باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
كتاب الفكر الإسلامي المعاصر
حصل كتاب "الفكر الإسلامي المعاصر: استراتيجيات التجديد والخطاب والمستجدات" للدكتور مصطفى عطية - أستاذ مساعد النقد الأدبي والإسلاميات والحضارة بكلية دار العلوم، على المركز الأول في الجائزة الدولية والتي كانت بعنوان: التراث الإسلامي وسؤالات التجديد، التي أقامتها مؤسسة الأصالة للدراسات والأبحاث، بالجزائر. وقد تكفلت المؤسسة بطباعة الكتاب ونشره.
ويتناول الكتاب قضية الساعة القديمة الجديدة ألا وهي: تجديد الفكر الإسلامي، وما يتصل به من قضايا الواقع المعاصر ، في ضوء الأفكار المطالبة بتجديد الخطاب الإسلامي ، ومعالجته لمستجدات فكرية واجتماعية وثقافية وسلوكية تظهر كل يوم ، وهو دون شك حديث الساعة في الأمة كلها ، وكل من له شأن يدلي بدلوه فيه من منظوره ورؤيته وفي ضوء ثقافته ، ووفق علاقته وتماسه مع هؤلاء الأفراد .
والملاحظ أن هذه القضية ليست بالجديدة على حياتنا الفكرية ، فلا يكاد يمر عصر إلا ونجد ألوانا من التطرف وأيضا أوجها من التفريط ؛ منها تطرف سلوكي ، تطرف عقدي ، تطرف في الرؤى ، تطرف في المذهب ، تطرف في الموقف من الحاكم .. إلخ ، يقابله إفراط وتساهل وهجوم ، والذي قد يصل إلى حد الانحلال والتفلت من بعض الأفراد أو الفئات أو المجموعات ، وكذلك هناك صيحات تغريبية، واجتهادات فلسفية ، تريد أن تلوي عنق النصوص الدينية وفقا لتوجهاتها ، وتجعل الدين خاضعا لتطور المجتمعات ، لا أن تهتدي به المجتمعات وترتقي بها ، وقد تتطرف في بعض الأحيان فتنادي بفصل الدين عن الحياة برمتها، ليكون كهنوتا منزويا في المساجد والمكتبات ، ويصبح الإسلام خيارات شخصية، يمكن للمسلم أن يأخذ ببعضها أو يتركها . ويشتد الأمر ، عندما تجد تلك الأصوات منابر تعتليها لتنادي بما تريد من ترّهات ، غير ناظرة ولا قارئة ولا واعية لجهود العلماء وأهل الشريعة في الرد على كل هذه الصيحات والشعارات التي ترفع راية التجديد ، وهي في الحقيقة تريد التبديد.
يقول الدكتور مصطفى عطية، لو نظرنا إلى هذه المشكلة في فضائها الإنساني ، فإننا نجد أن التطرف ملازم للمجتمعات الإنسانية ، أي ينمو على جوانبها ، وهامشها ، وخارج أسوارها، وأحيانا داخل المجتمع نفسه ، وقد يعلن عن نفسه أو يخفي ، وقد يكون سلوكه عنيفا أو سلميا ، ولكن في جميع الأحوال هو موجود ، ويكاد يكون أمرا طبيعيا. خصوصا أن الدراسات النفسية تشير إلى وجود شخصيات متطرفة بطبيعتها، أي تميل إلى الغلو الفكري ، والعدوانية في التعبير والسلوك، وبات من المسلَّم به أنه لا يختص بالإسلام ولا المسلمين وحدهم - وإن روّجه الإعلام الغربي ، وبعض وسائل الإعلام العربية ، فكثير من الديانات السماوية وأيضا الأرضية يوجد بها هؤلاء المتطرفون. ولكن القضية ليست في وجودهم ، وإنما في كيفية تعبيرهم عن أفكارهم : بالعنف أم بالوسائل السلمية ، وحجم انتشار الفكر وزيادة أتباعه ، والأهم تأثيره على المجتمع الأساسي ، وآثار هذا التأثير ، الذي يجرنا إلى كيفية التعامل معهم .
