ثلاثة و عشرون مكسبا في انتصار معركة سيف القدس
انتصار المقاومة
حين اقتحم اليهود ساحة الأقصى على المصلين في القدس كانوا يهدفون لسحق الإرادة الفلسطينية سحقا تاما ونشر الرعب واليأس في قلوبهم إلى الأبد فانقلب السحر على الساحر وبدأت الملحمة التي انتهت بهذا الانتصار الرائع وتحقيق هذه المكاسب الكبيرة والتي نحاول إجمالها فيما يلي :
أولا : كانت المعركة معركة الثبات والصمود التي سطر فيها الفلسطنيون ملحمة بحق بثباتهم في المسجد الأقصى وثباتهم في حي "الشيخ جراح" واستطاعوا بهذا الثبات أن يردوا على تلك الدعاوى المغرضة التي روجها اليهود سنينا وهي أن الفلسطنيين باعوا أرضهم ليظهروا هم للعالم على أنهم تجار لا مغتصبين وليظهر الفلسطنيون على أنهم مفرطون في أرضهم لا أصحاب حق مغتصب وللأسف قد ساهمت الآلة الإعلامية في تسويق هذه الصورة حتى انطلت على بعض العرب لكنهم في هذه الوقفة الصامدة محوا زيف تلك الفرية المغرضة فقد حاول اليهود إغراء أهالي الشيخ جراح لبيع بيوتهم وإخراجهم منها وتدخلت وساطات لعرض الأموال والدور والقصور في أي دول العالم ولكن الأهالي رفضوا وقالوا: إن القبر في فلسطين أعظم من القصر في أي دولة أخرى فردت وقفتهم هذه الفرية التي أنفق اليهود لترويجها كثيرا .
ثانيا : حاول اليهود مع العرب الموجودين في المناطق التي يسيطرون عليها سيطرة تامة مسخ هوية العرب ودمجهم بشتى الطرق في المجتمع الصهيوني فجاءت وقفتهم هذه لتهدم أحلام اليهود ولتعلمهم أن جميع الأموال التي أنفقت في هذا الصدد قد ضاعت سدى وأن هؤلاء الفلسطنيين أصحاب هوية عربية وإسلامية.
ثالثا : كانت هذه المعركة من أروع الدلائل على وحدة الفلسطنين فقد نادت القدس فلبت غزة ولم تتخلف منطقة فلسطنية وظهرت أروع صور التلاحم في هذه المعركة ولم نر أحدا ممن هدم بيته أو فقد شهيدا يعود باللائمة على صواريخ المقاومة بل على العكس رأينا ذلك التلاحم الكبير والإضراب الذي شمل فلسطين لرفع الضغط عن غزة .
رابعا : أظهرت هذه المعركة الوعي العسكري لدى قادة المقاومة والقدرة العسكرية الفائقة التي أذهلت العدو وأثبتت فشل أجهزته وعلى رأسها أجهزة الاستخبارات والموساد تلك الأجهزة التي لم تكن تقدر لسلاح المقاومة قدره الحقيقي .
خامسا : هذه أول مرة تصل فيها المعركة إلى تل أبيب على مدى عقود متوالية وحروب متتالية لم تحارب إسرائيل على أرضها ولم يتمكن أحد من ضربها في العمق بهذه الصورة وهذا ما أرعد اليهود وأرعبهم وجعلهم يهرعون إلى المخابئ
سادسا : خسر اليهود هيبتهم وعن ذلك حدث ولا حرج فقد خسر اليهود هيبة سلاحهم المزعوم والموسوم بالقبة الحديدية والتي سوقوا لها على أنها أفضل سلاح دفاعي في العصر الحديث حتى أن أمريكا اشترت هذه المنظومة الدفاعية وربما كان الغرض من شرائها له هو التأكيد على هيبة السلاح وفاعليته في مواجهة صواريخ المقاومة والتي جاءت في هذه المعركة لتثبت أن قبة اليهود كذبة كبيرة روجوا لها كما روجوا لخط بارليف، وقد أظهرت الكاميرات فرار المستوطنين مذعورين مع أول رشقة صاروخية، وانهيار شعورهم بالأمان النابع من اعتقادهم بأنهم أبعد ما يكون عن يد الصواريخ الفلسطينية،مما اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بينامين نتنياهو للاعتراف بأن نجاح القبة الحديدية في التصدي للصواريخ بلغ 20% فقط.
