أحمد بدر نصار يكتب: وزارة الثقافة والأبراج العاجية

  • جداريات Ahmed
  • الجمعة 30 أغسطس 2019, 1:04 مساءً
  • 1016
احمد بدر نصار - روائي وصحفي

احمد بدر نصار - روائي وصحفي

لو أنك ظللت تحكي عن إنجازاتك ألف عام، والشخص المنوط بأن يشعر بهذه الانجازات لم يشعر بشيء، فأنت بذلك لم تحقق الإنجاز المطلوب منك، ووزارة الثقافة من البديهي أن تكون هي المسئولة الأول على نشر الثقافة بين أفراد المجتمع، والعمل على زيادة الوعي والإدراك، فالثقافة هي أحد أهم روافد نجاح الأمم، والدول، والحضارات، والمجتمع الذي لا يعي أهمية الثقافة فهو في غياهب الزمن، ورغم اعترافي الضمني بالدور المهم التي تقوم به وزارة الثقافة والأنشطة التي تقوم بها إلا أن هذه الإنجازات والأنشطة لم تصل إلى الهدف المنشود ، وأبسط هذه الانجازات التي كانت يجب أن تصل للشعب هي القراءة، فلم نسمع عن مبادرة من قبل وزارة الثقافة لتشجيع الناس على القراءة، كالذي قام بها الشاب المصري هيثم السيد "عربية الحودايت"، والتي أدهشت المصريين والعرب بأن شابًا مصريًا رغم الظروف الاقتصادية قام بسيارته الخاصة يجوب شوارع القرى والنجوع في محافظة الشرقية، بل وصل به الأمر إلى أن راح يجوب محافظات أخرى من أجل توزيع الكتب على الأطفال، واستطاع هذا البطل أن يوزع في بداية مشروعه أكثر من 50 ألف كتاب ومجلة للأطفال من خلال اعتماده على تبرعات دور النشر بالكتب له، وهذا انجاز يجب أن نقف أمامه كثيرًا، فهذا الشاب الذي استطاع أن يدشن أكثر من 90 ورشة في 3سنوات حول الحكي وبعضها عن الرسم، هو شاب يدرك حجم أهمية وقيمة القراءة في النهوض بالشعوب والأمم، ويعي أن القراءة هي النواة لأي تقدم أو ازدهار حقيقي.

لم يكن غريبا أن يتم تكريم هيثم السيد من قبل رئيس الجمهورية في مؤتمر الشباب، لمشروعه الذي كان ينبغي أن يكون صاحب المبادرة الأولى فيه هى وزارة الثقافة التي لم تساعد الشاب المساعدة التي تليق بحجم فكرته ومشروعه العظيم، وأعتقد ان تكريمه من قبل رئيس الجمهورية إحراج لوزارة الثقافة، لأن ما قام به كان ينبغي أن يكون لوزارة الثقافة أن سباقة إليه.

القضية ليست في كثرة طباعة الكتب من قبل الهيئات التابعة لوزارة الثقافة، لأن غالبًا من يشتري الكتب هي الفئة المثقفة والباحثين، ولكن يجب على وزارة الثقافة أن تهدم الأبراج العاجية، وأن وتنزل إلى الشارع والقرى، وأن تدشن مكتبات في كل قرية، وأن تعمل على مكتبات متنقلة لتشجيع الطلاب والأطفال على القراءة.


كيف لا تفكر وزارة الثقافة -مثلاً- طوال فصل الصيف والأجازة المدرسية أن تصنع تجربة مثل تجربة هيثم السيد، وأن تجوب الشوارع، لتنقذ أطفالنا من براثن أغاني المهرجانات والفيديوهات الهابطة، التي لا تزيدنا إلا خسارة في الفكر والعقل المصري؟!

إن وزارة الثقافة معنية بأكبر دور، للنهوض بالدولة وخلق أجيال قادرة على تحمل المسئولية، وأن تعي أهمية الثقافة وأهمية القراءة لكي ننهض ونمتلك الوعي الكافي للخروج من أزماتنا المزمنة .


تعليقات