إذن ، لو تمت دراسة المشكلة في ضوء بحوث علوم : النفس والاجتماع والثقافة والسياسة والأنثروبولوجيا ، ويسبقها بالطبع الدراسات الشرعية الإسلامية ، فلاشك أنها ستكون مناقشة ثرية ، تعطي أفكارا جديدة ، صالحة للتطبيق .
في ضوء ما تقدم ، فإن هذه الدراسة تطمح إلى الوقوف في نقطة التقاء ، تبني على جهود السابقين وما أكثرها ، وترنو إلى المستقبل ، منطلقة من الحاضر الذي تناقشه في ضوء مستجداته التي هي قديمة في أفكارها ، وقد تكون بها بعض الجِدّة في سلوكياتها ، وفي جميع الأحوال ، فهي جهد في حلقة جهود لن تتوقف عن الإضافة العلمية والفكرية والتطبيقية .
كما يقول عطية أيضا عن كتابه، إن هذا الكتاب سيقف عند محاور عديدة تتقاطع وتتلاقى ، ويتفرع عنها مسائل وإشكاليات ، أولها قضية التجديد وطروحاته وإشكالاته، ولن يتوقف الباحث كثيرا عن تاريخ المجددين في الإسلام قديما أو حديثا ، بقدر ما سيناقش ضرورة التجديد وحاجة المسلمين فكرا ورؤية إليه في العصر الحاضر، كما سيتناول الشق الآخر الذي يعكس الرؤية التجديدية ، وهو الخطاب الإسلامي، وما يرتبط به من لوازم تهم الداعية، والمفكر، والباحث ، و حيث نظرنا فيمن يوجه الرسالة ، قبل مناقشة جوهر الرسالة .
كما تمت مناقشة موقف الإسلام بكل من الحداثة وما بعد الحداثة ، فبوصفهما لب الفكر الغربي والتغريبي في آن ، سنبحث فلسفتيهما، وعلاقة الإسلام بهما ، مستهدفين تبيان الجذور والمفاهيم الأساسية في كثير من الأفكار التغريببة التي تملأ حياتنا الثقافية والفكرية ، والكثيرون يتخذونها سبلا لتجديد الإسلام، أي يقرأون الإسلام وفق المذهبية الفكرية الغربية ، وليس العكس . وشتان بين النقاش على أساس مفاهيمي وفلسفي للحداثة وما بعدها ، وما بين إثارة نقاشات لا نعرف حدودا لها ولا شطآن . فالبعض ينخدع بالمصطلحات البراقة التي يطلقها الحداثيون ومن شابههم ، دون أن ندرك خلفياتها الفلسفية، وارتباطها بالمنظومة الفكرية الغربية ، التي تتعارض أو لا تتفق أو لا تلتقي بالأساس مع المنظومة الإسلامية ، كما أن مدعي التجديد التغريبيين ينظرون من علياء إلى الإسلام وحضارته وثقافته ، ويرون أن الغرب نموذج علينا اتباعه ، وهذا صفوة رأيهم، وإن أنكر بعضهم هذا جهرا ، ولكنه يؤمن به سرا .
أيضا ، يناقش الكتاب موقف الإسلام من دعوتين : دعوة العالمية ، والعولمة، فهما قضيتا الساعة ، فلا تجديد دون أن ندرك موقفنا من العالم الإنساني حولنا ، هل سنخضع له مثلما يقول مروجو العولمة ؟ أم سنتجه بدعوتنا وثقافتنا إلى البشرية جمعاء نكشف لها عما لدينا من جواهر الأخلاق والفكر والحضارة ؟
إن الباحث في هذا الكتاب انطلق من الواقع رؤيةً ، وطوف بالفكر الإسلامي بحثًا ، وكانت عينه على الواقع رصدا ، ثم عاد إلى الواقع عملاً ، آملا أن يكون ثمرة نقاشه ما يفيد كل مسلم ، غيور على دينه ، أراد فعلا إيجابيا يواجه به أزمات تعصف بالإسلام بمفاهيم مغلوطة ، وبالمسلمين بممارسات مرذولة .