سابعا : انتصرت المعركة بما تكبده العدو الصهيوني من خسائر فاقت حدود توقعاتهم وتصوراتهم ويكفي أن نعلم أنه قد تم غلق منصة تمار وهي أكبر منصة غاز لدى الصهاينة بما كلف الجانب الإسرائيلي 5 ملايين دولار يوميًّا، ناهيك عن ضياع الموسم السياحي و عن تكاليف التصدي لصواريخ المقاومة وعن تعطيل المحلات والأعمال وقد ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، عن مصدر في وزارة المالية الإسرائيلية، أن حجم الأضرار الناجمة عن 11 يوما من القتال في العملية العسكرية الحالية في غزة، المعروفة باسم "حارس الأسوار"، بلغت ضعف الخسائر خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع عام 2014 التي استمرت نحو 51 يوما،وذكر مصدر وزارة المالية الإسرائيلية أنه من المتوقع أن يصل حجم الخسائر التي سببتها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة على الاقتصاد الإسرائيلي إلى حوالي 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
ثامنا : كان اليهودو يحرصون على إظهار ان دولتهم المزعومة إسرائيل باتت آمنة وأنها جاذبة للاستسمار فتحطم كل ذلك بعد وصول صواريخ المقاومة إليهم ويكفي أن نعلم أنهم كانوا يتهيأون لعرض دعوات للاستمار في سواحلهم لاكتشاف الغاز وقد ولت هذه الأحلام مع دوي الصواريخ، ما يعني أن المستثمر الأجنبي لن يجد دافعًا للاستثمار في سوق متوتر يحتفظ بإنتاجه لنفسه.
تاسعا : أعادت آلاف الصورايخ والقذائف الفلسطينية الأمل إلى نفوس العرب والفلسطنيين والأمة أن النصر ممكن وأن الصهاينة كذبة تساندها الدول الغاشمة وأن غزة وهي مدينة وتحت الحصار استطاعت المواجهة فكيف لو توحد العرب .
عاشرا : أعادت الصواريخ قضية فلسطين والقدس إلى الحياة بعدما كادت تندثر وبعد أن نسيها أو تناساها العالم وباتوا يخططون لبيع فلسطين في صفقة القرن دون حتى مشورة الفلسطنيين .
حادي عشر : استطاعت تلك الصواريخ أن تلقي بالتطبيع والمطبعين ودعاواهم إلى مزبلة التاريخ.
ثاني عشر: هذه الصواريخ العادلة أثبتت أن الشعب الفلسطيني لا ينام عن قضيته فهو يطور إمكانته رغم فقره وظروف الحصار المفروضة عليه إلا أنه يدخر من قوته ولقمة عيشه ويصنع سلاحه الذي يتطور رغم كل محاولات إفشاله .
