رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

معتز محسن يكتب: القرآن الكريم في أدب نجيب محفوظ

  • جداريات Jedariiat
  • الخميس 29 أغسطس 2019, 4:29 مساءً
  • 1021
معتز محسن - كاتب صحفي

معتز محسن - كاتب صحفي

إن أردنا أن نبحث عن الجوانب الروحية في أدب محفوظ، فلابد من التساؤل الحتمي عن نصيب ما ورد من الذكر الحكيم كصدى دائم في نفوس شخصيات روايات أديب نوبل. 

جاءت آيات الذكر الحكيم ملازمة مع الأب الكبير أحمد عاكف الذي فُصل من وظيفته بالأوقاف، مُحالاً للمعاش مبكرًا ليجد في كتاب الله العزاء و السلوان على ما أصابه في رواية (خان الخليلي) سنة 1946 التي قال عنها العقاد بأنها أعلنت عن نضج محفوظ الروائي و هو في يوم من الأيام قد نجده فائزًا بنوبل للآداب.

يستلهم أحمد عاكف الصغير البطل الرئيسي للرواية بآي الذكر الحكيم و هو يتأمل مشهد أطفال الأزهر، وهم يسيرون بالخان، مرددين كلام الله عز وجل، الذي ينذر بالوعيد لمن عصاه، موائمًا معانيها مع ما دار من نقاشات حادة مع الماركسي الملحد أحمد راشد الذي أظهر محدودية ثقافة مثقف الوزارة كما كان يطلق عليه  في الأوقاف.

تهل علينا ثلاثية القاهرة الشهيرة بنصيب وافر من المشاهد الروحانية في حي الحسين مع قراءة القرآن في منزل السيد أحمد عبد الجواد لعلها تكون قطرات ندية تنقي شوائب صحيفته المتخمة بالتجاوزات واللهو والعبث.

وفي رواية (الشحاذ) التي كتبت في العام 1965 نكتشف لجوء عمر الحمزاوي عقب رحلة شاقة من التأمل و التفكير  في فيلا بالمنصورية إلى عالم التصوف طالبًا السكينة والهدوء مرددًا آيات أول سورة نزلت على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حاملة لرمز التأمل عن كثب في حياة البشر حتى و لو كثرت الغشاوات على عيونهم في زحام الدنيا بمشاكلها الجمة.

يهل علينا محفوظ مجددًا ببطل روايته (ميرامار) سنة 1967 من خلال عامر وجدي الذي هجر حياة اللهو و المجون والإلحاد مستكفيًا في سنه الكبير بكتاب الله رفيقًا و صديقًا يساعده على محو الآثام الماضية رغم أزهريته التي تركها من أجل شعارات مصر الحديثة التي خرجت من مخاض ثورة 1919.

يبدأ عامر وجدي أحداث الرواية بسورة الرحمن كمفتتح يهيىء لنا أجواء الأحداث عبر تروسها المختلفة ما بين إنتهازي مستهتر، ومضطرب نفسيًا، يلتفون حول مركز الرواية الممثلة في شخصية زهرة لتنتهي الأحداث بنهايات مختلفة مع اختلاف شخوصها لينهي الكهل  أحداث الرواية بسورة الرحمن، وهو يشاهد التقاء زهرة ببائع الجرائد عبر الرباط المقدس مؤكدًا على المغزى الذي بدأ به بأن الحياة بلا دين ولا عقيدة تؤدي بالإنسان إلى مصائر من لازمهم في بنسيون أرض الإسكندرية.

تتواصل الحكم القرآنية في رواية (يوم قُتل الزعيم) سنة 1985 والتي تحدثت عن إرهاصات أحداث المنصة في العام 1981 من خلال إستعراض حياة محتشمي زايد وأسرته بأجيالهم المختلفة، ليكون الرد المنطقي على ما قبل و أثناء و بعد الحادث كلمات الله المقدسة كخير شاهد و دليل على ما آلت إليه الأمور.


تعليقات