هيثم طلعت: إحالة المتشابهات إلى المحكمات في القرآن شرط لصدق الإيمان.. وعلينا التفكر وإعمال العقل

  • د. شيماء عمارة
  • الثلاثاء 18 مايو 2021, 03:23 صباحا
  • 750
د. هيثم طلعت

د. هيثم طلعت

قال الدكتور هيثم طلعت، الباحث المتخصص في الرد على شبهات الملاحدة، إن الذين يمن الله عليهم بالإيمان، سيتفكرون ليعلموا الحق، ويعلموا الغاية من الدين، وما لا يعرفونه سيتركونه لله يفصل فيه دون جدل أو حيرة، مع تمام التسليم بأمر الله.

جاء ذلك في أولى حلقات "المرحلة الثالثة" من دورة تحصين العقل المسلم ضد الشبهات والافتراءات على الدين، حيث حاول الدكتور هيثم طلعت، الإجابة على عدة تساؤلات، منها: لماذا الدين تحوم حوله الشبهات؟.. أليس الدين الذي بلا شبهات أيسر في دخوله من غيره؟.. وغيرها من الأسئلة التي تتعارض مع التكليف الإلهي.

وأضاف هيثم طلعت، أن الذين في قلوبهم زيغ، سيتبعون الشبهات، ولن يجدوا الإجابة على تساؤلاتهم، بل بالعكس سيخلد إلى الشهوات والكفر حتى يفعل ما يحلو له، أو أن يجد مكانة اجتماعية معينة عند إعلانه الإلحاد.

وأضاف طلعت أن الذين يكفرون بآيات الله، يتبعون الشبهات حتى يقعوا بالكامل فيها، والقرآن أقر ذلك بوجود المتشابهات ووجود الآيات المحكمات، ومن يكفر يحاول أن يضلل نفسه وغيره باتباع تلك المتشابهات في القرآن ومحاولة الخروج منها بنتيجة رفض الدين والانغماس في الكفر.

وأشار طلعت إلى أن الذي في قلبه زيغ يتبع الشبهات، ويقوم بتفسير المتشابه من القرآن كما يحلو لشهواته وأهواء نفسه، أما المؤمن فسيرى الحكمة الإلهية في المتشابهات من القرآن كما يراها في المحكمات من الكتاب، ويسلم بالكامل لحكمة الله ويطمئن قلبه له.

وأوضح أن من يسلم قلبه لله، سيرى المتشابهات فيها أوجه مختلفة للتأويل والتفسير وسيفهمها، وينزل المتشابه إلى المحكم، "أي يحيل ما جاء بالمتشابه إلى المحكم من الآيات حتى يعي تماما الحكمة التي أرادها الله من ذلك".

وضرب طلعت مثالًا على ذلك بمقارنة الآيات المتشابهة والمحكمة، وقسم ذلك إلى قسمين، آيات متلوة وآيات منظورة، ومن الآيات المتلوة: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" (62) – سورة البقرة.

وتابع: هذه الآية من المتشابهات، وحلها التساؤلات والشكوك، هل معنى الآية أن يكتفي هؤلاء بالإيمان بكتبهم السماوية وأنبيائهم فقط؟ أم أن عليهم الإيمان بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم، إذ لم تصرح الآية بذلك، فيجب إحالة هذه الآية للأخرى التي جاءة بسورة آل عمران – "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ".

 وشدد على أن ذلك يدل على أن بعد بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لن يقبل الإيمان إلا بما جاء في رسالته عليه الصلاة والسلام، وأن الإسلام هو الدين الحق.

وأشار هيثم طلعت، إلى أن منهج أهل الإلحاد وأهل الأهواء هو أن يأخذوا الآية الأولى ويتركوا الثانية، لأنها تعضد أفكارهم وأهوائهم، إذ يظنون إذا كان الشخص يعامل الآخرين بطريقة سليمة ولا يسيء لأحد، فهذا دليل على صحة معتقده وأنه بذلك سيكون في الجنة دون الإيمان بما نزل على محمد، وبالتالي هذا خطأ كبير يقعون فيه لإرضاء أنفسهم.

وعليه، قال طلعت، إن المتشابه فيه معنى الاختبار، هل تلتزم بالفهم الصحيح وتحيل المتشابه إلى المحكم أم تتجاهل المحكم وتتبع المتشابه وتقوم بتأويله وفق أهوائك؟، فمن أراد الإيمان، سيجد البراهين القطعية على صحة الرسالة ومن أراد الكفر سيتبع المتشابه ويقوم بتأويله وفق أهوائه.

أما القسم الثاني في الآيات المنظورة، لفت طلعت إلى الآيات التي تشير إلى الإنسان وإتقان الخلق والإبداع في صنع الخالق، حيث يقول الإنسان المؤمن أن الله كما خلق الإنسان على أفضل تصوير هو أيضا خالق المرض، ويعرف في نفسه أن الله ما خلق المرض إلا لحكمة، وأن لله أسباب في خلق الأمراض والتشوهات.

 أما غير المؤمن والملحد، فيتبع ضلالاته في هذا، فيكفر بالله ويكفر بما خلق الله من مخلوقات وهو لا يحاول التفكر في حكمة الله في خلقه، بحسب تصريحات هيثم طلعت.

ويضيف: الله يخلق النبات في الصحراء القاحلة كي تكون غذاءً للحيوان والطير، لكن الكافر لا يرى حكمة الله التي أرادها ولكن يتصور أن هذا النبات قد خلق عشوائيا بلا فائدة، وهو لا يفهم الحكمة الإلهية من ذلك، وغير هذا كثير من الأمثلة.

وأوضح طلعت أنه من الطبيعي أن تظل أشياء غير مفهومة وعلينا أن نشكر الله على ما أعطانا من نعم ولم يطلب منا أن نسدد حق النعم التي أنعم بها علينا، مؤكدًا أن الفائز من استدل بما يعلم على ما خفي، والخاسر من جعل مما يجهل حجابا يحجبه عما يعلم.

وفي إجابة عن سؤال: لماذا لا يوجد دليل واضح كالشمس على وجود الله، كأن نرى الله حتى يؤمن الجميع؟!.. قال  الدكتور هيثم طلعت، إن المحكمات من الكتاب هي براهين ودلائل كالشمس ولا يعرفها إلا المؤمن المتفكر، وعليه جاء التكليف بالنظر والتفكر وإعمال العقل.

أما برؤية الإله فهذا إيمان اضطراري، لأن من يرى الإله سيكون مضطرا للإيمان به دون إعمال العقل ولا التفكر، وحينها يكون التكليف ملغيا ولا حاجة للتفكر، وبالتالي هذا ليس الإيمان المقصود الذي أراده الله لعباده.

فالإيمان الحقيقي هو إيمان اختياري تكليفي، حتى معجزات الأنبياء هي للتفكر والتحقق من آيات الله، لكن الكافرين والملحدين يرون في تلك المعجزات سحر، إذ إنهم لا يتبعون المحكم ولا البراهين، ولكن يشغلون أنفسهم بقضية السحر حتى يتماشى مع أهوائهم: يقول طلعت.

واستطرد: الإيمان في الأساس هو الإيمان بالغيب، حيث يستند على أدلة عقلية وبراهين قطعية وحسية، وبإحالة المتشابهات إلى المحكمات يكون المؤمن قد صدق في إيمانه بالتدبر والتفكر، عكس الكافر الذي يزداد كفرا وطغيانا.


تعليقات