ثالث عشر : أثبتت عبقرية العقلية الفلسطينية التي تصنع من اللاشيء وتجعل من قذائف عدوها سلاحا يرتد إلى نحره وتحفر في الأرض لتجد مواسير الصهاينة الذين يحاولون سرقة مياه غزة فيحولون تلك المواسير إلى سلاح يعود إلى نحور عدوهم ولا يكتفي المقاومون بالحفر في الأرض بل يخوضون البحر ويغوصون لاستخراج حطام السفن في الحرب العالمية لتصنيع السلاح بحديدها وتلك إرادة لا تقهر ولا تهزم وعبقرية لا تعرف المستحيل وقد عكست الرشقات الصاروخية تطورًا في الكم والكيف،حيث ألقي عدد كبير من الصواريخ وصل إلى 1000 صاروخ في 24 ساعة فقط، 1600 صاروخ في 3 أيام، ما يعني أن تقديرات الجانب الإسرائيلي لقدرات المقاومة غير دقيقة، كما أن القدرة التصويبيَّة تحسنت بشكل رائع فنسبة الأخطاء في صواريخ المقاومة قلت بنسبة كبيرة عما سبق و أما مدى صواريخ المقاومة فبدأ يزداد، ما يعني أن شبكات الغاز والمياه والكهرباء لدى العدو الصهيوني باتت مهددة بالقصف والتعطل في أي لحظة، ما يعني توقف الإنتاج وارتفاع تكاليف تأمين تلك المرافق.
رابع عشر : حققت انتصارات سياسية عديدة فعلى المستوى المحلي أصبحت المقاومة هي الخيار والأمل للشعب الفلسطيني وألقت بما سواه من دعاوى السلام المزعوم مع مغتصبي الأرض وسفاكي الدماء
خامس عشر : أعاد قادة المقاومة بحسن تعاملهم ووعيهم كسب ثقة الجيران العرب مما جعلهم يتخندقون معهم حول قضيتهم فظهرت أدوار للبنان و لمصر وقطر في خدمة القضية ،وهذه من أكبر مكاسب المعركة فهذه اللحمة العربية هي من اهم عوامل النصر وقد ظهرت ميادين شتى للمعركة فكان هناك ميدان المعركة وميدان السياسة وهذه ظهر فيها دور شهد به الفلسطنيون للأشقاء في مصر وقطر .
سادس عشر : لعل من أروع النجاحات التي تحققت في الميدان السياسي هو ذلك التعاطف الذي اكتسبته القضية الفلسطينية عالميا و قد أظهرت المظاهرت في العديد من الدول هذا التعاطف بل وتعداها للحكومات واستطاع الفلسطنيون كسب تعاطف لم يسبق من قبل على المستوى العالمي .
سابع عشر : النجاحات التي حققها ملف القضية في الساحة الأمريكية باعتبارها صاحبة الدعم السابق غير المشروط لإسرائيل والذي حدا برئيسها السابق ترامب ليعلن أن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل فقد تراجع هذا الإعلان في خطابات بايدن وإن لم يتراجع تأييده لليهود ، وقد رأينا للمرة الأولى هذا العدد من أعضاء الكونجرس يظهرون المعارضة لدعم إسرائيل وقد جاوز عدد المعترضين المائة وقد كان هذا الأمر من الخطوط الحمراء التي لا يتعداها النواب ولا يجترأون على الحديث فيها فضلا عن المعارضة .
ثامن عشر : أظهرت المعركة الفارق بين صاحب الحق الذي يدافع عن أرضه بكل صدق وإرادة حتى رأينا الفلسطنيين يهتفون : يا حماس يا حماس أنت المدفع واحنا رصاص بما يمثل ظهير شعبي قوي للمقاومة ورأينا زوجة الشهيد التي تخاطب زوجها وهي تقول :اللهم خذ من دمائنا حتى ترضى وتخاطب زوجها بأني اعاهدك على أن أربي أبناءنا ليكونوا حراس الأقصى ، في ذات الوقت الذي رأينا ضابطا يجر أحد الجنود اليهود ليرغمه على الحرب والجندي يرد عليه :لا أريد الموت الفلسطنيون لا مشكلة عندهم وهم يستقبلون الموت أما أنا فأنا أريد الحياة وهذا الفارق ظهر للعالم أجمع بين حقيقة صاحب الارض والمغتصب .
