أفلا تبصرون.. هل رأيت نمل الباندا من قبل؟!
- الأحد 24 نوفمبر 2024
المفكر الإسلامي سعيد محفوظ
أكد المفكر الإسلامي سعيد محفوظ مدرس الدعوة بالمركز الإسلامي بميلانو إيطاليا أن تاريخ الإسلام والمسلمين حافل بالأحداث والحوادث والوقائع العظيمة، إلا أن حدث الهجرة النبوية يعد الحدث التاريخي المزلزل في تاريخ البشرية.
وإضاف محفوظ لـ"جداريات"، أنه بنجاح النبي والمسلمين في الوصول إلي المدينة المنورة، وضعت الدعائم الأولي لدولة الإسلام العظمي، والتي قامت علي أسس متينة ألبست الدنيا ثياب الإنسانية والكرامة والحب والخير والسلام، بعدما انكشفت سوءة البشرية لسوء الأخلاق وبشاعة القلوب وموت الضمائر، فكانت رسالة نبي الرحمة لتعيد صياغة الدنيا من جديد وتلبسها ثوب الحسن والعفة والعافية الاجتماعية والروحية.
وتابع، في الهجرة دروس وعبر لا تنتهى، أبرزها حسن التوكل على الله تعالى، وهو يعني صدق اعتماد
القلب على الله في دفع المضار وجلب المنافع، وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطي إلا الله
ولا يمنع إلا الله ولا يضر ولا ينفع سواه, قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ
اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا, وقال -صلى الله عليه وسلم- : «لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا»، فضلا عن الصبر واليقين طريق النصر والتمكين، فأصحاب الرسالات في هذه الحياة لا بد وأن تواجههم
المصاعب والمتاعب والمحن والابتلاءات, قال تعالى: "الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ
أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ
الْكَاذِبِينَ (3) سورة العنكبوت , وعَنْ سَعْد بن أبي وقاص رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ
: يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً ؟ قَالَ : الأَنْبِيَاءُ ,
ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ , فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ , فَإِنْ
كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلاؤُهُ , وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ
عَلَى حَسَبِ دِينِهِ , فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي
عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ . رواه الترمذي (2398)صححه الألباني في السلسلة
الصحيحة (143).
وأوضح "محفوظ "أن حسن
الصحبة من أهم دروس الهجرة، حيث تجلَّت في أبْهَى صُوَرِها مع أبي بكر الصدِّيق، الذي
ذهب كثيرٌ من المفسِّرين إلى أنَّه هو المقصود بالْمُصدِّق في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِي
جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ﴾ [الزمر: 33]، لَمَّا قال النبي - صلى الله عليه
وسلَّم -: ((إنِّي أُريتُ دار هجرتكم ذات نَخْلٍ بين لابتين)) وهُما الحرتان؛
"البخاري"، تَجهَّز أبو بكر، فقال له النبِيُّ - صلى الله عليه وسلَّم
-: ((على رِسْلِك؛ فإنِّي أرجو أن يُؤْذَن لي))، فقال أبو بكر: "وهل ترجو ذلك
بأبِي أنت؟" قال: ((نعم))، فحَبَسَ أبو بكر نفْسَه على رسول الله - صلى الله عليه
وسلَّم - لِيَصحبه، فانتظر أربعة أشهر يعلف راحلتَيْن كانتا عنده، حتَّى أذن الله بالهجرة،
فلما أخبَره النبِيُّ - صلى الله عليه وسلَّم - لَم يُصدِّق أنْ يكون صاحِبَ رسول الله
- صلى الله عليه وسلَّم - حتَّى قال: "الصحبةَ بأبي أنت يا رسول الله؟" قال
رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم -: ((نعم))، قالت عائشة - رضي الله عنها -:
"فو الله ما شعرت قطُّ قبل ذلك اليوم أنَّ أحدًا يبكي من الفرح، حتَّى رأيتُ أبا
بكر يبكي يومئذٍ"؛ البخاري ، وعندما خرجا معًا، كان أبو بكر يتقدَّم النبِيَّ
- صلى الله عليه وسلَّم - في ترَصُّد الأمكنة؛ حتَّى لا يصاب النبي الكريم بأي أذى
.
وأردف: علينا أن نطرح سؤالا أخيرا، هل لنا من هجرة؟، والإجابة، بالتأكيد نعم، لنا، بأن نهاجر إلي الله تعالى بأرواحنا وأن تسمو أخلاقنا، نهجر الكراهية والبغضاء والتعصب والعنصرية، نهجر الكذب والخداع والمكر والتزييف، نهجر الكذب والنميمة والغش والجشع، نهجر التكبر والعربدة والغطرسة والغرور .