باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
صورة أرشيفية
ذات يوم وأنا جالس في أحد عربات المترو، دخلت سيدة جوز في عمر جدتي جلست علي الأرض وألجأت ظهرها إلى الباب، فعجبت لماذا تفعل هذا وهناك أماكن كثيرة فارغة؟! لماذا لا تجلس في إحداها؟! أثارني الفضول لأعرف سبب فعلها، وظللت أنظر إليها وأنا في حيرة من أمري.
وفي كل مرة هممت أن أسألها تجلس مكاني أتردد، ولكن بعد فترة قمت من مكاني وهززتها قائلا: تعالي يا أمي اجلسي مكاني.
نظرت إليَّ بوجهها العجوز الذي امتلأ بالهم والتجاعيد طبقة فوق طبقة، وأجابتني إجابة لم أعهدها على أحد في زحام المواصلات، قالت لي: يا ولدي دعني ألجئ ظهري إلى الباب أنا لا أحتمل الجلوس على شيء عالي؛ لأنه يصيبني بدوار.
وقعت الكلمة على أذني كوقع الصاعقة وكأن الفقر أحنى ظهرها ولا تقدر أن تتحمل غيره.
الأمر الذي أزعجني بشدة أنه لم ينتبه أحد للأمر لم ينظروا إلى هذه المرأة العجوز المسكينة واستمر الركاب بالدخول والخروج ولم ينتبهوا أن هناك من يجلس ويعيش تحتهم، لم يهتم أحد أنها في مثل هذا السن وتجلس على الأرض، وكان من السهل جدا عليهم أن يطؤها بأقدامهم دون أن يشعروا. ظللت طويلا أأمل أن يصعد أحد العربة ويطلق صوته العالي ويزمجر مستنكرا هذا الفعل، كنت أأمل ذلك فقط كي يطمأن قلبي أن مازال هناك خير فينا ولكن للأسف لم يحدث ذلك.
نعلم جميعا أن الفقر ما هو إلا ابتلاء من عند الله، ولا يجب علينا إلا الصبر.
فإذا رأى كل منا فقيرا كان من السهل عليه جدا أن يقول "يجب عليه أن يتحمل ويحتسب ذلك فإن جزائه عند ربه" ولكن الفارق شتان بين الحديث عن الفعل والفعل نفسه، هناك فارق كبير بين الحديث عن البلاء والصبر عليه.
فنحن جميعا نرى الأمر هيننا ودائما نصبر أنفسنا أن الله سبحانه وتعالى يختبر كل منا وكأن الفقر والمرض فقط همُ الابتلاء، فالصحة والمال أيضا ابتلاء.
يجب عليك أن تؤدي شكر هذه النعم بأن تشعر بغيرك وتعطف عليه ولو بكلمة طيبة تهون عليه شقائه، لا أن تغرقه بخطب عن الصبر والتحمل، لا تتحدث عن الصبر وانت لست أهلا له. يا ترى إذا وجدت نفسك مكانه هل تستطع أن ترتدي ملابسه القديمة المرقعة؟ هل تستطع أن تأكل من القمامة؟ هل تقدر أن تلتقط طعاما من الأرض تمسحه وتأكله؟ اطرح على نفسك كل هذه الأسئلة وحاول أن تكون صادقا مع نفسك؟