نسبة معتبرة إحصائيًا، وبناءً على هذا يتم اعتبار الدواء ذا فعالية حقيقية ويمكن وصفه للمرضى.

هنا لدينا سؤال يطرح نفسه: لماذا شفى 30% من المرضى الذي تعاطوا البلاسيبو؟ ما السبب في الشفاء مع غياب الدواء الحقيقي الفعال؟

والجواب أن سبب الشفاء هو الوهم والإيحاء! إذن هذا اعتراف من الدوائر الطبية والدوائية أن هناك عوامل معنوية غير مادية تؤثر في الإنسان، في هذه التجارب لا يتناول المريض الدواء ولا يُعمل الدواء مفعوله في الجسم حتى يحدث الشفاء، إنما هو الوهم والإيحاء.

وهذا يعني أن التأثيرات المعنوية غير المادية حقيقية ومعترف بها علميًا وتجريبيًا، وهذا يمثل نقضًا قاسيًا للفلسفة المادية التي لا تعترف إلا بالمادة. 

تعليقات