رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

الدكتور حسن عياش لـ"جداريات": الحضارة الإسلامية في الأندلس كانت عصرًا ذهبيًا لليهود

  • جداريات Ahmed
  • السبت 24 أغسطس 2019, 12:11 مساءً
  • 1955
الدكتور حسن عياش

الدكتور حسن عياش


أقام
 المسلمون دولة في الأندلس، على أسس التسامح والحرية، وكان يعيش فيها أتباع الديانات الأخرى، ويتمتعون بحرية كاملة، وعمل اليهود في مؤسسات الدولة على نطاق واسع، فكان اليهودي حسداي بن شبروط طبيباً في بلاط الخليفة عبد الرحمن الثالث، ثم رئيساً لمؤسسة مالية مهمة، ورئيساً لكل يهود الأندلس، ولمنزلته أسهم في النهضة العلمية اليهودية، أطلق عليها الكتاب "العصر الذهبي للثقافة اليهودية"، وكان لليهودي إبراهيم بن يعقوب الطرطوشي -أثناء حكم المستنصر بالله- دور مهم في النهضة الفكرية اليهودية، وفي أواخر عصر الخلافة في الأندلس، عيّن المنصور بن أبي عامر صانع الحرير اليهودي يعقوب بن جاو رئيساً للطوائف اليهودية، ومنحه سلطات واسعة، هذا ما أكده معنا المفكر الفلسطيني   الدكتور حسن عياش الاستاذ بجامعة فلسطين الأهلية في تصريحات خاصة لـ "جداريات".


وأضاف "عياش"، في عهد باديس أحد حكام ملوك الطوائف، لم يفرق الناس بين باديس وبين أحد اليهود العاملين عنده، ومن جملة ما تناولته قصيدة لشاعر من غرناطة وصفت فيها الحظوة لليهودي يوسف بن اسماعيل عند باديس، وعنهما جاء في كتاب الذخيرة إنه لا فرق بين الرئيس والمرؤوس، وفي عهد بني عباد عاش اليهود في ظلال الحرية والازدهار الاقتصادي والثقافي.

وعلى ضوء ما سبق ذكره من سياسة التسامح والعلاقة الجيدة بين اليهود والمسلمين تأثر الفكر اليهودي بالحضارة الإسلامية في مجالات عدة، فقد ألف شاب يهودي كتاباً في تربيب العسل، أهداه للمنصور بن أبي عامر، وكان لمثقف يهودي آخر، وهو إسماعيل بن يوسف بن نغدله أثر كبير في حياة يهود الأندلس حيث تلقى تعليمه التلمودي في قرطبة، ودرس النحو العبري والعربي، وكان متأثراً بالقرآن الكريم والأدب العربي، وببعض المصادر الفقهية الإسلامية.

وأوضح "عياش" أن الحبر اليهودي إسحاق بن باروخ البالية عمل منجماً في قصر المعتضد، وولاه المعتمد حكم إشبيلية، ثم عينه رئيساً للطائفة اليهودية، وكان يَفِدُ الطلاب والمثقفون اليهود إلى إشبيلية لطلب العلم، ووظف ابن باروخ العديد من اليهود الذين تأثروا بالفكر العربي في جمع الكتب والمؤلفات، هذا بخلاف حكم يوسف بن تاشفين ثاني ملوك دولة المرابطين عاش اليهود بأمن وتسامح، وجاء في الموسوعة اليهودية عن يهود إشبيلية أنهم عاشوا في سلامٍ تحت حكم المرابطين، ومن الأهمية بمكان أن نذكر أن الفلسفة اليهودية تأثرت بوضوح بالفلسفة الإسلامية، ففي "كتاب الحجة والدليل في نصرة الدين الذليل"  قلد الحاخام يهودا هاليفي أو اللاوي أفكار الفيلسوف الغزالي، في نقده للفلاسفة، ويذكر أنَّ اللغة العبرية كانت بين يهود الأندلس مهملة، إلى أن أختلط اليهود بالمسلمين، وتعلموا اللغة العربية وقواعدها وآدابها، وقرروا خدمة لغتهم، بوضع قواعد لها على طريقة المسلمين، فاستخدموا الحروف العربية في كتابة نصوص العهد القديم، وألف النحوي اليهودي الحاخام ابن بارون كتابه المعروف" الموازنة بين اللغتين العبرانية والعربية"، استعرض فيه أوجه التشابه بين الكلمات العربية والعبرية، ودرس فيه النحو في اللغة العبرية وقارنه بالنحو العربي.

وتابع : و إذا ما تأمّلنا الشعر وجدنا مدى تأثرهم بالشعراء المسلمين؛ فنظموا شعرهم على منوال الشعر العربي من حيث الشكل والمضمون، واستعملوا بحور الخليل بن أحمد الفراهيدي في شعرهم، وفيما يخصّ الفلك والطب؛ فإن الفلكيين اليهود اعتمدوا على جداول المسلمين ودراساتهم, كما تعلم أطباؤهم على أيدي الأطباء المسلمين، وأورد ابن أبي أصيبعة في "عيون الأنباء". تراجم لأشهر الأطباء اليهود الأندلسيين.

وختم "عياش" كلامه معنا قائلا : تأثر الفكر الديني اليهودي بالفكر الديني الإسلامي، من بينها العبادات، والمتتبع للمؤلفات اليهودية في الأندلس، يرى مدى تأثير الفكر الإسلامي، حيث تضمنت مؤلفاتهم استشهاداً بالآيات القرآنية والسيرة النبوية، وهكذا نجد أنّ التأثير الإسلامي في الفكر اليهودي جلياً؛ ممّا جعل فكرهم يزدهر في ظلّ الحرية والتسامح شمل مختلف أنواع العلوم .

 

تعليقات