تاسع عشر : تحطمت آمال الصهاينة في دعواتهم الجاذبة لدعوة من لم يأت من يهود العالم ليكون من سكان أرض المعاد حسب زعمهم بعد أن صارت دار أمان وأحلام لهم فالآن تتوقف الهجرة بل ظهرت دعوات للهجرة العكسية والخروج من إسرائيل وشعور يهود إسرائيل بالخطر وبالحياة المهددة سوف يكون له تأثير كبيرو طويل الأمد على قرار المستوطنين بالبقاء في إسرائيل، وبالطبع سيكون له تأثير على قرار اليهود الذين يحلمون بالحياة في إسرائيل باعتبارها جنَّة الأمن والرفاهية. وإذا سافر عدد من المقيمين، أو على الأقل لم يأتِ عدد كبير كما تريد إسرائيل، فإن متوسط الأجور سوف يرتفع لأن الأيدي العاملة ستكون عملة نادرة وبما أن إسرائيل دولة عسكرية في المقام الأول، فسوف توجِّه عمَّالها للجهات العسكرية جهات الإنقاذ والإغاثة، ما يعني خللًا في باقي المجالات والمرافق.
العشرون : الحصار الذي نجحت المقاومة في فرضه على اليهود لأول مرة حين تم إغلاق مطار بن جوريون، كما ألغت شركات طيران أمريكية وفرنسية الرحلات إلى إسرائيل بسبب الأوضاع فيها. كما أعلنت إسرائيل تعليق الدراسة في تل أبيب ومحيطها، وعلَّقت الرحلات الجوية في مطار بن جوريون، وتحويل الرحلات كافةً لقبرص مما جعل إسرائيل تبدو للمرة الأولى محاصرة.
الحادي والعشرون : إنهارت اسطورة جاهزية الجيش الإسرائيلي للقتال على جبهات متعددة في وقت واحد فمع الصواريخ التي أصابت عسقلان وتل أبيب اضطر العدو لتأجيل المناورة الأهم، مركبات النار، لمدة 24 ساعة ثم أسبوع، بالرغم من أن حدوث المناورة بالتزامن مع المواجهات في غزة كان يمكن أن يمثل دعاية جيدة لإسرائيل، لكن تأجيلها المتتابع أرسل رسائل محبطة للداخل الإسرائيلي جعلته يشكك في جهوزية جيش الدفاع المزعومة.
الثاني والعشرون : التأثير الذي أحدثته الصواريخ داخل المجتمع الصهيوني من شرخ وما جعلهم يزداودن هيبة للمقاومة وانبهارا بها وهذا ما صرح به واعترف وزير الدفاع الإسرائيلي السابق "أفيغادور ليبرمان" والذي قال : ليس إننا لم نحقق إنجازات في المعركة بل اليوم شكلت حماس جبهة داخلية داخل إسرائيل وقد نقلت وكالات الأنباء العالمية أنه منذ عام 2014 لم تشهد إسرائيل دمارًا كالذي شهدت في الأيام الماضية، من منازل مهدمة، سيارات محترقة، وإصابة منشأة نفطية ، وهذا كله أحدث شروخا نفسية ومجتمعية داخل الكيان الصهيوني ،وقد قال الصحفي الصهيوني سفي هندلر : " حماس ألحقت بنا الهزيمة الأكبر في تاريخ المواجهة معها، لم تنجم الهزيمة عن عدد صواريخ حماس بل بنجاحها في لسع الوعي الإسرائيلي، لقد جعلت حماس إسرائيل في نظر قاطنيها مكان غير آمن، عنيف، متفكك، وهذه ضربة قوية للأمة الإسرائيلية"
الثالث والعشرون : انتصرت المقاومة في معركة الإرادة فقد قال أبطالها :لن نوقف الضرب حتي يوقفوا إطلاق النار وقال اليهود :لن نوقف إطلاق النار إلا بعد وقف إطلاق الصواريخ وانتصرت إرادة المقاومة التي فرضتها بصبرها وثباتها وقوة يقينها وتلاحمها مما أعاد الأمل للنفوس وأحيا الوعي في الأذهان .
وهذا ما أجملته من مكاسب والأيام القادمة ستظهر مكاسب أعظم ونتائج أروع لهذه المعركة المباركة لأبطال فلسطين .