باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
الأديب فاضل متولي
هذا عنوان يحتمه النشر والعرض، ولكنني أفضل أن أضع لهذا المقال عنوانين آخرين: هما القصيدتان التان كتب إحداهما أحمد شوقي الملقب بأمير الشعراء، وكتب الأخرى الراحل الدكتور جابر قميحة شاعر وأحد أعلام الدراسات الأدبية والنقدية وأحد المفكرين المنحازين، كان ملء سمع وبصر الوسط الثقافي في فترة غير بعيدة.
ولولا ضرورة هذه الإشارة لما قدمت على القصيدتين شيئا من الكلام.
وسأبدأ حديثي حولهما بهما، فإليك:
قال شوقي:
رمضان ولى، هاتها يا ساقي
مشتاقة تسعى إلى مشتاق
ما كان أكثره على ألافها
وأقله في طاعة الخلاق!!
الله غفار الذنوب جميعها
إن كان ثم من الذنوب بواقي
بالأمس قد كنا سجيني طاعة
واليوم من العيد بالإطلاق
ضحكت إلي من السرور، ولم تزل
بنت الكروم كريمة الأعراق
هات اسقنيها غير ذات عواقب
حتى نراع لصيحة الصفاق
صرفا مسلطة الشعاع، كأنما
من وجنتيك تدار والأحداق
حمراء أو صفراء، إن كريمها
كالغيد، كل مليحة بمذاق
وحذار من دمها الزكي تريقه
يكفيك — يا قاسي — دم العشاق
لا تسقني إلا دهاقا إنني
أسقى بكأس في الهموم دهاق
فلعل سلطان المدامة مخرجي
من عالم لم يحو غير نفاق
(وطني، أسفت عليك في عيد الملا
وبكيت من وجد، ومن إشفاق)
(لا عيد لي حتى أراك بأمة
شماء راوية من الأخلاق)
(ذهب الكرام الجامعون لأمرهم
وبقيت في خلف بغير خلاق)
(أيظل بعضهم لبعض خاذلا
ويقال: شعب في الحضارة راقي)؟
(وإذا أراد الله إشقاء القرى
جعل الهداة بها دعاة شقاق)
•••
العيد بين يديك يا ابن محمد
نثر السعود حلى على الآفاق
وأتى يقبل راحتيك، ويرتجي
أن لا يفوتكما الزمان تلاق
قابلته بسعود وجهك والسنا
فازداد من يمن، ومن إشراق
فاهنأ بطالعه السعيد، يزينه
عيد الفقير، وليلة الأرزاق
يتنزل الأجران في صبحيهما
جزلين عن صوم وعن إنفاق
إني أجل عن القتال سرائر
إلا قتال البؤس والإملاق
وأرى سموم العالمين كثيرة
وأرى التعاون أنجع الترياق
قسمت بنيها، واستبدت فوقهم
دنيا تعق، لئيمة الميثاق
والله أتعبها، وضلل كيدها
من راحتيك بوابل غيداق
يأسو جراح اليائسين من الورى
ويساعد الأنفاس في الأرماق
بلغ الكرام المجد حين جروا له
بسوابق، وبلغته (ببراق)
ورأوا غبارك في السها، وتراكضوا
من للنجوم، ومن لهم بلحاق؟
مولاي، طلبة مصر أن تبقى لها
فإذا بقيت فكل خير باق
سبق القريض إليك كل مهنئ
من شاعر، متفرد، سباق
لم يدخر إلا رضاك، ولا اقتنى
إلا ولاءك أنفس الأعلاق
إن القلوب — وأنت ملء صميمها —
بعثت تهانيها من الأعماق
وأنا الفتى (الطائي) فيك. وهذه
كلمي هززت بها أبا إسحاق
وقال الدكتور جابر قميحة (يريد الرد على شوقي):
رمضان ودع وهو في الآماق *** يا ليته قد دام دون فراق()
ما كان أقصره على ألافه *** وأحبه في طاعة الخلاق
زرع النفوس هداية ومحبة *** فأتى الثمار أطايب الأخلاق
«اقرأ» به نزلت، ففاض سناؤها *** عطرا على الهضبات والآفاق
ولليلة القدر العظيمة فضلها *** عن ألف شهر بالهدى الدفاق
فيها الملائك والأمين تنزلوا *** حتى مطالع فجرها الألاق
في العام يأتي مرة..لكنه ..*** فاق الشهور به على الإطلاق
شهر العبادة والتلاوة والتقى *** شهر الزكاة، وطيب الإنفاق
لا يا أمير الشعر ما ولى الذي *** آثاره في أعمق الأعماق
نور من الله الكريم وحكمة *** علوية الإيقاع والإشراق
فالنفس بالصوم الزكي تطهرت *** من مأثم ومجانة, وشقاق
لا يا «أمير الشعر» ليس بمسلم, *** من صام في رمضان صوم نفاق
فإذا انتهت أيامه بصيامها *** نادى وصفق (هاتها يا ساقي)
(الله غفار الذنوب جميعها *** إن كان ثم من الذنوب بواقي)()
عجبا!! أيضلع في المعاصي آثم *** لينال مغفرة.. بلا استحقاق؟
أنسيت يوم الهول يوم حسابه *** حين التفاف الساق فوق الساق؟
وترى المنافق في ثياب مهانة, *** ويساق للنيران شر مساق
لا يا «أمير الشعر» ما صام الذي ***رمضانه في زمرة الفساق
لا يا «أمير الشعر» ما صام الذي *** منع الطعام، وهمه في الساقي
من كان يهوى الخمر عاش أسيرها *** وكأنه عبد بلا.. إعتاق
الصوم تربية تدوم مع التقى *** ليكون للأدواء أنجع راقي()
هو جنة للنفس من شيطانها *** ومن الصغائر والكبائر واقي()
الصوم - يا شوقي إذا لم تدره *** نور وتقوى وانبعاث راقي()
واسمع - أيا من أمروه بشعره *** ليس الأمير بمفسد الأذواق
إن الإمارة قدوة وفضيلة *** ونسيجها من أكرم الأخلاق
والشعر نبض القلب في إشراقه *** لا دعوة للفسق.. والفساق
والشعر من روح الحقيقة ناهل *** ومعبر عن طاهر الأشواق
فإذا بغى الباغى بدت كلماته *** كالساعرالمتضرم.. الحراق
وإذا دعته إلى الجمال بواعث *** أزرى على زرياب أو إسحاق()
لكنه يبقى عفيفا..طاهرا.. *** كالشهد يحلو عند كل مذاق
رمضان - يا شوقي - ربيع قلوبنا *** فيها يشيع أطايب الأعباق()
إن يمض عشنا أوفياء لذكره *** ويظل فينا طيب الأعراق