باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
جدلية الأخلاق بين الإيمان والإلحاد
قال هشام بن علال دحماني، الكاتب والمفكر الإسلامي، إن الملاحدة حين يُعرِّفون بأنفسهم يقرون بأنهم يؤمنون بعدم وجود إله، بدعوى أنهم لا يؤمنون إلا بما هو مادي محسوس، وأن عدمُ إيمانهم بوجود إله ينفي بالتَّبَعية كل إيمان بما سواه مما يندرج في العالم الماورائي الغيبي الميتافيزيقي، من ملائكة، وجن، ورسالات سماوية، وأنبياء ومعجزات، وهذا يعني أنهم يعترفون في المقابل بالمادة التي يختصرونها في كلمة «الطبيعة».
وتحدث دحماني في عدة مقالات وكتب له، عن جدلية الأخلاق بين الإيمان والإلحاد، والتي أكد فيها على تناقض الملاحدة أنفسهم في العديد من الادعاءات حول ماهية الطبيعة، وحول حياديتها.
وأوضح، أنه بإقرار الملاحدة أنفسهم، فالطبيعة أو المادة، محايدة تماماً؛ أي إنها لا تخضع لا لحتمية الشر ولا لحتمية الخير، فضلاً أن تكون خاضعة للأخلاق. فيقول الملحد البريطاني ريتشارد دوكنز في كتابه «النهر الخارج من جنة عدن»: «إن الطبيعة ليست شريرة، لكنها للأسف غير مبالية، وهذا من أصعب الدروس التي ينبغي أن يستوعبها الإنسان، فمن الصعب علينا الإقرار بأن كل الأمور ليست خيرة أو شريرة، ليست رحيمة أو شرسة، إنها لا مبالية بكل آلام الإنسان، إذ ليس لدى الطبيعة أي هدف».
وتساءل دحماني، إذا كانت الطبيعة أو المادة خالية من ثنائية الخير والشر، ولا تخضع لهما، فكيف يمكننا أن نقبل بطرح الملاحدة الذين يناقضون أنفسهم بأنفسهم في هذه النقطة؟ حين يرجعون عن رأيهم هذا ليقولوا بأن مصدر الأخلاق هو البيئة التي يقصدون بها الطبيعة. وإذا كان فاقد الشيء لا يعطيه، وإذا كان الإنسان ابن الطبيعة، ومادياً محضاً، كما يدعي الملاحدة، فلماذا لم يكن محايداً هو الآخر عن الخير والشر والأخلاق؟ لماذا يفترض الملاحدة أنهم أخلاقيون؟! ألا يهدم هذا الطرح إلحادهم؟! فالطبيعة المادية باعترافهم لا تعرف الأخلاق، ومحايدة، فكيف يمكنهم استمدادها منها؟.
واستكمل دحماني
تساؤلاته حول فكر الملاحدة وأطروحاتهم بأن يقولون تارة أن الطبيعة هي مركز الكون،
ثم يبدلون قولهم ليكون تارة أخرى في أن الانسان هو مركز الكون، حيث قال: يمكننا أن
ننقض بسهولة أطروحة الهيومانيين (الإنسانيون) العلمانيين الذين يجعلون الإنسان هو
المركز، وبالتالي هو المشرع والمصدر الأوحد الذي تستمد منه الأخلاق، وبما أنهم
بالأساس ملاحدة، فهذا يوقعهم في تناقض كبير؛ إذ كيف لهم أن يجعلوا الطبيعة هي
المركز، ثم يجعلون الإنسان مركزاً أيضاً. وإذا كانوا يعترفون بالمادة، ويعترفون
فقط بالجانب المادي في الإنسان، فكيف لهم أن ينادوا بالمساواة، وهم يعلمون أن
الإنسان، علمياً، ليس متساوياً في أي شيء، وهذه المساواة لا توجد إلا في الأديان،
فاحتكامهم إلى قوانين المادة سيجعلهم يعترفون بأن الناس مختلفون في طولهم وعرضهم
وأجسادهم وعقولهم وقدراتهم وأموالهم وقوتهم… هذا هو الطرح المادي، فمن أين لهم
بهذه المساواة إلا من الدين؟ فالدين وحده هو الذي يرسي المساواة ويتخذها شعاراً
للتعايش والأخوة.