باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
Faith of the Fatherless: The Psychology of Atheism
رغم أن الإلحاد هو منتج الغرب الذي صدره لنا كمسلمين وعرب على ألسنة بعض
العلماء والفلاسفة الذين اغتروا بمعارفهم الضئيلة عن الكون فرفضوا وجود الله
الخالق لهذا الكون الذي لا يعلمون عنه إلا القليل، إلا أن هناك بعض المحاولات في
مكافحة ودحض الإلحاد تنشأ أيضا لدى الغرب نفسه.
ومن تلك المحاولات، كانت الدراسات التي قام بها البروفيسور بول سي فيتز،
حيث قدم في كتابه الشهير "إيمان بلا أب - نفسية الإلحاد - Faith of
the Fatherless: The Psychology of Atheism"، نتائج
دراساته ونظرياته عن الملحدين.
وأشار المؤلف في
كتابه، إلى أن الإلحاد الحديث نشأ نتيجة عوامل نفسية وغير عقلانية لبعض المفكرين
البارزين.
واستخلص فيتز بعض النتائج التي جاءت من إخضاع رسل الإلحاد لنفس التحليل
النفسي الذي حاولوا به تشويه المعتقد الديني، حيث كشف فيتز عن الاستعداد النفسي
للإلحاد في معنى غياب الأب الصالح.
وقال إن غياب القدوة الدينية التي تحتضن الابن "الإنسان" تؤدي في
كثير من الأحيان إلى رفض الله الذي خلقه وسواه.
وحاول فيتز في كتابه أن يجيب عن التساؤل: هل الإلحاد اضطراب عقلي؟ وكي يجيب
عن هذا فقد قام بالعديد من المناظرات والحورات مع الملحدين والمؤمنين ليرى ما إذا كان
هناك مشكلة عقلية بالفعل تسبب الإلحاد.
ومن مشاهداته أنه وجد، أن الملحدين أحيانًا يتحدون المؤمنين بزعم أن الدين
ليس سوى اختراع لمن لديهم احتياجات نفسية، بمعنى أن الله مجرد "نتاج رغبة
الإنسان في الأمان".
وعليه فقد قدم عالم النفس البروفيسور فيتز وجهة نظر معارضة - أنه بسبب
المشكلات النفسية، يرفض الملحدون وجود الله، أي أن الملحدين يميلون
إلى عدم الإيمان بالله لأسباب نفسية وليس لأسباب عقلانية.
كما يشرح فيتز، "يرتبط تمثيل
الطفل النفسي لأبيه ارتباطًا وثيقًا بفهمه لله ..." و "خيبة أمل الملحد
واستياءه من والده يبرر دون وعي رفضه لله" (ص 18).
ووفقًا لفيتز، فإن المواقف التي قد تتسبب في أن يكون لدى الطفل نظرة سلبية
عن والده - مواقف مثل الوفاة المبكرة للأب، أو عدم وجود شخصية الأب في حياة الطفل،
أو الأب المسيء، أو حتى البعيد، والضعيف ، أو الأب الجبان - يهيئ الشخص لرفض الله.
ويعتبر هذه الكتاب بفرضيته عن حقيقة صورة الأب بالنسبة لابنه، إنه تذكير
قوي للآباء الذين يربون أطفالهم بمدى أهمية التعبير عن حبهم لأطفالهم من أجل الصحة
النفسية والروحية للطفل.
وفي الفصل الأول من الكتاب، "الإلحاد الشديد"، يشرح فيتز القضايا
النفسية التي يعتقد أنها تكمن وراء الإلحاد الشديد، ويناقش نظرية الإسقاط، وعقدة
أوديب، وعدم أمان التعلق كعناصر تساهم في فرضية والده المعيبة، ولا يدعي فيتز أن
فرضيته تنطبق في كل موقف، لكنه يعتقد أن الأمثلة والأدلة وفيرة لدرجة أنها تبدو
صحيحة في 50% على الأقل من الحالات.
ويدافع فيتز عن فرضيته من خلال التحقيقات في السيرة الذاتية لكل من
الملحدين والمؤمنين.
وفي الفصل الثاني، يبدأ بالملحدين الذين مات آباؤهم وهم أطفال: فريدريك
نيتشه، وديفيد هيوم، وبرتراند راسل، وجان بول سارتر، وألبير كامو، وآرثر شوبنهاور،
ثم ينتقل إلى الملحدين من الآباء الضعفاء والمسيئين: توماس هوبز وفولتير وسيغموند
فرويد من بين آخرين.
كما أنه يتعامل بشكل منفصل مع
الملحدين المعاصرين مثل ريتشارد دوكينز ودانييل دينيت وكريستوفر هيتشنز.
في الفصل الثالث، يدعم حجته بأدلة تثبت أن عددًا أكبر بكثير من المؤمنين نشأوا
مع آباء فعالين وليس معيبين، أو على الأقل شخصية أب فعالة في حياتهم، ويشير إلى أن
العلاقات المحبة بين الأب والابن تزيد من احتمالية اعتناق الابن لعلاقة حب مع الله.
ويضيف: "مزيد من الأدلة والمؤهلات" في الفصل الرابع ، بما في ذلك
مناقشة تتعلق بالمرأة لأنه تعامل حصريًا مع الرجال حتى تلك اللحظة".
أما الفصل الخامس فيتوسع في عوامل إضافية تؤثر على أولئك الذين يختارون
الإلحاد، وعوامل مثل التأثيرات الاجتماعية، والاستقلالية الشخصية، والراحة الشخصية.
بينما يقدم الفصل السادس نظرة مثيرة للاهتمام على التوحد، مع الأخذ في
الاعتبار حقيقة أن المصابين بالتوحد بشكل عام يواجهون صعوبة أكبر في العلاقات
الشخصية، يمكن أن يجعل التوحد في حد ذاته تكوين العلاقات مع الناس أمرًا صعبًا ،
ويبدو أن له تأثيرًا مشابهًا على تكوين علاقة مع الله.
ورغم أن الفصل الأول يبدو أكثر صعوبة في القراءة بسبب مناقشة علم النفس،
إلا أن بقية الكتاب يسهل قراءته بشكل عام نظرًا لأن الكثير منه يتم تقديمه من خلال
قصص السيرة الذاتية.
ويعتبر هذا الكتاب نموذجا جيدا عن الواقع الاجتماعي الذي يعيشه معظم
الملحدين كما يناقش قضاياهم النفسية والروحية بشكل متسلسل ومنطقي.